ألتأريخ معلم الدول والامم ومعهد الثقافات والقيم
لم تعرف الانسانية جمعاء معلما للدول والامم او معهد
للثقافات والقيم
لم تعرف الانسانية جمعاء معلما للدول والامم او معهد
للثقافات والقيم
او مرشدا حكيما هاديا للانسان في كل زمان ومكان ، أعظم وأحكم وأقدم
وألزم وأعلم من( التأريخ ) . ولكنه معلم شاذ الطباع ، وحكيم غريب الاطوار
ومرشد عادل وصارم لايرحم ولايخاف ولايجامل ، لانه لايطرق باب أحد
ولايمد يده الى أحد ، ولا يحتاج الى أحد ، ولايسمح للاغبياء والتافهين والتنابله
بالدخول الى معبده المقدس ومحرابه الخالد ، بل يقصده ويحتاجه ويراجعه
ويستنصحه ويسأله الجمع دون تمييز ولا أستثناء ، الكبار والصغار ، الاغنياء
والفقراء ، الاقوياء والضعفاء ، الظالمون والمظلومون ، الجهلاء والعلماء
الاغبياء والاذكياء ، ومع أنه لايرد أحداً ، ولايطرق مخلوقا، ولا ينهر سائلا
الا أنه لا يجيب الا من أستحق ، ولايعطي الا لمن يستطيع أن يأخذ ، وليس
بالقدر الذي يريده أو يرجوه السائل بل بالقدر الذي يستطيعه أو يستحقه ، ولا
يكتب للانسان الا مايكتبه الانسان لنفسه ، لايكيل لك التاريخ الأ بالكيل الذي
تكيل به ، ولا يجيبك الا بوزن وحجم ونوع سؤالك ،ولايعطيك الا ماتعطيه
قد يحتاج الانسان الى حكمة الشجاعة في فترة معينة ، ولكنه قد يكون أحوج
الى شجاعة الحكمة في فترة أخرى ، ولعل أعلى الدرجات وأسمى المراتب
في شجاعة الحكمة هي كبح الجماح وضبط النفس ولجم الحماس ، حذراً من
السقوط في المطّبات والحفر ، وتحسبا من الوقوع في الافخاخ والمصائد ..في
الحرب كما في السلم وفي الصراع العسكري كما في الصراع السياسي
والدباوماسي والاعلامي والفكري ، هنالك وقت مناسب وأوان صحيح لكل
شيء ، هنالك وقت للكر وهنالك وقت للفر ، هنالك وقت للهجوم وهنالك وقت
للدفاع ، هنالك وقت للتقدم وهنالك وقت للتراجع ، وهنالك
وقت للاندفاع ، وهنالك وقت للتوقف أو الانسحاب . فلايكفينا حسن التخطيط
فقط، بل يلزمنا حسن التوقيت ايضا ، أذا توخينا الفوز واردنا النجاح ، من هنا وفي
ضوء ماتقدم نفهم حكمة الامام علي عليه السلام التي ورثناها في نصيحة مأثورة
لاتكن لينا فٌتعصر ولا تكن قاسيا فٌتكسر وكأنه يزودنا بحقيقة واقعية "
حية ومعادلة علمية دقيقة للصلابة والمرونة ، أثبتتها التجارب ،وبرهنتها الايام
ولقد فهم هذه الحقيقة ، وأدرك تلك المعادلة ، فكرا وعملا ، تخطيطأ وتنفيذاَ
جلالة الملك فيصل الاول وكان يقول في كل حين دون كلل او ملل : الاستقلال
يؤخذ ولا يعطى وهي عبارة جليلة لانها ىقررت المبدأ ، واكدت الحق ولكنه
كان يقول ايضا (( خذ وطالب )) لانه كان يعلم جيدا ان العالم ليس كما تريده
دائما ، ولا يمكن تقسيمه الى أبيض وأسود ، وأن العالم عالم قوى متفوقة ومصالح
متضاربة وان الحقوق المثلى والاهداف التاريخية الكبرى لايمكن ان تتحقق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق