الجمعة، 3 مايو 2019

الفرعونية - وظاهرة التفرعن

الفرعونية 

قد يتبادر للبعض ان الظاهرة الفرعونية التسلطية التي
مرت بها الكثير من الشعوب والمجتمعات قديما وحديثا 
تقتصر على مايمارسه الحاكم او الزعيم المتصدي لادارة
شؤون تلك المجتمعات في حين ان لهذه الظاهرة التي اهتم 
بها القرأن وشغلت مساحة واسعة من آياته أبعاد 
وانعكاسات في الكثير من مفاصل الحياة اليومية التي
يعيشها الانسان .هذا مع وجود تباين في حجم الاثار
واقتصارها على مجالات محددة
ولو تتبعنا سمات هذه الظاهرة وميزاتها لوجدنا
الكثير من اوجه التشابه والتطابق بينها وبين ما مارسه
الطغاة من افعال تسلطية على مستوى الفرد والمجتمع 
فهي ظاهرة تكاد تكون ملازمة لكل عصر . ولعل خير
شاهد على ذلك مارواه التاريخ من احداث مريرة وسير 
كثير كشفت حجم التسلط والطغيان الذي مارسه فراعنة
العصور بحق مجتمعاتهم
اما اليوم فالامر لايحتاج لبذل جهد كبير للوقوف على 
انعكاسات هذه الظاهرة ولمس اثارها فهي منتشرة بشكل
مريع .وفي الكثير من المجتمعات وبمديات وميادين كثيرة
اذ من الممكن ان نجد فرعونا او دكتاتورا . كما يطلق 
عليه حديثا . يدير دفة حكمه بكل قسوة وشدة بدءا 
بالاستعلاء والطغيان والبطش بالرعية وزرع التفاوت
الطبقي بينهم . من خلال استعباد طائفة منهم والاغداق 
بالعطاء والامتيازات على طائفة اخرى ناهيك عن
 الافساد في الارض تحت عناوين ومسميات زائفة

 إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا 
 شيعا يستضعف طائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ
 أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ

وهكذا هو الامر مع من دونه من فراعنة صغار يتولون
المسؤولية في مجالات مختلفة . اذ نجد هذه الظاهرة حاضرة 
 ولكن على نحومحدود في جملة من المواطن
فقد نجد احيانا أن هذا السلوك الفرعوني ماثلا امامنا 
في الوزارة او الدائرة وحتى المدرسة والاسرة او
في غيره من مجالات الحياة وذلك من خلال ماينتج
عنها من طغيان واستكبار وتعسف .وتفرد بالحكم والرأي
ومصادرة للحقوق والحريات والمعتقدات الدينية وتكميم
الافواه وقد تصل الامور الى الاستخدام المفرط للقوة 
لفرض هذا الواقع . ويقينا ان لهذه الحالة اسبابها
الواقعية .فجانب منها يتعلق بالهرم واخر يتعلق بالقاعدة
اما الاول فهو يتعلق بعملية التجهيل والاستخفاف والدعوة
الى الغواية التي يمارسها الحاكم او المسؤول بحق 
الرعية  ( فاستخف قومه فأطاعوه ) والثاني هو خنوع 
القاعدة الجماهيرية ونفاقها وضعف يقضتها ومتابعتها لما
يجري من حولها من احداث فضلا عن تسافلها وخروجها
عن طاعة الله ووقوعها في مستنقع الرذائل ( أنهم :كأنوا 
قوما فاسقين ) من هنا يمكن القول أن الظاهرة الفرعونية 
هي ظاهرة ملازمة لوجود الطواغيت وهيمنتهم وتسلطهم
وحري بمن تمكنت منه هذه النزعة الهدامة .أو اوقعت 
أثارها عليه ان يتصدى لها ويجهد نفسه في رفع تلك
الاثار انطلاقا من الاستعانة بالله تعالى والثقة العالية به
عز اسمه ومحاربة هوى النفس والصبر على مايصيبه
من اذى والام والتحرك لتغير الواقع المرير الذي يعيشه

قالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا ۖ 
إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۖ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين


 مجلة منبر الجوادين
الصادرة عن العتبة الكاظمية المقدسه
العدد 131

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق