الخميس، 28 مايو 2020

كي لاتمل الانتظار

موعد


مركب السفر تلوح

وقلبي الحزين... يغني من جديد
وترقص الاحزان
وتخمد النيران
وتزهر الدنيا
وتلبس اثواب عيد
بعودت الحبيب
من طرقات السفر انها تنتظرك
تحت المطر
بين الرعود
تستظل الشجر
فلا تتاخر
قد تمل الانتظار
فتعشق حبيباً يسمى الضجر
للفرات امتداد الرماح

وللدم لون الفرات
وللشعر قامة وطن
تكسر كل الرياح
فأبدأ  من هنا
للعراق أنتمينا 
نتبارى  بالسماح 
وللحلم الذي حملناه
حباً وجرحا نبيلا  
يملاْ الارض صهيلا
نرفع الاعلام سلاما
 جيلا،، فجيلا
بين الاضالع يحتمي وهج
من نبض قلبي يشتكي طربا
عشنا ليالينا معطرة
تزدان  بالعشق الذي  وهبا
ايام كنا نلتقي ولنا
نبع يروينا وما نضبا

الأربعاء، 13 مايو 2020

النقش على السراب



فارقته عشرين عاماً ثم لقيته  فأذا به  هو هو ! أمتلأ جسده شحماً ولحماً
ولكنه ظل على ماكان عليه . لم يزد في علمه شيئاً ولا أتسع أفق معرفته
فهو لم يزل ضمن الحيز الضيق الذي كان حبيس اطاره رغم ان عمره
زاد بمقدار عشرين من السنوات  ! ترى الم يقرأ كتاباً  ولاسمع ملحنة 
ولم يطلع على رسم ؟ كيف قضى تلك السنوات العشرين خاضعاً لتلك
الافكار التي كـان يلوكها فـي ذهـنه قبـل ان يكــلـل الشـيب رأسـه ؟
كيـف تسنـى للانسان ان يبقى هكذا خارج نـطاق الزمان والمكان ؟
نعم ، قد يـكون ازداد خبرة في التعامل مع السوق وشؤون الحياة العامة
وبأساليب الربح والخسارة ، لكنه مازال يجهل الفرق بين الضاد والظاء
وبين كوته  وكويتيه ويخلط بين نجيب الريحاني وابي الريحان البيروني
ايــجمل بالمخلوق الواعي الناطق الذي هو الانسان ان يضع نفسه بمنأى 
عن  القيم الثقافية والفكرية ، مع انها لاتنقطع عن فرض نفسها عليه
شـاء ام ابى ، في جريدة او مجلة او خلال مذياع او شاشة تلفزيون؟ 
حتى الصغار عرفوا ان دانيل ديغو  هو مؤلف رواية - روبسن كرزو 
وان ريمسكي كورساكوف هو ملحن قصيدة -شهرزاد-السمفونية وان كويا
هو الذي رسم لوحة ((المايكا)) ، أما هو ، رغم ادعاءاته العريضة وتبجحاته
التي لانهاية لها وتكراره القول : انا ،أنا - فما زال بعيدا عن هذه الشؤون
كأنه أبن كوكب أخــر  ،  أنــــا لا أشير الى المواطن الذي تستغرقه 
شؤون الكدح اليومي ولا الى ربة البيت  المنهكة بمتاعبها اللانهائية 
ولكن شخصاً له تناس يكاد يكون يومياً بعالم الصحافة  والنشر على نحوهما 
غير مغفور له الا يضيف الى حصيلته الثقافية ولو بعض الخطوط العامة 
والمعالم البينة التي لا استطيع ان افهم كيف لكون الحياة غنية خصبه بدونها
ان من الميسور لصاحبنا ان يعرف خير الاساليب لاقتناص الدينار والسعي 
اللاهث وراء السلعة التي يمكن ان يكسب ببيعها ثانية ربحاً اكبر  ولكن 
للثقافة حقها على الانسان ، فهي ليست نوافل يمكن تجاوزها والاستغناء 
عنها ، وهي جزء مكمل لشخصية المواطن ليس بمقدوره الحفاظ على حقوقه
وواجباته بدونها ، ومن حق المواطنة الواعية ان يكون لصاحبها حد ادنى
على الاقل من المعرفة مهما قل كمها ، تكون معواناً له في ادراك المعنى 
الحقيقي للاشياء واضفاء لون الحياة ، بدونه تكون داكنة مجدبه معتمه 
أن صاحبنا - وهو ليس شخصاً بالذات - وهو كائن بلا اسم ولا هوية 
لايحق له الانخراط في سلكنا ، نحن الذين نعمل ، ونفكر ، ونحلم ..نحلم
حتى بأن تكون لنا القدرة على الكتابة فوق الماء والقبض على الريح 
والنقش على السراب ،


