المأزق أنها لن تفهمني ’ والمأزق أنني لا أستطيع التوضيح لها
لجأت هــي الى الصــمت الذي يختبيء وراء عاصفة مدمرة
أسمها الحســم ، ولجأت أنا اليه أنسحابــاً
عَرِفت بالصــدفة اللعيـنة لقائي بالمرأة الاخرى .. ذلك الشبح الذي
فرض حــضوره علــى علاقتنــا ، وكنت قــــد نــفـيت أمامها أمكانية
حدوث اللقاء . وقد عَرفَت أن الصـدفة جمعتنا مــرة أخرى ضمن مقتضيات
العمل فــــي لــجــنـة مشـــتــركــة
وكان من الواضح انها لاتديّن لقاء العمل ، بل تَطلب توضيحاً لكذبّي . ومُبرر
اللقاء مشروع ولا غبار عليه ، وأشعرتني بأسلوبها الواضح الخطير أن
وراء كــذبتي البيضــاء نــيــة سوداء ... ولاول مرة في تأريخ حياتنا
الزوجيه تــلجأ الى الصمت المطبق على غير عادتها ، فقد كانت تتفجر
لأي سبب تدعي أنه يحصرها في خانة الزوجية الابدية ، وكنت أنفجر
غضباً لكل تطاول على حدود رجولتي داخل مؤسسة الزوجية ، وكان
صراعنا النقابي هذا يؤكد رغبة كل منا في أن لايتنازل عن حالة البطولة التي
سبقت الزواج ، وكان كل منا يقدم بعض التنازلات بعد مشروع صلح جديد
رغم توتري الشديد ، وقلقي من نتائج هذا الصمت ، الا أنني كنت مرتاحاً - لهذا
الحل المؤقت - فأنا لا أستطيع مواجهة الحالة بالحسم كما انني أسير حالة لا
لإ أستطيع التحرر منها بسلطة المنطق ، والآضطراب يحتويني كلياً ، والصراع
يشدني بين قطبيه المتنافرين مولداً حالة تمزق مؤلمة . لـــقد فجرت بي تلك
الــمرأة - الشبح - أشواقـاً تستدعي رجولة الرجل دون سابق مقدمات ،وينساق
اليها دون قدرة تحكيم المنطق . وتفجر بي زوجتي ذلك الانشداد للاختيار
لحب العمر ... للألفة ... لقد احببتها دائماً بهدوء وعذوبة ، فغاب عن لقائنا ذلك
الصراخ المجنون لهوى الشباب الاول ، والتقينا رجل وأمرأة ناضجان ، ينظران
بأتجاه واحــد . لأ أستطيع أن اتوجع حبا بها لانني لا أستطيع التنفس بعيداً
عنها ... أما الاخرى فكانت وجعاً منذ البدء .... كــانت شوقــاً لايطال
وغلبني الشوق الى أمراة بعيدة أستدعت رجولة مدفونة بين ملفات مهمات
البيت الزوجـــي... وكأنني ملـلت فجأة كل متطلبات هذا البيت ، مللت التسوق
اليومي ، وضجيج آلة الغسيل وارتطام أطباق الطعام وبلاهة السطل والممسحة
ووجه امرأة متذمرة ... وجائني وجه المرأة البعيدة يطالبني بالتحرر
هل استطيع ان اوضح لزوجتي هذا المأزق ، هل تستطيع - هي - ان تفهمني
أم سيقف بيننا حاجز الكرامة وانهيــــار الولاء ! ؟
هي كاذبة مثلي... وادركت قبلي كيف تشققت شفاه الحب في البيت الزوجي
القائم على صراع نقابي تاريخي ، وكيف فقدت عواطفنا شهيتها بين اكوام
الاطباق الوسخة واختناق غرفة النوم برائحة الثوم والبصل وأحتراق الزيت
في المقلاة . هـــــي كــــاذبة مثلي .... فكلانا لايعترف للاخر بالشوق الى
نداء الحب الى لقاء الرجل والمرأة في بستان أخضر . وكلانا يكذب حين يصمت
ولا يعترف بأن الحب بيننا قد سقط في حوض غسالة الملابس ، وأننا نسينا
تعريضه لشمس ليشفى من الرطوبة والنزلة الصدرية
هـــي كــاذبة قبلي حين تهرب الى الصمت وتصادق نفسها بعد ان فقدتني صديقاً
وصدى للحوار ، وهي تكذب وتلجأ الى الصمت خوفاً من ان تفهمني فيحرجها
الصدق ونقع في غباء المقارنة
أمـــــــا انــــأ .... فأكذب مثلها والجأ الى صمتها هروباً من التوضيح وخوفــاً
من حســم غير مهيء له
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق