الجمعة، 31 مايو 2019

ابوذيات من غزل العشاق بعد منتصف الليل

ابوذيات من غزل العشاق بعد منتصف الليل

بين يدي ديوان للشعر الشعبي عنوانه غزل العشاق بعد منتصف الليل
المؤلف محمد رحيمة الطائي وتاريخ الطبع 2004 دار المغرب للطباعة
جاء في بعض من مقدمته التي كتبها الشاعر والكاتب  حسن الخزاعي
بين الهشاشة والبشاشة حرف واحد استطاع صاحبي الانيق ان يطوع
بذكائه الباهر المتفرد ويجعل من هذه الحرف بداية حرفة جديدة 
واطلالة مشرقة للمستمع والقاريء من خلال دراما انيسة وانيقة 
ورقيقة لم نألفها سابقا ...بين يعني العربية العراقية المذهلة والساحرة
والتي يستنجد بها الشعراء والوزراء والفقراء ومقدمو البرامج والضيوف
لكي يعبروا عن موضوع ما او قضية او فكرة يريدون تقوية صورتها
وتزيينها وسد فراغ المعاني .. هكذا امسك الشاعر محمد رحيمة المفردة 
الضائعة ووضعها في مكانها المناسب فجاءت تراتيله كالمتوالية
العددية ... فبين ( موعد حب ) و (قيل وقال )  و( طفت الشموع ) و
غازلني و ( أهلي مايردون أحبك ) و(ذكريات عاشق ) و (رادوني أعوفج) الى
العين شافت ... وغيرها من القصائد تجد تللك الحميمية والألفة ... وشد
الاعصاب حد الاحتراق ... تسعة عشر حديقة يجبرك عبيرها أن تستمع اليه
وما اجمل الانسان ان يرى نفسه ويحس انفاسه وبنبضات قلبه المتلاحقة 
الخفاقة ... ما أجمل أن ترى للوعود ردود 
غزل العشاق منتصف الليل ... هذه المجموعة الشعرية والتي لبن ايادكم
طرز صفحاتها بكلمات مذهبة بالاحساس ومفعمه بمشاعر الحب 

هو:
عليّ ثوب الونـين اشكثـر .... حالي
شباب وهل شبت مـن دون .. حالي
انشدچ على احوالچ مثـل .... حالي
طايح والهموم اتشيل بيـه

هي:

هموم هواك ما خلن .. ..علي حال
فريضة وحبك من الله .. علي حال
يالتنشد على حالي .. ...علي حال
شيفيد النشد على صار بيه

هو:

الج بس انتي گلبي .. ورجيته
ودمع العين يمـچ .... ورجيته
ابتعد كلمن نخيته .. والرجيته
ولا واحد اجاني وحـن عليه

هي:


رعيتك ليش گلبــك .. ما رعــاني
ويهمك فت دليلـي .. وما رعــاني
مره احبس بدمعي .. ومره اعاني
ومره اتطيح روحي ابين اديه

هي:

هجرك ياولف صايـــر .. بلا حــد
مثل سيف اليگص رگبه .. بلا حد
رحت وآنه انتظر ترجـع .. بالاحد
اجه الاحـد ويمتـه اتعود اليه

هو:

احد سچين صبري وچــن .. ولاحد
التفت وما شفـت ربعي .. ولا حـــد
شچم سبت اليمر بيــه .. والاحـــــد
اجي بس شوفتچ تصعب عليـه

هي:

لتهم بالعمر خلصـــان .. وحــــــــــــــــده
وأنا ضعني سرى بالهــــوى .. وحــــــده
حلت چـنها بعيونـك غير .. وحـــــــــــــده
وگمت لاتسأل ولاتمـر بيـه

هو:

غيرچ ماحلى ابعينـــــي .. ولاطاــــــب
ولا دونچ دخل گلبي  .....ولا طـــــاب 

يجرحي وياچ ماهَّــــــــــــوّد .. ولاطاب
دم ينزف ولا تدريــن بيـه


هي:

محبتك تجري وي روحي .. ويدماي
  وعليك انشلت اعظامي ...  ويدمـــــاي
انچويت أبأيد أنا ناري ...ويدمــــــاي
ولكن مـن يطابگهـن سويـه

هو:
عليچ الروح راحــــت .. مـــــن يردهه
أوكيحه اهمومي صـارت .. من يردهه
خطيه الروح ملـــــت .. مــــــن يردهه
لأن بس الصبر لبس العليـه



الخميس، 30 مايو 2019

الفنان عائد المنشد -ماذا قال عنه الناقد عادل الهاشمي !

عائد المنشد  صوت يمتليء بالمستقبل


من الواضح ان ملكات الانسان تتميز بأنواع ثلاثة ، هي الفعل الذي يميز
عن نفسه ، بالكلمة ، والقلب ، الذي يجد تعبيره في النغم ، والجسد الذي يعبر
بالحركة فالتعبير الانساني الكامل ،هو تعبير بالكلمة والنغم والحركة معا . وهو
التعبير الذي يأخذ شكله الفني في ( الشعر والنغم والرقص  ) .  فالرقص ينزع 
الى الائتلاف مع النغم وصولاً لتجسيد كيانه والتعرف على ذاته ، والنغم هو 
الاخر يستمد وجوده من ايقاع الرقص . غير أن أبرز العناصر الحيوية في 
النغم هو الصوت البشري لذلك تجد الكلمة ( الملفوظة ) بمثابة العنصر المكثف
للصوت البشري ، كما أنها مجموعة ايقاع الاوتار الصوتيه ، اي انها الصورة 
المحكمة للنغم ، من خلال ماتقدم ندرك أن الغناء قيمة فنية عالية من قيم العمل
الانساني ، الذي ينطلق طبقا لما تمليه عليه الحاجة ، لذلك فأن المغني عندنا 
ينطوي غناؤه لمحاور ثلاثة . (الاول ) هو أنه أذا أراد أن يكون مؤثراً ،عليه
ان يكون غناؤه متطابقا مع واقعنا - اليوم- ( الثاني ) أن يكون وليد الظروف 
التي تحيط بالزمان والمكان الذي يعيش فيه المغني،( الثالث) أن يتضمن أتجاهاً
عمليا نحو الفن الحقيقي 

لاجدال في ان للفنان المغني والفنان الملحن احلامه عن الفن والحياة ،وان له الحق
في اختيار صنف الطريق الذي ينسجم مع مؤهلاته الفنية ، من دون ان ينكر عليه
احد ذلك ، غير أننا لانملك الا ان ننفض من حوله حينما يحاول ان يجرد تعبيره
الفني من لهجة المجموع البشري الذي ينطلق منه ، في أغنية اليوم ، ماذا نجد ؟
 هنالك مغن يزعق ، يجهد حنجرته الواهنة ليقدم شيئا يرضي الاسماع ، أنه يمارس
تعذيب حنجرته تعذيبا شديدا محاولا ان يبلغ درجات السلم الموسيقي الواحد ، دون 
جدوى !  والاخر صوت متعثراً في نغمة من انغام الاغنية يريد بلوغها ، ولكن دون
جدوى ، ومغن ثالث تتهشم اوتاره الصوتية وتخفت من الاعياء ، لكي يقنع نفسه
بانه صار على مقربة من حلم الغناء ، وأيضاً دون جدوى ، وعليه فان محصلة 
مايجري في ساحة الغناء العراقي ، هو بلاء ثقيل لايمكن احتماله ، ربما لا امل في 
معجزة تهبط علينا لتطؤح اصوات الغناء الحالية وتهدي الينا صوتا فيه لذعات من
 الطرب الذي يهدىء النفوس  وينعش القلوب ، وفي تلك الفوضى التي تعيشها حركة
الغناء العراقي ، يجيء صوت عراقي جديد في نبرته ، في غنائه تأمل وفي نفسه تحلية
وفي حركات حنجرته تنثال زخارفه الغنائية ، أنه الفنان المطرب والملحن ( عائد المتشد 

يرتجل الغناء ، كما ترتجل الآلة الموسيقية الالحان ، واذا عقدنا مقارنة وان كانت ظالمة
بين ارتجالات آلة القانون وحنجرة المغني ، فأننا سنكتشف الفرق ظاهراً و باهراً أيضا 
ذلك ان اول اختلاف بين الارتجالين ، هو المساحة الصوتية التي تتحرك بهما حنجرة
آلة القانون وحنجرة المغني ، فأوتار  الآلة أقوى من الحنجرة البشرية ، وأذا أرادت 
آلة القانون أن تتحركفي مساحة صوتية ، فأن تحركها يصل الى حدود أربعة اوكتافات
صوتية أي أربعة دواوين صوتية في التعبير العربي ، والديوان الصوتي مساحته 
ثمانية درجات تبدأ من درجة موسيقية ولنفرض  أنها درجة ( دو) وتنتهي ، أي تقفل  
بدرجة ( الدو) للأوكتاف أو الديوان الثاني ، بينما الحنجرة البشرية أقصى ماتصل اليه
هو ديوانان ونصف ، ألمهم ان عائد المنشد يبدا غناؤه مرتجلا . مداعباَ مقام البيات
 او مقام السيكاه او مقام الراست ، بحسب المقام الذي صيغت منه الحان الاغنية
التي يريد انتشارها والمغني العربي بشكل عام كما يقول الموسيقار خالد الذكر 
محمد عبد الوهاب . ( يخلق صوته ) وهذا يناقض الصورة التي عليها المغني الاوربي
فأن المعاهد الموسيقية ، هي التي تخلق صوته ، وهذا يعطي الفرق الجوهري بين
الغناء العربي القائم على الاحساسات وبين الغناء الغربي القائم على التقنيات ! المهم
أن عائد المنشد يطلق عقيرة صوته منطلقا في بضع كلمات معبرا فيها عن مجموعة 
امتلاكاته الفنية في الموهبة والابتكار والصنعة ، وعائد المنشد فنان عصامي خلق 
صوته متدربا على الاغنيات المطولة والكبيرة للموسيقار الكبير فريد الاطرش ، كذلك
 فأنه تدرب على بعض أغاني كوكب الشرق أم كلثوم ، هو يفتح حنجرته باصابعه 
ويصعد الى طبقات صوته العليا ويهبط الى طبقات صوته السفلى ، يتعامل مع الميكرفون
تعاملا متميزاً ، الى جانب ذلك ، فأنه تعلم العزف على آلة العود وذلك من خلال انتمائه
لبعض المعاهد الاهلية الموسيقية ، ثم تدربه مدة سنتين من خلال انتظامه تحت رعاية 
الفنان فاروق هلال ، وهكذا عبر هذه المراحل تمكن عائد المنشد ان يكون جزءاً من 
كيان الغناء العراقي ويذهب الى عدد من الاقطار العربية معتمدا على موهبته وماتعلمه من اصول
وعلوم الغناء والالحان التي يلحنها مبتدءاً بأغنية ( رحلة حياتي ) وهي اول اغنية يلحنها 
من شعر الشاعر ابو وليد ثم تتتابع الاغاني ليحصد جائزة حصل عليها عائد المنشد هي
فوزه بجائزة مهرجان القاهرة وحصوله على الدرجة الثالثة من بين اصوات الاقطار 
العربية ، حيث وصفه بعض المتعمقين بفنون الغناء ، بأن صوته ينفرد بالجزالة والمقدرة
والشجن ، وتتمتع الحاسة اللحنية عند عائد المنشد بقدرتها على الصياغة المركزة للالحان
خاصة تلك الالحان المعبرة عن دواخله كفنان وعن حياته كأنسان وما فيها من عذاب وقلق، 
وحنين ونواح وشجن ، فيزيد من خلال هذه الالحان الاسماع وجداً على وجد ، وهو يغني 
مبتعداً عن ( القعقة ) كما هي عند اصوات هذه الايام ، وينشد بصوت لا اثر فيه لمرض 
الصوت الاخن ، يتسع حيناً وينكمش حيناً ، والالحان تتعجن بين فكي المغني ، ليس هو
بالصوت اللقمي ، الذي يغني وكأن صوته يتردد  في حلقه ، ولسانه يقلقل في فمه 
ان صوت عائد المنشد ،فيه مقدرة وفيه غنة وفيه أداء سليم ، ويمتلك أسلوباً تلحينياً يجنح
الى الروح الشرقية والعربية ، مع تطويع ذلك كله لروح العصر الذي يعيش فيه ، أن أمام
هذا الفنان  متسعاً من الوقت لكي يصقل موهبته ويتحرى ملامح الارتقاء بهذه الموهبة الى 
حيث أمالها في العلم الموسيقي  والرصانة البنائية لها 

الناقد الموسيقي الراحل عادل الهاشمي
2000

الأربعاء، 29 مايو 2019

سور الصين مابين -الاسرار-البناء- الضحايا

سور الصين مابين -الاسرار-البناء- الضحايا

يمتد سور الصين العظيم لمسافات شاسعة في الاطراف الشمالية الشرقية
من البلاد ، ويبدأ من نقطة عبر الساحل الشرقي على مقربة من مدينة شنغهاي
في مقاطعة شانكسي ويمر عبر النهر الاصفر وفروعه الى الغرب متعرجا تبعا
للتضاريس الارضية من جبال  ووديان وسهول ،ويتخلل مساره العديد من القلاع
والحصون ومراكز الحراسة وسكنى المقاتلين. وقد شيد  في اكثر اقسامه في
في المناطق السهلية والصحارى بمادة اللبن والطين . كما شيدت الحصون والقلاع
بالطابوق وشيد بعضها الاخر بالحجارة وبخاصة في المناطق الجبلية
لقد شيد سور الصين العظيم اصلا في اربعة مراحل تاريخية لحماية الحدود الشمالية
من هجمات القبائل البدوية المنحدرة من مراعي منغوليا ، وقد استغرقت مراحل تشيده
الاربعة اكثر من الفي سنة . فقد شرع ببناء قسمه الاول في عصر مايسمى بالممالك

المحاربة ( 770ق. م- 221 ق .م ) كما شيد قسمه الثاني في عصر سلالتي جن
 وهان ( 221 ق .م - 220م ) وشيد قسمه الثالث في عصر سلالات وي وشو
وتانغ ولياو خلال القرون الممتدة بين القرن الثالث الى القرن العاشر  الميلادي
واكمل بناء قسمه الرابع والاخير في عصر سلالة منغ في اواسط القرن الرابع عشر
للميلاد في شمالي مقاطعة شانكسي . لايزال المعبد الكبير في ينكشيان ، الذي في
عام 1056 قبل الميلاد قائما في وسط سهول جرداء لاتبعد كثيرا عن مدينة دانتوك
القديمة . أنه مشيد من الخشب كلياً ويعد بحق مفخرة من مفاخر المهارة الصينية
التقليدية ودليلا رائعا على فن النجارة القديمة . وفي الوقت الذي اقيم فيه معبد ينكشيان
كان الباحثون المعنيون اثناء حكم سلالة صونغ يعجبون ايما اعجاب بالعمل الذي
انجزه الاسلاف منذ الف سنة خلت ، كما انهم اعجبوا بالامبروطوريات التي قامت
في الماضي القريب لكنهم مع ذلك نزعوا الى العيش في عالم مغاير . فالسور العظيم
لم يعد يحمي المملكة الوسطى من الغزاة الشماليين فقد احتل من اعقبهم من البدو كثير
من الاراضي الواقعة شمال النهر الاصفر وتعرضت شيان العاصمة القديمة ابان حكم
الهان - والتانغ - الى الخراب لامد طويل ، وأضحت ( الصين ) منطقة صغيرة بحد ذاتها
وقد هاجر معظم سكانها جنوبا ، هربا من المعتدين الشماليين في القرنين الحادي عشر
والثاني عشر بعد الميلاد ، واصبحت مدن صونغ الصينية الرئيسية . في ( كيفنك ) أولا

ثم في (هانكزو) اكثر زخما بالسكان واغنى من اي المدن المعاصرة لهما . وزاد اعتماد
اهلها على الخبرات الهندسية التراثية لتعزيز اقتصادها التجاري المتوسع . والى الشمال
أشرف ابناء سلالة ((لياو )) على بناء العديد من المعابد والابراج الكبيرة . وكان ضمنها
المعبد الخشبي العظيم في ينكشيان ، الذي بني وفق مقاييس راسخة اعترف بجدواها
البرابرة القاطنون شمالاً ، والصينيون على السواء حين ينظر المرء الى المعبد من مسافة
مناسبة ، يترايء له المبنى كتلة ذات وزن وصلابة وبخلاف بعض المعابد الممثالة
المشيدة بالحجر الممشوق في الجنوب التي تبدوكأنها في مهب الريح ، فأن هذه الكتلة
تظهر ثابتة بقوة على الارض . ويعزى الفضل في ذلك الى البنائين الذين وسموا طبيعة
المكان بهذه السمة الفريدة . أن هذه المنطقة الواقعة الى الشمال الشرقي من الانعاطفة
الكبيرة للنهر الاصفر هي جزء من الهضبة الصينية الرسوبية الشاسعة . وتتجمع
الرواسب باستمرار على الحواف العريضة لوادي النهر بهيئة اكوام ترتفع عدة مئات من
الاقدام على ضفاف التلال المحيطة . وبهذا تحيل المنطقة الى تربة خصبة متفتته ، لكنها
بطبيعتها تلك تكون اكثر عرضة الى التحول والانهيار ، وقد دأب الصينيون منذ الاف
السنين على حرثها وحفرها وزرعها . واذا ماعوملت هذه المادة الرسوبية بطريقة ملائمه

فانها تعتبر مادة بنائية بطبيعتها ، صالحة للاستخدام في البناء وقد تنحت فيها مغاور
باردة تصلح مساكن منمقه ، قد تأوي قرى بأكملها . لكن هذه المادة أذا ماطرقت وسحقت
فانها تعد صالحة للاستخدام في اقامة الاسوار
في الريف حيث تبدو القرى والشرفات والحقول متوائمة في احظان التلال المحيطة بها
فان الاسوار المشيدة من اللبن تؤلف منظرا اعتياديا انها شائعة الى درجة الاقتران
بالحضارة الصينية عبر العصور السحيقة وواقفة بثبات حتى ان البعض منها يعود الى
الاف السنين . وهناك اخرى جديدة تقوم بمحاذاة الاسوار القديمة وهي نتاج جهد
استثنائي متواصل
تقليديا يقوم البناء على اسس ممهدة جيدا بكسارة الاحجار غالبا . ولكي يُعطى السور شكله
المطلوب يستخدم الخشب او القصب أطراً لتدعيمه . وشيئاً فشيئاً يسكب العمال طبقات
خفيفة من التربة . ثم يزيدون السكب بعد ان يتم دك كل طبقة دكاً جيداً . وفي الازمنة الغابرة
كانت اصداء الطرقات الخشبيه تتواصل في الهواء لاسابيع او لاشهر كلما ارتفع الجدار
سنتمتراً بعد سنتمتر . وبمثل هذه العملية ، فان الجدار الطيني الذي يبلغ سمكه قدمين يمكن
أن يرتفع عشرة اقدام او أكثر ( علما بأن الاسوار الدفاعية تستلزم أرتفاعا وسمكاً أكثر) ويقوى
على البقاء ضد عاديات القرون
بعد أن عبرنا نهر ((يو)) اقتفينا طريقا ممهدا تاركين القرية خلفنا . ومالبثت ملامح
ابراج الاشارة ان برزت امامنا بين التلال المحيطة .. أنها تنهض في ضوء الشمس الساطع
مثل كوز السكر الاسمر ، ويتموج في مابينها السور العظيم برفق كان يداً كونية قد صاغته
بين الابهام والاصبع الامامي . وحين اتخذنا طريقنا صعوداً على الحاجز المنحدر القديم
بدت لنا مجموعات من البيوت على الجانب الشمالي ، في منغوليا . واليوم يمتد السور الى
حوالي (2500 ميل) أو(10الاف -لي- )  كما يود الصينيون ان يسموه . من الساحل غرب
شنغهاي الى صحارى مقاطعة كانسوالى الغرب . لقد كان هذا السور قائما لمدة الفي عام
لكن اياً مما نشاهده اليوم تقريبا لايؤلف السور الاصلي . فالسور الاول اقيم معظمه في
القرن الثالث قبل الميلاد أتخذ - كما يبدو- مساراً أخر . في الواقع ان السور العظيم ، يمثل
عدة أسوار بنيت وجدد بنائها عبر العصور ، لكنه بما يمثل من رمز للوحدة فقد اقرن

بامبراطورية الصين الاولى وبحاكمها الاسطوري (جن-شي) الملقب بنمر جن - وتدل
السجلات المستمدة من القرن الاول قبل الميلاد على ان قوات جن بعد ان وحدت الممالك
المتحاربة بالقوة في وديان النهر الاصفر ونهر يانكتزي أمر أمبراطورها المنتصر قائده
(مينغ تيان ) بتأمين الحدود الشمالية . ولم يكن القائد المذكور بقواته البالغة 300000رجل
بحاجة الى ان يبدء من الصفر . فقد أستفاد من التحصينات التي كانت تحمي عددا من الممالك
السابقة وشرع يقويها ويمدها ويربط بينها بوحدة متكاملة . ان أكبر مشروع بنائي تم تشييده
وهو هذا السور المتموج ، يعادل عشر محيط الكرة الارضية وقد غير وجه أسيا الى الابد
تُرى كيف نفذ مثل هذا المشروع ؟ هل جمعت جيوش من العمال ببساطة وشرعت بالعمل ؟
كلا ... أبداً . أن هذه المناطق الجرداء المحاذية للحدود الشمالية كانت نائية ، قليلة السكان
يصعب تموينها ، وبناء مثل هذا السور يتطلب بناء مجتمعات لتامين مهمات العمل . ففي
بعض نقاط الحدود ، قامت فرق من العمال بحفر قنوات الارواء وحرث حقول جديدة
وبناء ملاجيء وقلاع ، وفي البقاع ذات المستنقعات الملحية سخّرت قوافل من العربات
لجلب الحبوب ، وعند ذاك فقط أمكن ألبدء بالعمل
من الواضح ان البقايا البنائية الانيقة المحفوظة اليوم على مقربة من بكين او شنغهاي
تحمل شبها قليلا باسلافها من الماضي السحيق في القرن الثالث قبل الميلاد . فالعمال

البائسون الذين سخرهم الجنرال مينغ تعاملوا اي مواد استطاعوا الحصول عليها
لتنفيذ العمل . فعملوا على تقوية السور وتدعيمه بالحجر والقصب والخشب والرمل والحصى
مما هو متوفر في المناطق المحلية . وتقوم الاف من ابراج المراقبة المحصنة بمراقبة
النقاط الاستراتيجية فتطلق سيلا من الاشارات الجاهزة ... ان الاستحكامات التي اقامها جن
على الرغم من كونها لاترقى الى المستوى الذي انجزته الاجيال التالية . كان لها دورها
المؤثر في حماية الامبراطورية لقرون عدة من المهاجمين على ظهور الخيل ، وأمّنت
حركة الناس عبر الحدود بفضل المراقبة التي وفرتها البوابات لهذا الغرض
وبقدر ماتحقق من براعة في الانجاز بقدر ماكلف ذلك العمل غاليا . فقد نقل عن مؤرخ
من مملكة ((هان )) بعد قرن من الزمان قوله ((لقد عرّض جيوشه الى اشق مهمات الحدود
فلم يبق اقل من عشرين او ثلاثين الفا في الحقل حتى بلغ عدد الموتى رقماً هائلاً
وأنتشرت الجثث على الاف الامتار وغطت جداول الدم السهول . وقد نقل التراث اخبار
الملايين من الكادحين الذين عملوا تحت جلد السياط بأمرة الجنرال مينغ تيان . لكن هذا

بدوره دفع ثمن قسوته وجوره ، فقد جاء في المدونات انه فضل الانتحار على ان ينفذ به
حكم الاعدام وأعترف قبل موته بأنه أغاظ الكون نفسه بقطعه شرايين الارض . وبعبثه
بقوى الطبيعة التي ينبغي عدم المساس بها
لم يكتمل السور اثناء فترة حكم الامبراطور الاول ،  أذ كان يؤلف تحديا للمتطلبات
المتوفرة لدى مملكة ((هان)) حتى قُيض له ان يكتمل اولاً في عهدها . وحيث أن قوة الممالك
المتعاقبة كانت متفاوته فقد تقاوتت كذلك درجات الاهتمام الامبراطوري بالحدود
الشمالية . فقد تطلب الامر ملايين الايدي لاقامة السور ، وملايين أخرى لادامته ، ونجاحه
بالتالي يُعزى الى العامل البشري المتوفر والصيانة المتقنة ، وكلاهما لم يكن متواصلا دائما
الى الشمال من داتونغ ، كان هنالك جداريعود انشاؤه الى عام 607 قبل الميلاد على اقل
تقدير حين اقتضى الامر استدعاء مليون رجل لاكمال المقطع الممتد بين تلك المدينة وبكين
وتشير السجلات الى انهم اتموا العمل في حدود عشرين يوما . وقد كانت احدث عملية اعادة
بناء هائلة في القرن الخامس عشر عندما قام اباطرة منغ باصلاح السور الكبير على طول
امتداده ، وتتكدس مخلفات ذلك العمل الى اليوم بمحاذاة الحدود مع منغوليا وقد دعم جدار سلالة
منغ بعد أن أنكفأت واجهائه الخارجية نحو الداخل كلما علا ارتفاعها . ويقوم جزء من مقطع
نموذجي في السور الشرقي على علو 20 -30 قدما ويبلغ سمكه 25 قدماً عند القاعدة و 15 قدماً
في القمة . كما اقيم على مسافات يمتد كل منها حوالي الميل على طول الجدار 1700 برج
للمراقبة . وفي حالة وجود الارض المناسبة ، فان الحاجز يدعم آنئذ بخندق مائي . ومع كل
هذا ، فأن الجدار كان عرضة للاختراق . فقد أخترق المقطع الكائن قرب مدينة داتونغ في
مناسبات عدة . وفي القرن الحادي عشر ، فأن المملكة التي أسسها أحفاد الغزاة البدو
اقتحموا في الواقع الحاضر الكبير برمته مع ذلك ، وعلى الرغم من نقاط الضعف فيه والثمن
الباهظ الذي سببه وراح ضحيته الالاف من الارواح البشرية ، فان السور العظيم كان
دائما مفخرة خاصة للصين ، فقد كان ذات مرة يؤلف فاصلا بين العالمين الداخلي والخارجي
ويقدم وصفاً لمحيط الحضارة نفسها . وفي ضمن تلك الحدود تكمن العجائب
اليوم لايشاهد الا القليل ، حتى ( القصر العظيم ) قد أختفى ، ذلك القصر الذي سبق أن أوحى
بالشيء الكثير لمهندسي ( المدينة المحرمة ) في بكين وللمعابد العظيمة في نارا باليابان
وحين أقتربنا من المنصة المستطيلة الهائلة لاحد القصور الرئيسية وجدنا انفسنا في وسط
وجوه التنين المزمجرة . وكانت هناك على المنصة عدة طبقات من الاقراص الحجرية .أنها
قواعد الاعمدة ، نسخ عن القواعد الاصلية المطمورة تحتها . فهذه الكنوز حين يُنقب عنها
كما أشار مسؤول عن حفظ الاثار سيكون من الخطر عرضها مكشوفة للناظرين ، فهم يعيدون
دفنها ويعرضون نماذج منها على الارض ليتعرف الناس على تلك المكتشفات
بالنسبة للصينين ، فأنهم يعتبرون حاكمهم ابن السماء ، وان عاصمته ينبغي ان تعكس
نظام الكون . لذا فان فن البناء كان ذا اهمية بالغة ولايصح ان يترك للابتكار البشري وشأنه
شأن الكتابة والموسيقى وقواعد (( الاتيكيت )) فأن المعرفة بهذه الاشياء انما هي عطاء من
الالهة انفسهم . وقياسا باحد الاساطير فأن ( فوكشي ) خالق الكون الذي وضع مع شقيقته نظاما
للعماء ، هو الذي لوّح بمربع البناء رمزاً لسطوته ، وأن البطل المقدس ((غون)) المهندس الاول
علم الناس كيف يشيدون أولى المدن المسورة
كانت الارض ، بالنسبة للصينين القدامى شيئا عضويا ، ومثلها مثل الجسم الانساني فأن لها
لحماً وعظاما وعروقاً . في الارض وفي كل مادة تنساب الطاقة عبر القنوات المقدسة ، وفي
كل عمل ، يشعر البناء الصيني أنه مدعؤ لاحترام هذه الشريحة المقدسة ، وأذا فعل غير ذلك
فأنه سيجلب كارثة . فبالنسبة لسياج حديقة او بلاط ملكي ، يستشير البناؤون كُشّاف الغيب
الاخصائين في هذه المعرفة المقدسة ، طلبا للنصيحة في اختيار الموقع اولاً  ، ويشرع هؤلاء
الكُشاف بعملية قياس متأنية للضوء والظل ن ولوجهة الماء الجاري ، ولطبيعة الارض  عموما
لكي يقرروا متى تعمد الارواح الشريرة الى اثارة عاصفة أو فيضان أو كارثة ما
يعد الشتاء انسب الاوقات للعمل ، أذ تتوفر الأيدي العاملة التي غالبا ماتكون مشغولة في الزراعة
في غير هذا الفصل من العام ، فتبنى اسوار المدينة ومقر الارواح الحارسة أولاً ، ويتغنى
العمال عادة اثناء عملهم ، لكن رؤساءهم يحومون حولهم لئلا يجلب احدهم من الساخطين
حظا سيئاً أذا هو نطق بعبارات مشينة . وتُبنى البوابات عادة بعناية فائقة ،باب واحد في الاقل
على كل جانب ، بينما تطلق أبراج المراقبة ، المتعددة الطوابق ، التحذير ضد الغزاة .وحين
ينتهي العمل في الاسوار ،يهييء العمال مذبحاً لآلهة الارض ، ثم معبدا للجدود . عند ذاك فقط
 يكون من المناسب تشييد القطاعات السكنية والوظيفية للحاكم ولأتباعه . وتشغل المنطقة
الادارية في العادة مركز المدينة ، ويتولى الحاكم الرئيسي القيام باعباء مهمته ، كما كان
يفعل ( أبن السماء ) وهو جالس على منصته صوب الجنوب . وقياساً بحكمة متعارف عليها
فأن السماء مدورة والارض مربعة . أن الشكل المثالي لمدينة جديدة هو ان تكون بهيئة مستطيل
تصطف أسوارها مع الاتجاهات الاربعة الرئيسة لها . هذا الشكل المثالي مثالياً ليس الا. أذ غالباً
مايتم تجاوزه او تحريفه ، فتنقلب المستطيلات الى دوائر ، او تضغط لتصبح أشباه منحرفات
ويبدوان الآلهة تصفح عن هذا الاجراء الذي يخضع للبداهة . وحتى في ((شيان )) مركز تجارة
  الحرير التأريخية ، لم ترق هذه المثالية الى درجة القدسية المفرطة . ففي عام 662 قرر
الامبراطور الانتقال الى من مجمع القصر الرئيسي الى (سهل رأس التنين ) لأنه -كما قيل -رأى
أن الرابية المرتفعة قليلا خير لما كان يشكو منه من مرض المفاصل . وسواء تطابقت
المواصفات الكونية على مدينة شيان أم لا ، فأن الصينيين لايزالون يثمنون ذكرى مجدها
وفي القرن الثامن سكن فيها مالايقل عن مليون من الناس ، ورحبت شوارعها الفسيحة بالتجار
والرهبان والمغامرين القادمين اليها من اماكن قصية كمالاقا وكلكتا . ويختلط في اسواقها
المسلمون والمسيحيون والبوذيون التي تفتح يوميا على وقع ثلثمائة طبل ، وتتوافد البضائع 
اليها عن طريق القنوات . لكن هذه المدينة سقطت في عام 907 ضحية الادارة الرديئة
والارتداد الاقتصادي ، والثورة الداخلية ولم يتلق من قصورها القديمة شيء يذكر . ولم
تبلغ اي من المدن الصينية شاؤنها وعظمتها ، لكن كلاً منها كانت تحذو حذوها ، روحا وطابعا
واليوم. يغادر الزوار في بكين المدينة المحرمة من خلال بوابة السلام الالهي ليسلكوا طريق
شيان عاصمة الصين القديمة ، وهم يستذكرون ان وحي الماضي لايزال له معناه بين
معطيات الحاضر ، سواء كانت هذه المعطيات طبيعية ام من صنع البشر


الثلاثاء، 28 مايو 2019

ألتأريخ معلم الدول والامم ومعهد الثقافات والقيم

ألتأريخ معلم الدول والامم ومعهد الثقافات والقيم

لم تعرف الانسانية جمعاء معلما للدول والامم او معهد 

للثقافات والقيم
او مرشدا حكيما هاديا للانسان في كل زمان ومكان ، أعظم وأحكم وأقدم 
 وألزم وأعلم من( التأريخ ) . ولكنه معلم شاذ الطباع ، وحكيم غريب الاطوار
ومرشد عادل وصارم لايرحم ولايخاف ولايجامل ، لانه لايطرق باب أحد 
ولايمد يده الى أحد ، ولا يحتاج الى أحد ، ولايسمح للاغبياء والتافهين والتنابله
بالدخول الى معبده المقدس ومحرابه الخالد ، بل يقصده ويحتاجه ويراجعه 
ويستنصحه ويسأله الجمع دون تمييز ولا أستثناء ، الكبار والصغار ، الاغنياء
والفقراء ، الاقوياء والضعفاء ، الظالمون والمظلومون ، الجهلاء والعلماء 
الاغبياء والاذكياء ، ومع أنه لايرد أحداً ، ولايطرق مخلوقا، ولا ينهر سائلا 
الا أنه لا يجيب الا من أستحق ، ولايعطي الا  لمن يستطيع أن يأخذ ، وليس 
بالقدر الذي يريده أو يرجوه السائل بل بالقدر الذي يستطيعه أو يستحقه ، ولا
يكتب للانسان الا مايكتبه الانسان لنفسه ، لايكيل لك التاريخ الأ بالكيل الذي
تكيل به ، ولا يجيبك الا بوزن وحجم ونوع سؤالك ،ولايعطيك الا ماتعطيه
قد يحتاج الانسان الى حكمة الشجاعة في فترة معينة ، ولكنه قد يكون أحوج
الى شجاعة الحكمة في فترة أخرى ، ولعل أعلى الدرجات وأسمى المراتب 
في شجاعة الحكمة هي كبح الجماح وضبط النفس ولجم الحماس ، حذراً من
السقوط في المطّبات والحفر ، وتحسبا من الوقوع في الافخاخ والمصائد ..في
الحرب كما في السلم وفي الصراع العسكري كما في الصراع السياسي 
والدباوماسي والاعلامي والفكري ، هنالك وقت مناسب وأوان صحيح لكل 
شيء ، هنالك وقت للكر وهنالك وقت للفر ، هنالك وقت للهجوم وهنالك وقت
للدفاع ،  هنالك وقت للتقدم وهنالك وقت للتراجع ، وهنالك 
 وقت للاندفاع ، وهنالك وقت  للتوقف أو الانسحاب . فلايكفينا حسن التخطيط
 فقط، بل يلزمنا حسن التوقيت ايضا ، أذا توخينا الفوز واردنا النجاح ، من هنا وفي 
  ضوء ماتقدم نفهم حكمة الامام علي عليه السلام التي ورثناها في نصيحة مأثورة 
لاتكن لينا فٌتعصر ولا تكن قاسيا فٌتكسر وكأنه يزودنا بحقيقة واقعية  " 
حية ومعادلة علمية دقيقة للصلابة والمرونة ، أثبتتها التجارب ،وبرهنتها الايام
ولقد فهم هذه الحقيقة ، وأدرك تلك المعادلة ، فكرا وعملا ، تخطيطأ وتنفيذاَ 
جلالة الملك فيصل الاول وكان يقول في كل حين دون كلل او ملل : الاستقلال
يؤخذ ولا يعطى  وهي عبارة جليلة لانها ىقررت المبدأ ، واكدت الحق  ولكنه
كان يقول ايضا (( خذ وطالب )) لانه كان يعلم جيدا ان العالم ليس كما تريده 
دائما ، ولا يمكن تقسيمه الى أبيض وأسود ، وأن العالم عالم قوى متفوقة ومصالح
متضاربة وان الحقوق المثلى والاهداف التاريخية الكبرى لايمكن ان تتحقق 
كاملة غير منقوصة بين يوم وليلة ، أو عشية وضحاها دفعة واحده   

الاثنين، 27 مايو 2019

من أعماق روح أنثى تعشقك

من أعماق روح أنثى تعشقك

حُبك شيء أخر
ويكفيك هذا الاعتراف مني ,,, هي كلمات
قد تشير الى حقيقة لم تعد غائبة عني ... لكنني
سأصمد حتى نهاية المشوار... فلا أحـــــلى مــن
الصبر أمام عينين لأتـــقاوم .... أصبر ... وكل 
مافيــك يلهيني عن التمسك بمباديء أمرأة كانت
تقاوم نزوات العاطفــة .... حتى سرقت لبي وأسقط
 في يدي .... فلا بأس من التروي مادمتُ أعي أن
العاصفة لابد قادمة ،  أعترف لك بكلمات أستلها
من أعماقي غامضة وأحيانا غاضبة .... فالخطــــر  
ياحبيبي .... كل الخطر أن أرخي جفني على كتـفيـن 
لهما هيئة التسلط .... ككتفيك ! أخاف أن تُحاكمّني
أن أغرقتكَ بعاطفة لـن تَفهم ، وأنت الحاكم المتحّكم 
لمَ كانت طاغية كسُلطانك ... أحاول أن اتسربل بألف
غطاًء وغطاء يقيني من لفحات نظراتك ..  وتلك 
الانفاس التي تُشعل كل جذوة غافية بأعماقي .. وأنا
أحب فيك تلكم النظرات وهذه الانفاس .. والخطر 
المترقب الذي تنبئني به كل نبضة في عروقي
المتحفزة ... أحبك ولا أجرؤ على هجر المكان ان
تواجدت فيه ...لكن هذا يبقى سراً من أسراري 
غطاءاً .... حجابا أخفي تحته  كل ماقد يَعرُضني
ضَعيفة .. متهاوية لـلعاصفة ... مثلكَ مثل كثير من 
العشاق ... مُغامر ... مُراوغ ... سريعُ الملل ... مثلي
مثل كثير من العاشقــات .. متوجسه ..قلقة ... متأهبة 
للدفاع عن انــوثة تخاف أن تكتم أنفاسها قبضة لا مباليه
وتريدني أيـــها اللا مبالي أن أعتــــرف 
كيف .... وأنا أريد الاحتفاظ بك ..؟! كيف وأنا أعلم 
ماتعني أنت لي ! الاعتراف سر أنوثتي .. فكيف
أعطيك مفتاحها .. يكفيك بضع قطرات
 والشمس اللافحة ستعرفك قدري  

الأحد، 26 مايو 2019

الرسام العالمي Joan Miro خوان ميرو

الرسام العالمي Joan Miro خوان ميرو

رسام اسباني ولد في مونترويج  1893... كان يستنكر مايلحقه النقاد برسومه
من صفات تجريدية كان اكثر رسامي عصرنا شمولية وعالمية وهو
واحد من اهم الذين اكدوا ان الابداع لاوطن له ، الابداع وطنه العالم
رسام يصعب وصفه ويصعب تصنيفه، ذلك لانه عن طريق الرسم 
أحتفظ - بطفولته - ليس على مستوى اللعب كما كان يفعل بيكاسو ، بل
على مستوى الكفاءة الداخلية . كانت الاشياء تنظر اليه طفلا ولذلك 
اعطته مايمكن ان لا تعطيه سوى لطفل . خدعها وهي في لحظة سعادتها
وماتزال كذلك  بدأ تأويليا . وهذا ماجعل سروره بالمناظر الريفية ياخذ
شكلا سحريا . وحين وضعه السحر امام الاشارات الدالة عليه لم يفارق
الواقع . حرصه على انتمائه للواقع كان دائما تميمته التي تنقذه من الجميع 
حين اتصل بالسوريالية وهي في سنة ميلادها كان اشتقاقا  سرياليا علــى
حد تعبير ( لوغران ) حين أجتاز المنطقة التكعيبيه وصل الى الشعر 
لقد نظر باعجاب الى تجربّتي ( جورج براك ، وبابلو بيكاسو )  غير ان
حريته كانت اقوى من انتماءاته الموقنة . فكان ان تحرر من الاشكال 
البنائية بخطوطها المستقيمة ليلجأ الى خطوطه الاكثر تحرراً وتموجاً وكان
ان شهدت باريس في عامي ( 1925-1926) ) رساما يبحث عن التناغم
العفوي - والصدفة ، وصفاء الالوان في حين كان شغلها الشاغل تكعيبيوها
بكل ما بلغته خطوطهم من قسوة وحدة . كان ميرو  بمثابة الموسيقى 
المنسابة بلا حدود وسط النشيد الجماعي . هل كان ميرو رساماً واقعياً
أم تجريدياً سحرياً؟ أعترض ميرو على صفته تجريديا . اليس هو الذي 
اخذ من الانسان الرأس أو العين والانف  ومن عالم الحيوان الكلب  والقطة
والحية ومن العالم الكوني النجوم والاقمار والشمس . الايكفي ذلك ليؤكد 
واقعيته  ؟ نمر خفيف الظل مرّ بعالمنا سبب الرعب حين مر ولكنه ترك 
خفته وراءه . ذلك هو وصفي لميرو . الذي كان يعرف ان خفته اكبر من
ان يلمحها معاصروه . 
لقد ترك وراءه عالما يكتنفه الغموض والصمت . عالما امتزجت فيه 
اعلى درجات الاحساس والمزج ، من الصمت العميق الى البهجة الخفيفة 
انه عالم ميرو الذي لايشبه أي عالم أخر . غير أنه يشبه عالم نًحنُ اليه 
عالماً أفتقدناه ، عالماً نظن اننا سنعود اليه ، عالم أحلامنا 
توقنا ، والاهم ، أنه العالم الذي اخترعه ميرو ، فلولاه لما كنا نعتقد ان عالمنا
سيكون كذلك . هل نقول  لبعضنا أنا نفتقد ذلك الشيخ الصامت ، القصير
الذي لم يخن زوجته ، الهادى الذي مرًّ بالعاصفة ، الذي مسنا برقة 
وأختفى ، وكنا نظنه خالداً