الاثنين، 21 أكتوبر 2019

حــكايــة وكأنها أساطير




لماذا تبتعد الآزمنة السعيدة  وكأنها أساطير وحكايا تحتضنها كتب وألواح قديمة؟
سؤال مثل هذا وغيره يدفعني للبحث في خبايا الايام عن  سعادة تطوق الكون كله
في لحظة كنا فيها معاً ، أنا  وانت
دائماً انظر الى الايام وكأنها امرأة تضع حساباً لكل شيء  وتملك دواليب كثيرة
وفي كل دولاب تخبيء شيئاً جميلاً ، فأذا ما أرادت أن تتيح للغير فرصة أن يروا
بعض سعادات قديمة ، أخرجت من تلك الخبايا بعض لحظات جميلة .. واعلنت
بصوت رقيق  :  أنظروا أو تذكروا أو ربما تعالوا 
لتقاسموني بعض ماعندي 
هكذا هي الايام .... ذكرى وحزن  وسعادة وفرح وأشياء أخرى ... صور متلاحقة
هي حياتنا مخبأة في ذلك الدولاب وما علينا الا أن نستخرج  ما نشاء وقت مانشاء
وهكذا أنا  ، كلما يهزني الشوق اليك مثل شجرة  صغيرة تهزها   ريح الخريف ،
هرعت الى أزمنتي السعيدة أبحث فيها عنا ، نحن الاثنين .. وحين  أبحر اليها  حقاً
أجدني وكــأني أقرأ لأسطورة بابلية أو  سومرية  ، أو أيــة أسطورة  تنهض من كتب التأريخ ..
ذات صباح يعبق بنسيم جميل ، كنت قد قررت أن أزرع خطواتي في الطريق  المؤدية
اليك ... سرت في ذلك الشارع المطرز بحدائق أنيقة وورود متناثرة  كان كل شيء  يبدو
جميلا ، وفجأة وجدتني أمامك أمام عينيك ... رحت أتحدث اليك ولكن دون  ان اقول
كلمة ، ورحت تسمعني بهدوء مثل ما أعتدت أن تسمعني في  كل مرة ، قلت لك  :
-- أشتقت اليك ... وسكت ...
ثم انهمر شوق أخر جديد مثل المطر ... أحببت صمتك الذي كان يغلف بركاناً من
الاسئلة والحنين  والشوق .. اشتقت الى عينيك اللتين لم يخفت بريقهما  ذات يوم ،
لأنهما عينان لم تعرفا غير الحب ...
قلت لي ،  وقلت لك ، بصمت جميل .. كان كل من يرانا يوقن تماماً بأنه
 أمام عاشقين من طراز خاص
ماأجمل ذلك الصباح .. في ذلك الصباح كنت  أراقب كل واحدة تنظر اليك  بعينين
جامحتين .. لم تدب الغيرة الى قلبي ،  بل بالعكس كنت أشعر بأن الغيرة تستقر في
نظرات الأخريات ... شعور لايوصف بسعادة طاغية مثل موج البحر ...
مـــرّ زمن طويل .. وجاءت بي الايام الى حيث أنا الآن  ، وأبتعدت بي الذكرى الى
ذلك الصباح الندي ،  ولفرط سعادتي خلته أسطورة ..وربما هو كذلك حقاً ..لا
أدري ... فـــهـــل تـــدري أنــــت   !؟!
أي بحر شاسع يفصل بين ذلك الصباح الجميل وبين شوقي اليك في هذه اللحظة ؟
بل  أي بحار شــاســـــــعة
وطن أنت لقلبي الصغير  ، فهل تدرك الغربة التي يعيشها قلبي من دون أن تكون معه ؟
اشتقت اليك ... مثل أشتياق النوارس لشاطيء البحر .. بالرغم من انك معي تسكن قلبي
وصورتك في عيني لم تفارقهما أبداً  ، ولن تفعل ، وأحمل أسمك قلادة تطوق جيدي ..لكنني
أشتقت  اليك

السبت، 19 أكتوبر 2019

البكاء "أشفاق وعرفان "



يقال أن دوافع البكاء  تنحصر في نقطتين رئيسيتين : الاشفاق على الذات 
والعرفان في الجميل . بالنسبة للنقطة الاولى سنعود الى عبارة  جون دونز
المعروفة ( لاتسأل لمن تُقرع الأجراس) ، أننا نحزن على فنائنا 
والثانية  البكاء المرح وهو بكاء عرفان الجميل : وعرفان الجميل  يكون
لشيء قد يكون جميلا للغاية في هذه الحياة ، وهذا هو السبب الذي من أجله 
نبكي لدى مشاهدة الأعمال البطويلة  والانتصارات ، أو الاحتفالات الحماسية
وان كانت لاتضاهي تقديرنا لعرفان الجميل تجاه شخص رفعنا عن الحضيض
أو شخص آمن وقدّم ايمانه لنا 
ولم تتغير الناس في عصرنا الحاضر ، فهم غير قادرين وفقا للتقاليد التي نشأوا
عليها على اظهار ضعفهم أياً كانت العوامل التي تتصارع في نفوسهم . وهذا
التوتر الداخلي هو أحد الأسباب التي تساهم في اصابة الانسان بأمراض ارتفاع
ضغط الدم والانسداد التاجي  وغيرها . أن عدداً من المرضى تعوّد أن يكبح 
ليس فقط دموعه بل جميع مشاعره الأخرى . ولكنهم حين يكتشفون بأنهم 
يتقاسمون مع الاخرين انسانية مشتركة تثير اهتماما  مشتركا ينتج الدموع 
المكبوتة التي تبدأ بالتدفق من المآقي . وهكذا فأن أموراً عديدة تحرّك مشاعرنا
وتدفعنا للبكاء  . فنبكي عند سماع الاناشيد العسكرية ونبكي عندما نسمع بأفعال
نبيلة . ونذرف دمعاً للتعبير عن عرفان الجميل الأبدي  عندما يبلغ الانسان في
النهاية كوكبا بعيد المنال ..واذا وجد في الحياة العقلية عنصران متعارضان 
فقد يترتب على هذا التعارض  كبت أحد هذين العنصرين .فأذا كان لديّ ميعاد
لا بد أن أحافظ عليه . لكن أذا كان هذا الميعاد مع شخص أتضايق من مقابلته 
كثيرا مايحدث أن يُنسى هذا الميعاد . عملية فصل هذه الفكرة من الشعور الى
اللاشعور تتم عادة بطريقة لاشعورية ،بدون قصد . لذلك يكون الشخص في
الغالب مخلصا عند اعتذاره بالنسيان لكن الطرف الآخر وان قبل الاعتذار 
ظاهريا، الا أنه لايقبله بينه وبين نفسه  قبولاً كاملاً على الاقل ، لابد لنا أن نفرق
بين نوعين من النسيان : أحدهما النسيان بالترك  وهذا يحدث بالتدريج ، كما 
يحدث في نسيان كثير من المعلومات . أمــا الثاني فهو النسيان بالكبت وهذا 
يحدث بسرعة كبيرة وبطريقة فجائية ، لكن هناك قضية : التعبير عنها لاينفع 
معه الكبت ولا النسيان ، كثيرا مايعبر عنها بالبكاء فما هي ؟
 يتعامل صاحبها مع الغير  ومع الحياة ( emotional) الشخصية العاطفية 
بشكل عام بعاطفته أكثر مما يتعامل بعقله ، في حالة التضارب بينهما فأنه  يغلب
حكم العاطفة على العقل ، لذلك فأن أقواله وأفعاله تتسم بالمزاجية والاندفاع 
صاحب الشخصية العاطفية شديد الحساسية . مرهف الشعور لما يجري حوله
يحمّل نفسه مجالا اوسع من التحسس بموقعه الحياتي  وعلاقته مع الناس والمحيط
لهذا فأن انفعالاته العاطفية لاتنحصر في القضايا الشخصية بل تمتد الى القضايا 
 .العامة والانسانية بشكل عام  : منها قضية الامام الحسين عليه السلام البكاء نعمة
نفسية ذلك عندما يكون متنفسا لكثير من الضغوط التي تذوب في الدموع  تنزل 
بحرقة على فرصنا الضائعة وأحبتنا الذين غادروا الى الاخرة ، على مصيرنا  
المجهول وسط تلاطم الأمواج الحياتية المختلفة . لكن البكاء على الامام الحسين
هو قضية التـــواصل مع الاسلام ديناً ودنـيـا
وهو يطهّر دواخلنا من الامراض والعُقد
فالحسين عِبــرة وعـَـبرة


السبت، 12 أكتوبر 2019

قصص الازياء وعاداتها


من الخطأ ان نحسب الازياء عادات اجتماعية ، لن هذه  العادات مشدودة بالتقاليد 
الموروثة ، بينما الأزياء تتوكل على تقليد المعاصرين مهي كالحضارة لاتموت 
ولكنها تهاجر من بلد الى بلد ، وتتأثر انماطها باختلاف  الجيوب والبيئأت  ،
فالملابس -  كوليدة مجتمع - ربما تجعل من لابسيها لغزاً يصعب النفاذ الى كنهه
وقيل انها ما استخدمت الا لستر العورة ... ولكني اعتقد ان لا عورة لمن كان 
طاهراً بريئاً من الذنوب  والمعاصي . ومن المؤسف ان تتفاقم هذه الذنوب بعد
خروج الازياء النسائية من باريس تتحكم بالعورات ، وبعد ان اصبحت لندن 
محور الاذواق الرجالية في هذا المضمار . وقد ساد هذا 
المظهر  الفاسد كل مكان
منذ ظهور اولى  محلات الأزياء في باريس عام 1672 م . وخضوعاً لهذا 
التقليد الوافد -  ولو بتعديل طفيف - أصبحت المرأة العراقيه (البطرانة فقط) في
دوائر الدولة ، وفي الوسط التربوي ، وفي الميدان الصناعي كالمرأة اليابانية
المعاصرة ترتدي ثياباً تعبر عن أخر صرخة أزيائية في روما وباريس وبون .
ولكنها بعد ساعات العمل ترتدي في بيتها اوسخ دشداشة او نفنوف .. وأعتادت
المرأة ، حيثما تكون ، أن تتجاوب في أختيار ملابسها مع الألوان  التي تلهب
مشاعر الرجال . وقديماً سئل اعرابي عن الوان الثياب ، فقال   :  الصفرة  اذا
اختلطت بلون اخر ، والحمرة أجمل ، والخضرة  أنبل ، والسواد أهول ، والبياض
أفضل ، وأستقر الأجماع الذوقي عند العرب عن ان اللون الابيض  يرمز الى
النقاء والطهر ، وأن الألوان التي تشعر الناظر بالدفء هي القريبة من  الأحمر
والأصفر ، والتي تشعر بالبرودة هي القريبة من  الاخضر 
والأزرق .
وأمـــتد نفوذ الألوان الى ايام الحداد على الميت ، ففي المشرق العربي اتخذ الناس
الثياب الزرق والسود شعاراً لحدادهم .. بينما أستأثرت الثياب البيض في المغرب 
العربي والاندلس بالمناسبات الفاجعه ... ومن المعروف ان ثياب المرأة ، في جميع
العصور ، لم تقنع بلون واحد ، فقد شوهدت النساء في بغداد خلال القرن الرابع
الهجري  وهن يلبسن الثياب الملونة ، وربما يصعب على المرأة ان تتخلى بسهولة
عن هذه الرغبة الملونة ... فقد حدث في سنة 195 قبل الميلاد ان خرجت حرائر 
النساء في روما الى السوق العامة ونادين بالغاء قانون ابيوس الصادر في عام 215
قبل الميلاد الذي يحرم على النساء الملابس الكثيرة الالوان 
وبالرغم من هذا الترف الطاريء ... لم يسلم الانسان ( رجلاً أو أمرأة ) من ظاهرة
التقشف ، ففي سنة 1300 ميلادية كان طلاب جامعة اوكسفورد يجهلون الزي الموحد
وكان المفروض على كل طالب ان يشد ثوبه الخارجي بازار  وان لايمشي حافي
القدمين الا اذا كان جلبابه يصل الى عقبيه  !!..ومن المأثور عن  الزاهدة ميمونة 
بنت ساقولة المتوفاة سنة  393 هجرية  انها قالت  :  هذا قميصي له اليوم سبع  
واربعون سنة  غزلته امي وألبسه وماتخرق  !.. وفي القرن العاشر الميلادي لم يكن
لأنماط الملابس سلطان قوي على المرأة الصينية .. ولكن المرأة ، على اي حال ،
شاءت ان تناويء هذا التقشف الذي ينغص حياتها ... وقد وجدناها تهتز طرباً لكل 
تقليعة جنونية تنطوي على التبني الأهوج وغير الموفق لنمط الزي دون تحميص
بحيث يصل الذوق بها الى درجة الهوس ، وقد عاضدها الرجال  في هذا الجنون
العاقل .. ففي شريعة مانو القديمة مايشير الى ان المرأة اذا احبت الثياب الجميلة
فمن الحكمة ان نشبع فيها ما احبت لانها اذا حرمت من انيق الثياب فلن تثير في 
صدر  زوجها ميلاً اليها . وفي التاريخ الروماني القديم كان الرجل الثري من اهل
الطبقة الوسطى يتباهى بتزيين زوجته  وبناته بالملابس والجواهر الغالية ويطلقهن
في المدينة دلالة على ثرائه ... وكانت السيدة الرومانية لوليا بولينا  تلبس ثوباً مرصعاً
بالزمرد واللؤلؤ .  وفي بغداد ، أيام الخلافة العباسية ، كانت الوصائف  المسيحيات 
في يوم احد الشعانين يظهرن في قصر الخلافة متزينات في ثياب جميلة غالية .وفي
اعناقهن صلبان من الذهب وبأيديهن اغصان الزيتون . ولاينبغي ، في هذا الصدد، 
ان نهمل نساء الازتيك في المكسيك ، فهن اعتدن ان يلبسن ثياباً فاخرة  مطرزة برسوم
معقدة وظل هذا الترف يحكم المجتمع الانساني بالرغم من نقمة بعض الرجال عليه 
فقد  اشار التاريخ الى ان الامبراطور الصيني منج هوانج - اي (713-756) ميلاديه
حرم نساء قصره ارتداء الملابس المطرزة وتحدياَ لهذا الحرمان  ولأي  حرمان 
مماثل يمكن ان يستهدف حرص المرأة على  مايزين قوامها .. اطلقت مدام هنرييت
ابنة لويس الخامس عشر انفاسها الاخيرة على فراش الموت وهي بأجمل حلية 
وافتن زينة . وكانت ترتدي ثوبا  يتماشى مع اخر صيحات الازياء  حينذاك  كما 
فضلت المرأة التسكانية المودة ( في أيطاليا ) ان تدفن بثياب عرسها "
وكهذه البدعة تجهلها المرأة العراقية


السبت، 5 أكتوبر 2019

ياعراقي .... ياعراقي

ياعراقي  .... ياعراقي

اكتب أسمك
على شفة الجراح
على تيجان الملوك ..والرماح
على صدى طفولتي
على دفاتري المدرسية
عراقية شامخة ... كالنخل الباسق
رقراقة كالنهر العاشق
ماعاد لي جسد ... غير ان الجراح
تعلمني طعنة الورد 
ازفك للنهر  ياطفلتي
ام اقبل فيك احتراقي
هو الحزن ... تكبر نخلته في دمائي
ولوعته على اشواقي
ماعاد لي جسد ، غير ان الجراح
ترتاح على جسدي
حين يأتي أسمك الباقي
تصحو كل الجراح وتلتئم
حين تنادي 
ياعراقي  .... ياعراقي

الأربعاء، 2 أكتوبر 2019

الغضب وسلبيات كبته




الغضب كما يعرفه علماء النفس ، حالة شعورية انفعالية
تغشى الفرد ...فهل نمكن انفعالاتنا من التعبير الظاهر عن 
نفسها ام نكتمها لتتولى اجسامنا  التعبير عنها على شكل 
امراض مصدرها نفسي ... كالكأبة وضغط الدم وطائفة اخرى من
 امراض القلب وعلى راسها امراض الشريان اتاجي والذبحة الصدرية 
ينصح الاطباء وعلماء النفس بالتنفيس عن نوبات الغضب 
والغيض التي تنتابنا من حين الى اخر .... مؤكدين ضرورة
معرفة العامل المسبب للغضب ، فليس من العدل ان ننفجر غاضبين
 بوجه اول من يصادفنا ، بعد يوم عمل حافل بالمعوقات والمواقف
 الصعبة ، فنحن بذلك لاننفس عن الضغب بل نفعل كمن يكبته 
داخل نفسه ودماغه ، لان هذا الغضب لم يجد التصريف الملائم 
فالطــفلة ((التي تشعر بالحرمان لاعتقادها بأن اباها يحب أختها 
الاصغر اكثر منها ، ستوجه غضبها نحو اختها  وذلك بشد شعرها 
بقوة ، فيلجأ الوالد الى ضربها .. وهو بذلك يستجيب لغضبها  لا  للحرمان
الذي تشعر به فيتأكد لديها الاحساس بانها غيرمرغوبة وان اباها 
لايحبها ، فهذه الطفلة لم تستطع ان تظهر لابيها حنقها عليه فلجأت 
الى شد شعر أختها ... فالابوان غالبا مايعلمان الطفل ان يكبت تعبيراته
الانفعالية ، ويقابلانه بالاستهجان ان صاح او بدت عليه علائم الغضب
بل يتعلم اخفاء ... انفعالاته وتزيينها امام الاخرين 
تقول العالمة النفسانية ((جيني كوزون )) في مقال لها نشرته مجلة لانست
ان أنفعال الغضب هذا ، سواء كبتناه  ام أطلقنا له العنان ، له نواح ايجابية 
فهو يشحذ الفرد ويعده للدفاع عن نفسه ان حصل اي تدخل في حقوقه 
وممتلكاته ، بل انه قد يجعله يثور على اي شخص يشعره بالاستغلال
والحرمان .. وهو بهذا يرتبط ((بدافع المقاتله )) ..الذي يهيء الفرد للدفاع 
عن نفسه وحمايتها
 
أما عن أضرار الكبت ، فقد دلت البحوث العلمية في ميدان الطب وعلم 
النفس ، على ان الانفعالات التي يطويها الكبت لابد لها من متنفس في 
سلوك خارجي بالقول او بالفعل والا فأنها ستؤدي بالشخص الى الاكتئاب
كان (الابوان كثيراً مايحسان بأن ماتقف عثرة في سبيل سعادتهما ..وما
ان كبرت البنت واصبحت اماً حتى بدأت تولي ابنتها عناية تفوق الوصف 
وتسبغ عليها الكثير من الحب والحنان ... ولكن هذا لم يمنع الكآبة من ان
تتسلل اليها بين الحين والحين ... فصرح لها احد الاطباء النفسانيين بأن 
سر كآبتها هو انها تحسد ابنتها وتحنق عليها لانها تلق من الحب  والرعاية
مالم تلقاه هي من والديها ، فما كان منها الا ان فوجئت ووصفت تفسير 
الطبيب بانه غاية القسوة ولكنها  اقرت بانه قد يكون على شيء من الصحة 
وهي بذلك ازاحت العبء عن كاهلها فتخلصت من اضطرابها النفسي
واصبحا قادرة على منح قدر اكبر من الرعاية لأبنتها ) لذا فجلسات العلاج
النفسي اتاحت لها ان تعبر عن مخزون غضبها الذي سببه لها والدها وليس
ابنتها ... كما ان الكبت يستنفذ قابلية  الفرد على مواجهة الامراض ويستهلك
طاقته ،وفي هذا الخصوص ، توصل البروفسور((ستيفن كريز ))الذي يعمل
في مستشفى الكلية الملكية في لندن -  الى ان جهاز المناعة لدى المرأة -  التي
تكبت انفعالاتها على الدوام - ذو خصائص مميزة  لها علاقة بمراحل تطور
مرض السرطان ، لهذا فمن المجدي للمريض في هذه الحالة ان يلجأ الى التنفيس
لمقاومة المرض بدل الرضوخ والاستسلام  له .... كما انتقد البرفسور (كريز) في
نفس الوقت الاشخاص سريعي الانفعال الذين ينفجرون غاضبين لاتفه الاسباب 
والذين غالباً مانواجه الكثير منهم في حياتنا اليومية اثناء الانتظار الطويل 
في عيادات الاطباء او في طابور للحصول على البضائع ، فهم يتصفون بنفاذ 
الصبر وبجهاز عصبي ضعيف  ويجعلهم اكثر عرضة من غيرهم للاصابة 
بضغط الدم  وامراض القلب الشائعة ... ويدلنا علماء النفس على طريقة نروح
بها عن نفسنا ونبرد بها غضبنا حيال اشخاص من المحيطين بنا والذين  نكن 
لهم الحب والاحترام . الامر الذي يجعلنا لانستطيع الاعتراف بانفعالاتنا  امامهم
وهي ان نضع كرسياً فارغاً او اية قطعة اثاث اخرى بمثابة الشخص الذي  صدرت 
منه الاساءة ، ومن ثم نكيل له اللوم والعتاب والتأنيب ، أما اذا كان الغضب والاستياء
متراكماً اثر احداث ماضية فبالامكان تبريدها عن طريق التحدث الى جهاز التسجيل
نصف فيه مشاعر الاذى التي اعترتنا انذاك او عن طريق التحدث امام المرآة ليرى 
الشخص الانفعالات التي ترتسم على وجهه بنفسه او بكتابة رسالة طويلة ومن ثم
تمزيقها ... وهي كلها وسائل  تمكن المرء من ان يخفف حدة القلق لديه مما يوفر
له فرصة اكبر للبقاء في عالمنا هذا

الثلاثاء، 1 أكتوبر 2019

التوحـد - قصة



 لاصوت في هيبة الظلام غير أنفاسنا، عزف ثابت الايقاع 
 وكأننا ننبض بقلب واحد : رجل وأمرأة معادلة الحياة الازلية
 فلم الاحتجاج أذن !؟ 
 وعند انبعاث الضوء ، تتغير أطراف المعادلة ، ترتفع أصوات النهار
 يختل نبض القلب مع تغير درجات الحرارة ، تختلط الاصوات
 الصاخبة ،تتداخل لغة الحوار
 ويذوب الرجل في المكتب أو أزرار الماكنة ، 
وتذوب المرأة في الأمومة ويضيع وجه الكائن البشري في
 طيات المدينة ، وتتلون الملامح حسب اتجاهات 
 الشوارع وشارات المرور ، لماذا لايكون الاحتجاج ضد النهار أذن ؟؟
 الصوت المتوحد بالوعي يؤكد أن النهار حالة حضارية
 يحكمها المنطق شارات ضوئية ، اتجاهات للمرور 
مدروسة بحنكة ، مواقف للسيارات محددة ، مكاتب الات ، أزرار
 تنظم حركة البشر ، أتفاق جماعي مطلق الأنظمة ، فالنهار
 وضاء مبدع يوحد الأنا به ، وتعمر المدينة ، ويتدفق 
 الخبز والماء ، وتتزين الارصفة بالحلي . ويتحاور الناس وفق 
محطات لغوية متفق عليها مسبقاً : شكراً ، رجاء، أرجو
 التفضل بالموافقة ، أويد قبولك أو رفضك 
 فلم الاحتجاج ضد النهار أذن ؟؟
 المعادلة مازالت متوازنة في الليل يلجا الرجل الى نفسه ، يستغرق
 في حبها ..والاخلاص لها
 في الليل تلجأ المرأة الى نفسها ، تتحرر .. وتحب الرجل
 دون الخضوع الى مفاهيم مسبقة عن الحب ..... فلم
 الاحتجاج أذن ؟؟ 
 في القبر ينام الرجل وحيداً ، ينهش الدود حلمه ، لكنه
 يراجع تأريخه بدون أنفعال ، قد يندم ، وقد لايأسف على ماكان 
 في القبر تنام المرأة وحيدة .. يمسح الدود معالم
 زينتها ، ويمتنع فارس الاحلام عن أقتحام بوابات
 قصرها ، تراجع تأريخها ، وقد تتمنى لو كانت الأجمل
 فلم الاحتاج أذن ؟؟
 أحبيني أيتها المرأة ..فما زال ليلنا طويلاً .. وفي النهار تذكري
 أن هناك ليلة أخرى قادمة ... توحدنا من جديد