الأربعاء، 29 مايو 2019

سور الصين مابين -الاسرار-البناء- الضحايا

سور الصين مابين -الاسرار-البناء- الضحايا

يمتد سور الصين العظيم لمسافات شاسعة في الاطراف الشمالية الشرقية
من البلاد ، ويبدأ من نقطة عبر الساحل الشرقي على مقربة من مدينة شنغهاي
في مقاطعة شانكسي ويمر عبر النهر الاصفر وفروعه الى الغرب متعرجا تبعا
للتضاريس الارضية من جبال  ووديان وسهول ،ويتخلل مساره العديد من القلاع
والحصون ومراكز الحراسة وسكنى المقاتلين. وقد شيد  في اكثر اقسامه في
في المناطق السهلية والصحارى بمادة اللبن والطين . كما شيدت الحصون والقلاع
بالطابوق وشيد بعضها الاخر بالحجارة وبخاصة في المناطق الجبلية
لقد شيد سور الصين العظيم اصلا في اربعة مراحل تاريخية لحماية الحدود الشمالية
من هجمات القبائل البدوية المنحدرة من مراعي منغوليا ، وقد استغرقت مراحل تشيده
الاربعة اكثر من الفي سنة . فقد شرع ببناء قسمه الاول في عصر مايسمى بالممالك

المحاربة ( 770ق. م- 221 ق .م ) كما شيد قسمه الثاني في عصر سلالتي جن
 وهان ( 221 ق .م - 220م ) وشيد قسمه الثالث في عصر سلالات وي وشو
وتانغ ولياو خلال القرون الممتدة بين القرن الثالث الى القرن العاشر  الميلادي
واكمل بناء قسمه الرابع والاخير في عصر سلالة منغ في اواسط القرن الرابع عشر
للميلاد في شمالي مقاطعة شانكسي . لايزال المعبد الكبير في ينكشيان ، الذي في
عام 1056 قبل الميلاد قائما في وسط سهول جرداء لاتبعد كثيرا عن مدينة دانتوك
القديمة . أنه مشيد من الخشب كلياً ويعد بحق مفخرة من مفاخر المهارة الصينية
التقليدية ودليلا رائعا على فن النجارة القديمة . وفي الوقت الذي اقيم فيه معبد ينكشيان
كان الباحثون المعنيون اثناء حكم سلالة صونغ يعجبون ايما اعجاب بالعمل الذي
انجزه الاسلاف منذ الف سنة خلت ، كما انهم اعجبوا بالامبروطوريات التي قامت
في الماضي القريب لكنهم مع ذلك نزعوا الى العيش في عالم مغاير . فالسور العظيم
لم يعد يحمي المملكة الوسطى من الغزاة الشماليين فقد احتل من اعقبهم من البدو كثير
من الاراضي الواقعة شمال النهر الاصفر وتعرضت شيان العاصمة القديمة ابان حكم
الهان - والتانغ - الى الخراب لامد طويل ، وأضحت ( الصين ) منطقة صغيرة بحد ذاتها
وقد هاجر معظم سكانها جنوبا ، هربا من المعتدين الشماليين في القرنين الحادي عشر
والثاني عشر بعد الميلاد ، واصبحت مدن صونغ الصينية الرئيسية . في ( كيفنك ) أولا

ثم في (هانكزو) اكثر زخما بالسكان واغنى من اي المدن المعاصرة لهما . وزاد اعتماد
اهلها على الخبرات الهندسية التراثية لتعزيز اقتصادها التجاري المتوسع . والى الشمال
أشرف ابناء سلالة ((لياو )) على بناء العديد من المعابد والابراج الكبيرة . وكان ضمنها
المعبد الخشبي العظيم في ينكشيان ، الذي بني وفق مقاييس راسخة اعترف بجدواها
البرابرة القاطنون شمالاً ، والصينيون على السواء حين ينظر المرء الى المعبد من مسافة
مناسبة ، يترايء له المبنى كتلة ذات وزن وصلابة وبخلاف بعض المعابد الممثالة
المشيدة بالحجر الممشوق في الجنوب التي تبدوكأنها في مهب الريح ، فأن هذه الكتلة
تظهر ثابتة بقوة على الارض . ويعزى الفضل في ذلك الى البنائين الذين وسموا طبيعة
المكان بهذه السمة الفريدة . أن هذه المنطقة الواقعة الى الشمال الشرقي من الانعاطفة
الكبيرة للنهر الاصفر هي جزء من الهضبة الصينية الرسوبية الشاسعة . وتتجمع
الرواسب باستمرار على الحواف العريضة لوادي النهر بهيئة اكوام ترتفع عدة مئات من
الاقدام على ضفاف التلال المحيطة . وبهذا تحيل المنطقة الى تربة خصبة متفتته ، لكنها
بطبيعتها تلك تكون اكثر عرضة الى التحول والانهيار ، وقد دأب الصينيون منذ الاف
السنين على حرثها وحفرها وزرعها . واذا ماعوملت هذه المادة الرسوبية بطريقة ملائمه

فانها تعتبر مادة بنائية بطبيعتها ، صالحة للاستخدام في البناء وقد تنحت فيها مغاور
باردة تصلح مساكن منمقه ، قد تأوي قرى بأكملها . لكن هذه المادة أذا ماطرقت وسحقت
فانها تعد صالحة للاستخدام في اقامة الاسوار
في الريف حيث تبدو القرى والشرفات والحقول متوائمة في احظان التلال المحيطة بها
فان الاسوار المشيدة من اللبن تؤلف منظرا اعتياديا انها شائعة الى درجة الاقتران
بالحضارة الصينية عبر العصور السحيقة وواقفة بثبات حتى ان البعض منها يعود الى
الاف السنين . وهناك اخرى جديدة تقوم بمحاذاة الاسوار القديمة وهي نتاج جهد
استثنائي متواصل
تقليديا يقوم البناء على اسس ممهدة جيدا بكسارة الاحجار غالبا . ولكي يُعطى السور شكله
المطلوب يستخدم الخشب او القصب أطراً لتدعيمه . وشيئاً فشيئاً يسكب العمال طبقات
خفيفة من التربة . ثم يزيدون السكب بعد ان يتم دك كل طبقة دكاً جيداً . وفي الازمنة الغابرة
كانت اصداء الطرقات الخشبيه تتواصل في الهواء لاسابيع او لاشهر كلما ارتفع الجدار
سنتمتراً بعد سنتمتر . وبمثل هذه العملية ، فان الجدار الطيني الذي يبلغ سمكه قدمين يمكن
أن يرتفع عشرة اقدام او أكثر ( علما بأن الاسوار الدفاعية تستلزم أرتفاعا وسمكاً أكثر) ويقوى
على البقاء ضد عاديات القرون
بعد أن عبرنا نهر ((يو)) اقتفينا طريقا ممهدا تاركين القرية خلفنا . ومالبثت ملامح
ابراج الاشارة ان برزت امامنا بين التلال المحيطة .. أنها تنهض في ضوء الشمس الساطع
مثل كوز السكر الاسمر ، ويتموج في مابينها السور العظيم برفق كان يداً كونية قد صاغته
بين الابهام والاصبع الامامي . وحين اتخذنا طريقنا صعوداً على الحاجز المنحدر القديم
بدت لنا مجموعات من البيوت على الجانب الشمالي ، في منغوليا . واليوم يمتد السور الى
حوالي (2500 ميل) أو(10الاف -لي- )  كما يود الصينيون ان يسموه . من الساحل غرب
شنغهاي الى صحارى مقاطعة كانسوالى الغرب . لقد كان هذا السور قائما لمدة الفي عام
لكن اياً مما نشاهده اليوم تقريبا لايؤلف السور الاصلي . فالسور الاول اقيم معظمه في
القرن الثالث قبل الميلاد أتخذ - كما يبدو- مساراً أخر . في الواقع ان السور العظيم ، يمثل
عدة أسوار بنيت وجدد بنائها عبر العصور ، لكنه بما يمثل من رمز للوحدة فقد اقرن

بامبراطورية الصين الاولى وبحاكمها الاسطوري (جن-شي) الملقب بنمر جن - وتدل
السجلات المستمدة من القرن الاول قبل الميلاد على ان قوات جن بعد ان وحدت الممالك
المتحاربة بالقوة في وديان النهر الاصفر ونهر يانكتزي أمر أمبراطورها المنتصر قائده
(مينغ تيان ) بتأمين الحدود الشمالية . ولم يكن القائد المذكور بقواته البالغة 300000رجل
بحاجة الى ان يبدء من الصفر . فقد أستفاد من التحصينات التي كانت تحمي عددا من الممالك
السابقة وشرع يقويها ويمدها ويربط بينها بوحدة متكاملة . ان أكبر مشروع بنائي تم تشييده
وهو هذا السور المتموج ، يعادل عشر محيط الكرة الارضية وقد غير وجه أسيا الى الابد
تُرى كيف نفذ مثل هذا المشروع ؟ هل جمعت جيوش من العمال ببساطة وشرعت بالعمل ؟
كلا ... أبداً . أن هذه المناطق الجرداء المحاذية للحدود الشمالية كانت نائية ، قليلة السكان
يصعب تموينها ، وبناء مثل هذا السور يتطلب بناء مجتمعات لتامين مهمات العمل . ففي
بعض نقاط الحدود ، قامت فرق من العمال بحفر قنوات الارواء وحرث حقول جديدة
وبناء ملاجيء وقلاع ، وفي البقاع ذات المستنقعات الملحية سخّرت قوافل من العربات
لجلب الحبوب ، وعند ذاك فقط أمكن ألبدء بالعمل
من الواضح ان البقايا البنائية الانيقة المحفوظة اليوم على مقربة من بكين او شنغهاي
تحمل شبها قليلا باسلافها من الماضي السحيق في القرن الثالث قبل الميلاد . فالعمال

البائسون الذين سخرهم الجنرال مينغ تعاملوا اي مواد استطاعوا الحصول عليها
لتنفيذ العمل . فعملوا على تقوية السور وتدعيمه بالحجر والقصب والخشب والرمل والحصى
مما هو متوفر في المناطق المحلية . وتقوم الاف من ابراج المراقبة المحصنة بمراقبة
النقاط الاستراتيجية فتطلق سيلا من الاشارات الجاهزة ... ان الاستحكامات التي اقامها جن
على الرغم من كونها لاترقى الى المستوى الذي انجزته الاجيال التالية . كان لها دورها
المؤثر في حماية الامبراطورية لقرون عدة من المهاجمين على ظهور الخيل ، وأمّنت
حركة الناس عبر الحدود بفضل المراقبة التي وفرتها البوابات لهذا الغرض
وبقدر ماتحقق من براعة في الانجاز بقدر ماكلف ذلك العمل غاليا . فقد نقل عن مؤرخ
من مملكة ((هان )) بعد قرن من الزمان قوله ((لقد عرّض جيوشه الى اشق مهمات الحدود
فلم يبق اقل من عشرين او ثلاثين الفا في الحقل حتى بلغ عدد الموتى رقماً هائلاً
وأنتشرت الجثث على الاف الامتار وغطت جداول الدم السهول . وقد نقل التراث اخبار
الملايين من الكادحين الذين عملوا تحت جلد السياط بأمرة الجنرال مينغ تيان . لكن هذا