الأربعاء، 6 مايو 2020

سواد العين

سواد العين
امسك بي الطبيب من عيني ،  اقتادني الى بيت أسراره  ، كان مزوداً بكل ما يحتاجه
الحكيم  ،  لاصلاح  خلل ما أصاب البصر عند شاعر البصيرة
أردت أن أقول له :
أنا ، كما  ترى أيها الحكيم شيخ في السبعين . وعيناي لاتستحقان كل هذا العناء .. !
فعن قريب  يأكلهما الدود
قال وهو يعبر بي الى صومعته  :   واضح من عينيك  ، أنك رأيت كثيرا  ... وها أنت الان
تريدني أن أساعدك على ان ترى عماك بعينيك ...   أوجــعني قوله ،   وفكرت  ( ليس العمى
لعبة ..أنه يحرم صاحبه من التميز بين الاتجاه من اليمين  أو اليسار .. وسلبه  حقه في  أن
يسير  كما يسير المبصرون الى الامام من  دون تعثر  أو  ارتباك
الخلاصة  : أن العمى يوقع صاحبه في الشكوك ، ويعرضه للشفقة أحيانا والازدراء
قلت بصوت عال  :
قد يكون العمى عدا هذا كله زينة  ، وتمثلت وجه أبي العلاء ، وبشار بن برد ، وطه حسين
وكل العميان الذين أفادوا  من عماهم  لأنهم لم يقعوا في المفاجأة  ولم يستأنسوا  بأرتكاب
الخطأ  والخطيئة ...  وسمعت الحكيم يقول
هذا كله بسبب الكبرياء والفجاجة ، لقد  كنت دائما تحاول ان تجعل عينيك تنوبان
عن لسانك وشفتيك  !!
ماذا كان بوسعي ان اقول له  ؟  .. كان قد أجلسني على اريكة تشبه سنام الجمل  وكنت
أجد نفسي غريباً ومضحكاً  ، أحاول أن أخفي خوفي  ، مما  انا مقبل عليه ..حين
أغدو  فجأة مهددا بفضولي وذاكرة عينيّ المدربتين على الحب .. وتذكرت فجأة 
نخل العراق  والتمر والقصائد القديمة ... وقال الحكيم بنبرة مهينة  : عليك  الآن
ان تفهم حالتك جيداً  ، أنت بسبب رثاثة جسدك ، ممنوع من الاستفادة
من ( البنج العام ) ، ولهذا ستخدرك (بأختصار)  وسيكون عليك آنذاك ان تختبر
قدرتك على أن لاتصيح  (آخ ) ....     ضحكت وحاولت فعلا ان أصيح ، فخذلتني
حنجرتي وتشاغلت عن أحساسي بالذلة  في محاولة التمييز بيت خدر الجسد وخدر الروح
كانت عيني اليسرى قد صعدت في رغوة الخدر  الى قمى رأسي ... وبدا  لي أني الآن في
الصف الرابع من دار المعلمين العالية  ، وبين يدي ديوان ( الحماسة ) لابي تمام
وسمعت الفتى  الذي كنته  قبل عشرات  الاعــوام ينشد  :
بكت عيني اليسرى فلما زجرتها      عن الجهل بعد الحلم أسبلتا معاً
لقد كان الصف يصغي اليّ  وكنت موشكاً على الاستطراد  ، لولا  أن قاطعني استاذ النقد
الاصلع وسألني عن رأيي في العين اليسرى حين تبكي وحدها ، لم يكن ذلك غريباً أو  باعثاً
على دعابة  ،  قالت الزميلة الجالسة الى يساري
بل على العكس انها صورة تثير الخيال  ..  أن جسدي يقشعر
وسألها الاستاذ     :    حتى لو كان التفسير   هو أن الشاعر  أعور ...؟؟
وضحك  ، ثم ضحك الطبيب من بعده  ، وضحك مساعده ، وأمتلأت عيني  اليمنى
بالدموع ... وفكرت   في أنني قد  أحرم حين اصبح اعمى من جمال بلدي  ، وخيل  لي
ان صبياً ينشد  في تحّية العلم (هل أراك ؟ هل أراك ..سالماً منعماً .. وغانماً مكرماً ).. و
أحسست بالطبيب يحتز جلد عيني ففاحت  اثر ذلك رائحة  زهرة على وشك الذبول
فرحت اردد مشجعا نفسي ... ابيات للشاعر محمد مهدي البصير
سواد العين ..ياوطني فداك           وقلبي لايود سوى علاك
رضعت مع الحليب هواك صرفاً      فعززني وشرفني هواك
وسمعت اصوات هتاف وتصفيق
وامتلأت عيناي بالنور

الأحد، 3 مايو 2020

الفرنسي لابرويير (الاطباع أو أخلاق العصر)


لما ("كان - الكتاب -يتضمن اوصافا تخص كل زمان ومكان ، فعلى الارجح ،لن يلف 
النسيان هذا النتاج أبداً )" هذا ماكتبه الاديب الفرنسي الشهير فولتير عن احد مؤلفات
الاديب والمفكر الفرنسي  لابرويير الموسوم (الاطباع او اخلاق عصر) يتوفر هذا الكتاب
بنسخة قديمة شاحبة اللون تضم مائة صفحة من الحجم الصغير لكل من جزئي الكتاب 
الذي كان فيما يبدو مهيئاً للاستعمال الاكاديمي الدراسي . لكنه بقي مرجعا سريع الاستشارة
بمواضيعه المبوبة وما حملته من انطباعات انسانية وتحليلات عميقة للنفس البشرية . مع
تعريفات دقيقة مفعمة  بالايماءات الذكية واللاذعة بان واحد . لمختلف النماذج البشرية 
وفق تخصصاتها ومستوياتها 
ولقدر مايغور المؤلف في اعماق الانسان  فانه يحتفظ في الوقت نفسه بطابعه المعاصر 
وتصح فيه توقعات فولتير ... وقبل تقديم بعض المقتطفات المختارة من الكتاب يجدر ان
تعطي لمحة سريعة عن حياة مؤلفه (لابرويير) الذي رحل قبل ثلاثة قرون وتحديداً في 
عام 1697 عن عمر لايتعدى الحادية والخمسين سنة استطاع خلالها ان يخلف اثراً ذا
شان في الادب العالمي ، شق طريقه في وقت مبكر ، فحصل على شهادة الليسانس 1665
وهو في سن العشرين دخل برلمان باريس محاميا عام (1673)  وكان مقلا في المرافعات
اختير عام 1684 ضمن اساتذة النخبة لتدريس دوق بوربون .  ظهركتابه (أخلاق عصر)في
مطلع عام 1688 متزامناً مع ترجمته لكتاب (الطباع) للاديب اليوناني (ثيوفراست) وكان
قد عرض مخطوطة  كتابه  على (بوالو) وهو من  ادباء النخبة  في العصر الذهبي الذي 
ورد  له تنويه عن المخطوطة  في رسالة بعث بها الى الكاتب المسرحي (راسين) تحمل 
تاريخ 19-5-1987 ومالبث ان حقق الكتاب رواجاً شديداً فصدرت طبعته الثامنة سنة 1694
اي بعد عام من تتويج لابرويير عضوا في الاكاديمية الفرنسية في 15 حزيران  1693
في غضون الاعوام 94 - 1696 انجز لابرويير اخر كتاب في حياته حوارات في مذهب
الطمأنينة ( نهج تصوفي يرى ان الكمال يقوم على حب الله وسكون الروح ) ..  وكان 
يقرأ بأعتزاز بعض صفحاته على (انطوان بوسويت)  مطران ابرشية مو .. كان ذلك قبل 
يومين من وفاته المفاجئة متاثرا بجلطة في الدماغ قي ليلة 11 مايس  1696 رحل وهو 
في اوج عطائه 
تتمحور موضوعات الكتاب بجزئيه على ابواب مختلفة نذكر منها  : الانسان  ، الخطابة ،
الملك  ، العظماء ، الاحكام ، الموضة  ، وغيرها من الابواب التي ترشح الكتاب كونه 
جديراً بالترجمة  ، ونقتصر هنا على مقتطفات  منها 
ثلاثة احداث لأغيرها تمر بالانسان ، الولادة ، الحياة  والموت ، 
لايشعر عندما يولد، يتألم حتى الموت  ينسى ان يعيش حياته 
الاسف الذي يراود الناس على سوء استعمالهم للوقت الذي مضى ..
قلما يؤدي  بهم الى حسن استخدام الوقت المتبقي من حياتهم 
هناك من يخشى الشيخوخة ليس لسبب سوى لكونه غير واثق من بلوغها
ليس هناك شيء مثل الحياة اكثر مايحب  الناس  الاحتفاظ به 
ولكنه اخر مايهتمون  في المحافظة عليه 
احيانا لايقتضي الامر سوى ، بيت لطيف يرثه المرء ، اويجد نفسه فجأة 
مالكاً لحصان  أصيل او كلب جميل ، او مجموعة سجاد او ساعة جدارية 
لتهدئة الم كبير لديه  ولتخفيف المعاناة من مصاب جلل
من يقول بأنه لم يولد سعيداً ، كان في الاقل بامكانه ان يكون كذلك بالاحساس
بسعادة اصدقائه واقاربه لكن الحسد يحرمه من هذا المصدر الاخير للسعادة 
الحياة قصيرة ، نمضيها كلها في التمني ، يرجيء المرء  راحته وافراحه الى
المستقبل ، أي الى العمر الذي غالبا ماتختفي فيه افضل نعم الصحة والشباب 
يحل هذا الوقت ليفاجئنا ونحن مازلنا نتمنى المزيد ، وأذا بالحمى تصارعنا 
وتطفينا ، وحين نشفى منها نعود لنستغرق في التمني 
اعلم بالتحديد مايمكنك ان تنتظره من الناس عموماً ، ومن كل واحد منهم
بخاصة ، ثم أرتم في عالم المجتمع
ماأغربهم من أباء ، اولئك الذين يمضون عمرهم ، على مايبدو، 
وهم يعدون اسباب العزاء عن وفاتهم 
يأتي الموت مرة واحدة ... غير انه يجعل الناس تحس به 
في كل وقت ، حتى غدا الخوف من الموت اقسى من تحمله
هؤلاء الاولاد  متعجرفون ، كثيرو الاشمئزاز غضوبون حسودون
فضوليون ، مصلحيون ، كسالى مخوافون ، مزاجيون ، كًذبه ، 
منافقون . سريعو الضحك والبكاء ، لتوافه يفرحون  دون اتزان
أو يحزنون بلا حدود ، لايتحملون  اي سوء بل يحبون الاساءة 
هكذا هم هؤلاء الاولاد -  هاهم منذ الآن قد اصبحوا اناساً كبارا