بدوره دفع ثمن قسوته وجوره ، فقد جاء في المدونات انه فضل الانتحار على ان ينفذ به
حكم الاعدام وأعترف قبل موته بأنه أغاظ الكون نفسه بقطعه شرايين الارض . وبعبثه
بقوى الطبيعة التي ينبغي عدم المساس بها
لم يكتمل السور اثناء فترة حكم الامبراطور الاول ،  أذ كان يؤلف تحديا للمتطلبات
المتوفرة لدى مملكة ((هان)) حتى قُيض له ان يكتمل اولاً في عهدها . وحيث أن قوة الممالك
المتعاقبة كانت متفاوته فقد تقاوتت كذلك درجات الاهتمام الامبراطوري بالحدود
الشمالية . فقد تطلب الامر ملايين الايدي لاقامة السور ، وملايين أخرى لادامته ، ونجاحه
بالتالي يُعزى الى العامل البشري المتوفر والصيانة المتقنة ، وكلاهما لم يكن متواصلا دائما
الى الشمال من داتونغ ، كان هنالك جداريعود انشاؤه الى عام 607 قبل الميلاد على اقل
تقدير حين اقتضى الامر استدعاء مليون رجل لاكمال المقطع الممتد بين تلك المدينة وبكين
وتشير السجلات الى انهم اتموا العمل في حدود عشرين يوما . وقد كانت احدث عملية اعادة
بناء هائلة في القرن الخامس عشر عندما قام اباطرة منغ باصلاح السور الكبير على طول
امتداده ، وتتكدس مخلفات ذلك العمل الى اليوم بمحاذاة الحدود مع منغوليا وقد دعم جدار سلالة
منغ بعد أن أنكفأت واجهائه الخارجية نحو الداخل كلما علا ارتفاعها . ويقوم جزء من مقطع
نموذجي في السور الشرقي على علو 20 -30 قدما ويبلغ سمكه 25 قدماً عند القاعدة و 15 قدماً
في القمة . كما اقيم على مسافات يمتد كل منها حوالي الميل على طول الجدار 1700 برج
للمراقبة . وفي حالة وجود الارض المناسبة ، فان الحاجز يدعم آنئذ بخندق مائي . ومع كل
هذا ، فأن الجدار كان عرضة للاختراق . فقد أخترق المقطع الكائن قرب مدينة داتونغ في
مناسبات عدة . وفي القرن الحادي عشر ، فأن المملكة التي أسسها أحفاد الغزاة البدو
اقتحموا في الواقع الحاضر الكبير برمته مع ذلك ، وعلى الرغم من نقاط الضعف فيه والثمن
الباهظ الذي سببه وراح ضحيته الالاف من الارواح البشرية ، فان السور العظيم كان
دائما مفخرة خاصة للصين ، فقد كان ذات مرة يؤلف فاصلا بين العالمين الداخلي والخارجي
ويقدم وصفاً لمحيط الحضارة نفسها . وفي ضمن تلك الحدود تكمن العجائب
اليوم لايشاهد الا القليل ، حتى ( القصر العظيم ) قد أختفى ، ذلك القصر الذي سبق أن أوحى
بالشيء الكثير لمهندسي ( المدينة المحرمة ) في بكين وللمعابد العظيمة في نارا باليابان
وحين أقتربنا من المنصة المستطيلة الهائلة لاحد القصور الرئيسية وجدنا انفسنا في وسط
وجوه التنين المزمجرة . وكانت هناك على المنصة عدة طبقات من الاقراص الحجرية .أنها
قواعد الاعمدة ، نسخ عن القواعد الاصلية المطمورة تحتها . فهذه الكنوز حين يُنقب عنها
كما أشار مسؤول عن حفظ الاثار سيكون من الخطر عرضها مكشوفة للناظرين ، فهم يعيدون
دفنها ويعرضون نماذج منها على الارض ليتعرف الناس على تلك المكتشفات
بالنسبة للصينين ، فأنهم يعتبرون حاكمهم ابن السماء ، وان عاصمته ينبغي ان تعكس
نظام الكون . لذا فان فن البناء كان ذا اهمية بالغة ولايصح ان يترك للابتكار البشري وشأنه
شأن الكتابة والموسيقى وقواعد (( الاتيكيت )) فأن المعرفة بهذه الاشياء انما هي عطاء من
الالهة انفسهم . وقياسا باحد الاساطير فأن ( فوكشي ) خالق الكون الذي وضع مع شقيقته نظاما
للعماء ، هو الذي لوّح بمربع البناء رمزاً لسطوته ، وأن البطل المقدس ((غون)) المهندس الاول
علم الناس كيف يشيدون أولى المدن المسورة
كانت الارض ، بالنسبة للصينين القدامى شيئا عضويا ، ومثلها مثل الجسم الانساني فأن لها
لحماً وعظاما وعروقاً . في الارض وفي كل مادة تنساب الطاقة عبر القنوات المقدسة ، وفي
كل عمل ، يشعر البناء الصيني أنه مدعؤ لاحترام هذه الشريحة المقدسة ، وأذا فعل غير ذلك
فأنه سيجلب كارثة . فبالنسبة لسياج حديقة او بلاط ملكي ، يستشير البناؤون كُشّاف الغيب
الاخصائين في هذه المعرفة المقدسة ، طلبا للنصيحة في اختيار الموقع اولاً  ، ويشرع هؤلاء
الكُشاف بعملية قياس متأنية للضوء والظل ن ولوجهة الماء الجاري ، ولطبيعة الارض  عموما
لكي يقرروا متى تعمد الارواح الشريرة الى اثارة عاصفة أو فيضان أو كارثة ما
يعد الشتاء انسب الاوقات للعمل ، أذ تتوفر الأيدي العاملة التي غالبا ماتكون مشغولة في الزراعة
في غير هذا الفصل من العام ، فتبنى اسوار المدينة ومقر الارواح الحارسة أولاً ، ويتغنى
العمال عادة اثناء عملهم ، لكن رؤساءهم يحومون حولهم لئلا يجلب احدهم من الساخطين
حظا سيئاً أذا هو نطق بعبارات مشينة . وتُبنى البوابات عادة بعناية فائقة ،باب واحد في الاقل
على كل جانب ، بينما تطلق أبراج المراقبة ، المتعددة الطوابق ، التحذير ضد الغزاة .وحين
ينتهي العمل في الاسوار ،يهييء العمال مذبحاً لآلهة الارض ، ثم معبدا للجدود . عند ذاك فقط
 يكون من المناسب تشييد القطاعات السكنية والوظيفية للحاكم ولأتباعه . وتشغل المنطقة
الادارية في العادة مركز المدينة ، ويتولى الحاكم الرئيسي القيام باعباء مهمته ، كما كان
يفعل ( أبن السماء ) وهو جالس على منصته صوب الجنوب . وقياساً بحكمة متعارف عليها
فأن السماء مدورة والارض مربعة . أن الشكل المثالي لمدينة جديدة هو ان تكون بهيئة مستطيل
تصطف أسوارها مع الاتجاهات الاربعة الرئيسة لها . هذا الشكل المثالي مثالياً ليس الا. أذ غالباً
مايتم تجاوزه او تحريفه ، فتنقلب المستطيلات الى دوائر ، او تضغط لتصبح أشباه منحرفات
ويبدوان الآلهة تصفح عن هذا الاجراء الذي يخضع للبداهة . وحتى في ((شيان )) مركز تجارة
  الحرير التأريخية ، لم ترق هذه المثالية الى درجة القدسية المفرطة . ففي عام 662 قرر
الامبراطور الانتقال الى من مجمع القصر الرئيسي الى (سهل رأس التنين ) لأنه -كما قيل -رأى
أن الرابية المرتفعة قليلا خير لما كان يشكو منه من مرض المفاصل . وسواء تطابقت
المواصفات الكونية على مدينة شيان أم لا ، فأن الصينيين لايزالون يثمنون ذكرى مجدها
وفي القرن الثامن سكن فيها مالايقل عن مليون من الناس ، ورحبت شوارعها الفسيحة بالتجار
والرهبان والمغامرين القادمين اليها من اماكن قصية كمالاقا وكلكتا . ويختلط في اسواقها
المسلمون والمسيحيون والبوذيون التي تفتح يوميا على وقع ثلثمائة طبل ، وتتوافد البضائع 
اليها عن طريق القنوات . لكن هذه المدينة سقطت في عام 907 ضحية الادارة الرديئة
والارتداد الاقتصادي ، والثورة الداخلية ولم يتلق من قصورها القديمة شيء يذكر . ولم
تبلغ اي من المدن الصينية شاؤنها وعظمتها ، لكن كلاً منها كانت تحذو حذوها ، روحا وطابعا
واليوم. يغادر الزوار في بكين المدينة المحرمة من خلال بوابة السلام الالهي ليسلكوا طريق
شيان عاصمة الصين القديمة ، وهم يستذكرون ان وحي الماضي لايزال له معناه بين
معطيات الحاضر ، سواء كانت هذه المعطيات طبيعية ام من صنع البشر


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق