الخميس، 31 ديسمبر 2020

أنسداد الأنف ماذا يحصل ؟

أنسداد الأنف ماذا يحصل ؟


تعتبر عملية التنفس من شهيق وزفير من العمليات الحيوية للكائن البشري
حتى انه بدون استنشاق الهواء بنسب الغازات المعلومة والمحددة المتواجده
فيه عبر شهيق وزفير لاتتم حياة ولا تستمر ...والانف عضوفي جهاز التنفس
حيث يبدأ ليمتد الى قصبة هوائية فقصبات فقصيبات تمتد في نسيج رئوي
يحوي الحويصلات الهوائية فيتم التبادل الغازي بين غاز مفيد (الاوكسجين ) و
غاز ضار - ثاني أوكسيد الكاربون
وعلى ذلك فأن للانف دوره المفيد في عملية التنفس .. فهو الذي يرشح الهواء
الداخل الى الرئتين مما قد يعلق به من مواد ضارة او ملوثة ، أضافة الى  ان
النسيج المخاطي للانف يقوم بمعادلة درجة حرارة الهواء الداخل ليلطفه فيصلح
بذلك للتعامل مع جسم الانسان حسب درجة حرارية محددة .. وبهذا لايدخل
الهواء وهو بارد في الشتاء حتى يلطفه نسيج الأنف المخاطي بأوعيته الدموية
وتركيبه الدقيق .. وكذلك الحال مع الهواء الحار صيفاً .. ويصاب الانف بالمرض
حتى ان الطب قد خصص فرعاً بذاته لعلوم امراض الانف والاذن والحنجرة
تخصص فيه الاطباء ورجال العلوم الاخرى .. ولا نفصل الا في حالة انسداد
الانف التي لايكاد احد لم يشكو منها يوما في حياته .. ومثل هذه الحالة كثيراً
ماتعرض للعيادات الخارجية في المستشفيات والمراكز الصحية ليتم الفحص
فالتشخيص للمرض ليكون العلاج ضمانة للصحة .. وعلى ذلك فأن  الانف قد
يسد كحالة حادة نتيجة الاصابة بالرشح  او الزكام او بعد الاصابة بحالة الانفلونزا
وهو مما معروف وسهل التشخيص وله العلاج  المناسب .. كما أن حالة أنسداد
الأنف نفسها .. حيث يكثر ذلك ويعرف عند اشخاص بعينهم ممن يملكون
الاستعداد العائلي للحساسية الأنفية اكثر من غيرهم .. فنرى ان هناك عوامل
مناخية او بيئية او نفسية تؤدي بصورة غير المباشرة  الى ظهور  اعراض
حالة الحساسية على الأنف كعضو في جهاز التنفس .. أضافة الى مايعنيه ذلك
من ارتفاع في نسب الاجسام المضادة ( أنواع خاصة من مادة بروتينيه ) في
دم مثل هؤلاء المرضى بالحساسية وينتج عن الحساسية تغير واضح في الصفة
التركيبية للانف واغشيتيه  وبطانته ، فبألأضافة الى الاحتقان  والتضخم في
النسيج المخاطي للأنف هناك حالة التكوين للزوائد اللحمية في اللأنف بعد ان
أحتقن النسيج المخاطي وتضخم .. مما يؤدي الى حالة الانسداد المشار اليها
وأذا كانت الجهود الطبية ترتكز في أيامنا الحاضرة على أيجاد  العلاجات
المناسبة والصحيحة لحالات الحساسية  التي تصيب اعضاء جسم الانسان
المختلفة ومنها الانف ، فأن أخضاع الشخص المريض لفحص الحساسية
الخاص  بالكشف عن الجين المضاد المحسس له فائدته ، وأن كان ذلك محدوداً
والعلاج لمثل هذه الحالة ،فاللأبتعاد عن العوامل المهيجة والمحسسة  التي
تسبب الحساسية - دور في ذلك ، وأن كان ذلك صعب  الحصول  فأن هناك
بعضاً من العقاقير الاستنشاقية التي تساعد في التقليل من اعراض المرض
فتريح المريض ايما راحة ... ولايمكن ان ينصح بعقار  الكورتيزون في المراحل
الاولى ... ولا ينصح به بالنسبة للمرضى ذوي الاعمار الكبيرة بغية تجاوز
الاعراض الجانبية  والحفاظ على السلامة والصحة
ويسد الأنف كمجرى لدخول الهواء  لغرض التنفس بعد الاصابة بالتهاب الجيوب
الانفية ، حيث تعرض للشخص المصاب بمثل هذا النوع من الالتهابات اعراض
مرضية هي غير الانسداد الانفي .. كالشعور بحالة الصداع المستمر  والاحتقان
في البلعوم وكثرة الافرازات السائلة المخاطية ... ولن ينتج عن التهاب الجيوب
الانفية  الا احتقان مزمن في النسيج الانفي المخاطي فيحصل  التضخم ليسد مجرى
الانف ... فتزداد حالة المريض سوءاً .. وعرفت العلاجات الدوائية لحالة  التهاب
الجيوب الانفية ..فأذا خضع المريض للدواء المناسب ولم تستجب حالته بالتحسن
كان للجراح دوره .. فتغسل الجيوب وتنظف عدة مرات  بغية العمل للقضاء على
المرض من أساسه . ويسد الأنف لأسباب أخرى تقتضي  الفحص السريري
والمختبري والشعاعي  بغية التأكيد ، ومن ثم وصف العلاج المناسب وفي ذلك صحة
وبراء من المرض ان شاء الله



الجمعة، 27 نوفمبر 2020

النركيلة .. سموم بعطر التفاح والليمون والهيل





لــــم تــعد المخاطر الصحية  للتدخين خأفية  على أحد  منا
بقدر ماأصبحت  آفة  التدخين  مشكلة عالمية  تحصد سنويا 
حياة الآلآف  من المدخنين نتيجة الامراض  القاتلة التي تسببها
هذه الحقائق  توضحت  بشكل كامل  للجهات الصحية  والبيئية
في العالم  وراحت  تبحث عن الحلول الجذرية  التي من شأنها 
أنـــقاذ البشــرية من مخاطر التـــدخين 
وفي خضم تلك الجهود ... نجد بالمقابل  لدينا أنتشار  ظاهرة 
تدخين  النركيلة  من قبل الشباب والشابات احيانا في  المقاهي
قديما وحديثاً  وهي أشبه بـــ   ( الكافتريات ) التي امتدت 
وانتشرت كالطحالب  في الاحياء السكنية والشعبية والشوارع
المهمة وراحت تقدم لزبائنها  النركيلة  واغلبهم من 
الشباب 
 جنبا  الى جنب مع القهوة والشاي  والاكلات 
السريعة كواحدة من خدماتها  التي تميزها  عن بقية المقاهي
التي اعتاد افراد من المجتمع على ارتيادها .
نـــعــم  أنها  النركيلة  التي ما كنا  نراها الا نادرا  في يد رجل
مسن في المقاهي الشعبية  التي كانت  تزخر بها  شوارعنا
أما اليوم فاالامر قد أنقلب رأساً على عقب  حيث أصبحت  هذه
النركيلة تدور  بين ايدي الشباب  في المقاهي والكافتريات وهي
جزء من صرعة ( المودة ) راح  يقلدها شبابنا بعد ان استوردها
الظالمون  والمتاجرون بصحة اجيالنا ... استوردوها من دول  
كجزء  من مظاهر التمدن والتحضر  وكأنها  مواكبة مبتورة 
للتقدم العلمي  الذي يشهده العالم  في مجال الحاسوب  والطب 
والتكنلوجيا  وبقية العلوم الاخرى  , وللاجل اعطاء الصورة  الاكثر
وضوحاً ومن دون عناء في البحث - دخلت احدى تلك المقاهي التي
غصت بالشباب المدخنين للنريكلة  وقد امتلأ جوها  بعطور التبوغ 
المعسلة  بروائح التفاح  والفراولة  والليمون  والهيل  والقداح  وغيرها
وهي تحمل بين ذراتها سموما قاتلة  لامحالة  وكان  صاحب المقهى 
فخورا  بما يقدمه  من خدمات وتسهيلات لزبائنه الشباب . فالتبوغ 
جميعها مستوردة وأسعارها متفاوته حسب المنشأ  ففيها الغالي  وفيها 
 الرخيص والشباب لاهون  في تدخينها  غير مبالين  بما تخلفه من 
مخاطر صحية تهدد الحياة  ومما يؤلم في الصورة هذه  ان هنالك 
بعض ( صغير العمر ) ويدخن ليثبت أنه أصبح رجلا بهذه الطريقة 
التي لاتمت للرجلولة بشيء يذكر ) تتألم وأنت ترى شبابنا يتناقلون 
النركيلة  القاتلة فيما بينهم ، والسموم القاتلة تنهش  صدورهم  الغضه 
ومن خلال  تقليد أعــــمى  لظاهرة دخيلة  على مجتمعنا  لاتمت له بصلة
لا من قريب   ولا  من  بعيد  وقد روج لها اصحاب المقاهي  من اجل
الكسب الحرام على حساب  صحة وحياة  ابنائنا  ممن تنقصهم الثقافة 
الصحية . هذه الصورة تتكرر في مختلف الفنادق  باختلاف  نجومها  
ورغم دعوات وزارة الصحة وملصقاتها التي سبق لها  وان حذرت 
من مخاطر التدخين وخاصة النركيلة  وذلك لما تسببه  من اصابات 
بمختلف اشكال  السرطانات  في الرئة والحنجرة والمثانة  واللثة 
واصابات  الاوعية الدموية  الموجودة في المخ  والشرايين  القلبية 
لذلك ندعو مخلصين  ان يميز شبابنا مخاطر هذه السموم  وان يلجأ 
كل منا  لنصح الاخر للتخلص من هذا الداء واقتلاعه من الجذور
 لننعم بحياة صحية سليمة  دائمة  





الأربعاء، 17 يونيو 2020

الصحف العراقية ايام زمان


صدرت اول جريدة في بغداد في ربيع الاول 1286هـ الموافق
  15 حزيران 1869 م
والذي اعتبر (عيد الصحافة العراقية ) وطبعت في المطبعة التي جلبها مدحت باشا
من فرنسا عند تعيينه واليا لبغداد واستمرت   ((الزوراء  في الصدور)) حتى اذار  
 عام  1917 وبهذا تكون مدة صدورها 48 عاماً . وبعد الزوراء صدرت المئات 
من الجرائد تباعا هذا ولم تصدر في العراق قبل الانقلاب العثماني  غير صحيفتين 
رسميتين فقط هما (الموصل ) عام 1875 م و(البصرة ) في البصره عام 1875م
وبعد الانقلاب العثماني وانبثاق الدستور في عام 1908 استطاع المفكرون وعشاق
الحرية من ابداء الرأي وأصدار العديد من الصحف منها :بغداد ، الرقيب ، الزهور
بين النهرين ، قلنبج ، الرياحين ، الارشاد ، الانقلاب ، التعاون ، الروضة ، الحقيقة
صائب ، صدى بابل ، الزهور ، ديلروم الطرائف ، بالك ، خان الذهب ،سيف الحق
البلبل ، أفكار عمومية ، يكي موده ، كرمه لزمه ، الاسرار ، الصاعقة ، المصباح
شمس المعارف ، النهضة ، عنجة أتحاد ، مكتب صدى الاسلام ، الايقاظ الرصافه
الاوقات ، العرب ، وهناك مجلات ظهرت في تلك الحقبة منها 
زهرة بغداد ،  .الايمان’العمل , تنوير الافكار , سبل الرشاد , الغرائب
  النور ، بنك كرد  وغيرها العشرات من الصحف والمجلات
وفي النصف الثاني من القرن العشرين وقبل ثورة 14 تموز 1958 م وبالذات  في
سنة 1954 م كانت تصدر في بغداد وفي المحافظات ( الالوية ) اكثر من مئتي 
جريدة ومجلة منها ماكان يصدر بانتظام  وهي قلة جدا ومنها ماكان يصدر حسب
الامكانات الشخصية والفردية حتى جاء قانون المطبوعات لعام 1954 م فالغى 
بموجبه كل الجرائد والمجلات التي كانت تصدر ومنها الصحف الحزبيه ( لواء 
الاستقلال والاهالي والجبهة الشعبية ) وبعدها سمح القانون وفق تشكيلات جديدة
ان تصدر بعض الصحف اليومية فصدرت وقتها البلاد ، والزمان ، والاخبار ،
والحرية .. وهكذا أستمرت  عشرات الصحف  والمجلات لتصدر بانواعها    
واختلاف تخصصها ومواضيعها  الى يومنا هذا 

الثلاثاء، 16 يونيو 2020

قطرات الزيت


قطرات الزيت
كان شاب يطلب العلم والحكمة  والمعرفة سافر ذات يوم الى حكيم من
الحكماء ليتعلم الحكمة والعلم ، استقبله الحكيم بحرارة واجلسه بجنبه
فشاهد ان الحكيم له قصر كبير جدا وله خدم . وهذا مالم يتوقعه  من
الحكيم فكان يظنه يجلس ببيت متواضع  وحياة عادية فتعجب من هذا
قال الحكيم  :  ياشاب ماسبب قدومك اليّ ؟
قال  :   اطلب العلم والمعرفة وأن لا  أنغر بهذه الدنيا
فابتسم الحكيم وقال  :  خذ ملعقة وضع فيها قطرات من الزيت  وامسكها
بيدك وتجول بقصري الكبير وأستمتع بمشاهدته  واياك ان تسقط قطرة من
الملعقة .  ففعل الشاب ووضع القطرات من الزيت في ملعقة وذهب يتجول
في القصر ، وكان منشغل النظر في الحفاظ على القطرات ، فتجول في القصر
ورجع الى الحكيم ،  فقال له الحكيم  :  كيف هو القصر  ؟
فقال له الشاب لم ارَ  شيء من القصر بقيت مهتماً بالحفاظ على قطرات الزيت
فقال الحكيم اذهب وشاهد القصر ، فذهب يتجول حتى شاهد معالم القصر
ورجع الى الحكيم ، وأذا بالقطرات سقطت ، فقال الحكيم :  أين قطرات الزيت؟
فقال الشاب  :  لم أنتبه اليهنَّ فقد أنشغل فكري بالقصر وزينته
فقال الحكيم  :  هذا هو الدرس المهم لك ، يجب أن تكون عادل بين الحفاظ
على دينك والاستمتاع بزخرف الدنيا ولذاتها الفانية دون ان يشغلك عن دينك
واخرتك ، وأن لاتميل كل الميل

قلم الطفل
طفل سأل أباه  : لماذا تكتب بقلم الحبر ؟  وأنا أكتب بقلم (الرصاص) ؟  
قال الأب  , أنت مازلت طفل تستطيع مسح أخطاءك بسهولة ، ونحن الكبار
أخطائنا لاتمسح بسهولة !!؟
















الخميس، 28 مايو 2020

كي لاتمل الانتظار

موعد


مركب السفر تلوح

وقلبي الحزين... يغني من جديد
وترقص الاحزان
وتخمد النيران
وتزهر الدنيا
وتلبس اثواب عيد
بعودت الحبيب
من طرقات السفر انها تنتظرك
تحت المطر
بين الرعود
تستظل الشجر
فلا تتاخر
قد تمل الانتظار
فتعشق حبيباً يسمى الضجر
للفرات امتداد الرماح

وللدم لون الفرات
وللشعر قامة وطن
تكسر كل الرياح
فأبدأ  من هنا
للعراق أنتمينا 
نتبارى  بالسماح 
وللحلم الذي حملناه
حباً وجرحا نبيلا  
يملاْ الارض صهيلا
نرفع الاعلام سلاما
 جيلا،، فجيلا
بين الاضالع يحتمي وهج
من نبض قلبي يشتكي طربا
عشنا ليالينا معطرة
تزدان  بالعشق الذي  وهبا
ايام كنا نلتقي ولنا
نبع يروينا وما نضبا

الأربعاء، 13 مايو 2020

النقش على السراب



فارقته عشرين عاماً ثم لقيته  فأذا به  هو هو ! أمتلأ جسده شحماً ولحماً
ولكنه ظل على ماكان عليه . لم يزد في علمه شيئاً ولا أتسع أفق معرفته
فهو لم يزل ضمن الحيز الضيق الذي كان حبيس اطاره رغم ان عمره
زاد بمقدار عشرين من السنوات  ! ترى الم يقرأ كتاباً  ولاسمع ملحنة 
ولم يطلع على رسم ؟ كيف قضى تلك السنوات العشرين خاضعاً لتلك
الافكار التي كـان يلوكها فـي ذهـنه قبـل ان يكــلـل الشـيب رأسـه ؟
كيـف تسنـى للانسان ان يبقى هكذا خارج نـطاق الزمان والمكان ؟
نعم ، قد يـكون ازداد خبرة في التعامل مع السوق وشؤون الحياة العامة
وبأساليب الربح والخسارة ، لكنه مازال يجهل الفرق بين الضاد والظاء
وبين كوته  وكويتيه ويخلط بين نجيب الريحاني وابي الريحان البيروني
ايــجمل بالمخلوق الواعي الناطق الذي هو الانسان ان يضع نفسه بمنأى 
عن  القيم الثقافية والفكرية ، مع انها لاتنقطع عن فرض نفسها عليه
شـاء ام ابى ، في جريدة او مجلة او خلال مذياع او شاشة تلفزيون؟ 
حتى الصغار عرفوا ان دانيل ديغو  هو مؤلف رواية - روبسن كرزو 
وان ريمسكي كورساكوف هو ملحن قصيدة -شهرزاد-السمفونية وان كويا
هو الذي رسم لوحة ((المايكا)) ، أما هو ، رغم ادعاءاته العريضة وتبجحاته
التي لانهاية لها وتكراره القول : انا ،أنا - فما زال بعيدا عن هذه الشؤون
كأنه أبن كوكب أخــر  ،  أنــــا لا أشير الى المواطن الذي تستغرقه 
شؤون الكدح اليومي ولا الى ربة البيت  المنهكة بمتاعبها اللانهائية 
ولكن شخصاً له تناس يكاد يكون يومياً بعالم الصحافة  والنشر على نحوهما 
غير مغفور له الا يضيف الى حصيلته الثقافية ولو بعض الخطوط العامة 
والمعالم البينة التي لا استطيع ان افهم كيف لكون الحياة غنية خصبه بدونها
ان من الميسور لصاحبنا ان يعرف خير الاساليب لاقتناص الدينار والسعي 
اللاهث وراء السلعة التي يمكن ان يكسب ببيعها ثانية ربحاً اكبر  ولكن 
للثقافة حقها على الانسان ، فهي ليست نوافل يمكن تجاوزها والاستغناء 
عنها ، وهي جزء مكمل لشخصية المواطن ليس بمقدوره الحفاظ على حقوقه
وواجباته بدونها ، ومن حق المواطنة الواعية ان يكون لصاحبها حد ادنى
على الاقل من المعرفة مهما قل كمها ، تكون معواناً له في ادراك المعنى 
الحقيقي للاشياء واضفاء لون الحياة ، بدونه تكون داكنة مجدبه معتمه 
أن صاحبنا - وهو ليس شخصاً بالذات - وهو كائن بلا اسم ولا هوية 
لايحق له الانخراط في سلكنا ، نحن الذين نعمل ، ونفكر ، ونحلم ..نحلم
حتى بأن تكون لنا القدرة على الكتابة فوق الماء والقبض على الريح 
والنقش على السراب ،


الأربعاء، 6 مايو 2020

سواد العين

سواد العين
امسك بي الطبيب من عيني ،  اقتادني الى بيت أسراره  ، كان مزوداً بكل ما يحتاجه
الحكيم  ،  لاصلاح  خلل ما أصاب البصر عند شاعر البصيرة
أردت أن أقول له :
أنا ، كما  ترى أيها الحكيم شيخ في السبعين . وعيناي لاتستحقان كل هذا العناء .. !
فعن قريب  يأكلهما الدود
قال وهو يعبر بي الى صومعته  :   واضح من عينيك  ، أنك رأيت كثيرا  ... وها أنت الان
تريدني أن أساعدك على ان ترى عماك بعينيك ...   أوجــعني قوله ،   وفكرت  ( ليس العمى
لعبة ..أنه يحرم صاحبه من التميز بين الاتجاه من اليمين  أو اليسار .. وسلبه  حقه في  أن
يسير  كما يسير المبصرون الى الامام من  دون تعثر  أو  ارتباك
الخلاصة  : أن العمى يوقع صاحبه في الشكوك ، ويعرضه للشفقة أحيانا والازدراء
قلت بصوت عال  :
قد يكون العمى عدا هذا كله زينة  ، وتمثلت وجه أبي العلاء ، وبشار بن برد ، وطه حسين
وكل العميان الذين أفادوا  من عماهم  لأنهم لم يقعوا في المفاجأة  ولم يستأنسوا  بأرتكاب
الخطأ  والخطيئة ...  وسمعت الحكيم يقول
هذا كله بسبب الكبرياء والفجاجة ، لقد  كنت دائما تحاول ان تجعل عينيك تنوبان
عن لسانك وشفتيك  !!
ماذا كان بوسعي ان اقول له  ؟  .. كان قد أجلسني على اريكة تشبه سنام الجمل  وكنت
أجد نفسي غريباً ومضحكاً  ، أحاول أن أخفي خوفي  ، مما  انا مقبل عليه ..حين
أغدو  فجأة مهددا بفضولي وذاكرة عينيّ المدربتين على الحب .. وتذكرت فجأة 
نخل العراق  والتمر والقصائد القديمة ... وقال الحكيم بنبرة مهينة  : عليك  الآن
ان تفهم حالتك جيداً  ، أنت بسبب رثاثة جسدك ، ممنوع من الاستفادة
من ( البنج العام ) ، ولهذا ستخدرك (بأختصار)  وسيكون عليك آنذاك ان تختبر
قدرتك على أن لاتصيح  (آخ ) ....     ضحكت وحاولت فعلا ان أصيح ، فخذلتني
حنجرتي وتشاغلت عن أحساسي بالذلة  في محاولة التمييز بيت خدر الجسد وخدر الروح
كانت عيني اليسرى قد صعدت في رغوة الخدر  الى قمى رأسي ... وبدا  لي أني الآن في
الصف الرابع من دار المعلمين العالية  ، وبين يدي ديوان ( الحماسة ) لابي تمام
وسمعت الفتى  الذي كنته  قبل عشرات  الاعــوام ينشد  :
بكت عيني اليسرى فلما زجرتها      عن الجهل بعد الحلم أسبلتا معاً
لقد كان الصف يصغي اليّ  وكنت موشكاً على الاستطراد  ، لولا  أن قاطعني استاذ النقد
الاصلع وسألني عن رأيي في العين اليسرى حين تبكي وحدها ، لم يكن ذلك غريباً أو  باعثاً
على دعابة  ،  قالت الزميلة الجالسة الى يساري
بل على العكس انها صورة تثير الخيال  ..  أن جسدي يقشعر
وسألها الاستاذ     :    حتى لو كان التفسير   هو أن الشاعر  أعور ...؟؟
وضحك  ، ثم ضحك الطبيب من بعده  ، وضحك مساعده ، وأمتلأت عيني  اليمنى
بالدموع ... وفكرت   في أنني قد  أحرم حين اصبح اعمى من جمال بلدي  ، وخيل  لي
ان صبياً ينشد  في تحّية العلم (هل أراك ؟ هل أراك ..سالماً منعماً .. وغانماً مكرماً ).. و
أحسست بالطبيب يحتز جلد عيني ففاحت  اثر ذلك رائحة  زهرة على وشك الذبول
فرحت اردد مشجعا نفسي ... ابيات للشاعر محمد مهدي البصير
سواد العين ..ياوطني فداك           وقلبي لايود سوى علاك
رضعت مع الحليب هواك صرفاً      فعززني وشرفني هواك
وسمعت اصوات هتاف وتصفيق
وامتلأت عيناي بالنور

الأحد، 3 مايو 2020

الفرنسي لابرويير (الاطباع أو أخلاق العصر)


لما ("كان - الكتاب -يتضمن اوصافا تخص كل زمان ومكان ، فعلى الارجح ،لن يلف 
النسيان هذا النتاج أبداً )" هذا ماكتبه الاديب الفرنسي الشهير فولتير عن احد مؤلفات
الاديب والمفكر الفرنسي  لابرويير الموسوم (الاطباع او اخلاق عصر) يتوفر هذا الكتاب
بنسخة قديمة شاحبة اللون تضم مائة صفحة من الحجم الصغير لكل من جزئي الكتاب 
الذي كان فيما يبدو مهيئاً للاستعمال الاكاديمي الدراسي . لكنه بقي مرجعا سريع الاستشارة
بمواضيعه المبوبة وما حملته من انطباعات انسانية وتحليلات عميقة للنفس البشرية . مع
تعريفات دقيقة مفعمة  بالايماءات الذكية واللاذعة بان واحد . لمختلف النماذج البشرية 
وفق تخصصاتها ومستوياتها 
ولقدر مايغور المؤلف في اعماق الانسان  فانه يحتفظ في الوقت نفسه بطابعه المعاصر 
وتصح فيه توقعات فولتير ... وقبل تقديم بعض المقتطفات المختارة من الكتاب يجدر ان
تعطي لمحة سريعة عن حياة مؤلفه (لابرويير) الذي رحل قبل ثلاثة قرون وتحديداً في 
عام 1697 عن عمر لايتعدى الحادية والخمسين سنة استطاع خلالها ان يخلف اثراً ذا
شان في الادب العالمي ، شق طريقه في وقت مبكر ، فحصل على شهادة الليسانس 1665
وهو في سن العشرين دخل برلمان باريس محاميا عام (1673)  وكان مقلا في المرافعات
اختير عام 1684 ضمن اساتذة النخبة لتدريس دوق بوربون .  ظهركتابه (أخلاق عصر)في
مطلع عام 1688 متزامناً مع ترجمته لكتاب (الطباع) للاديب اليوناني (ثيوفراست) وكان
قد عرض مخطوطة  كتابه  على (بوالو) وهو من  ادباء النخبة  في العصر الذهبي الذي 
ورد  له تنويه عن المخطوطة  في رسالة بعث بها الى الكاتب المسرحي (راسين) تحمل 
تاريخ 19-5-1987 ومالبث ان حقق الكتاب رواجاً شديداً فصدرت طبعته الثامنة سنة 1694
اي بعد عام من تتويج لابرويير عضوا في الاكاديمية الفرنسية في 15 حزيران  1693
في غضون الاعوام 94 - 1696 انجز لابرويير اخر كتاب في حياته حوارات في مذهب
الطمأنينة ( نهج تصوفي يرى ان الكمال يقوم على حب الله وسكون الروح ) ..  وكان 
يقرأ بأعتزاز بعض صفحاته على (انطوان بوسويت)  مطران ابرشية مو .. كان ذلك قبل 
يومين من وفاته المفاجئة متاثرا بجلطة في الدماغ قي ليلة 11 مايس  1696 رحل وهو 
في اوج عطائه 
تتمحور موضوعات الكتاب بجزئيه على ابواب مختلفة نذكر منها  : الانسان  ، الخطابة ،
الملك  ، العظماء ، الاحكام ، الموضة  ، وغيرها من الابواب التي ترشح الكتاب كونه 
جديراً بالترجمة  ، ونقتصر هنا على مقتطفات  منها 
ثلاثة احداث لأغيرها تمر بالانسان ، الولادة ، الحياة  والموت ، 
لايشعر عندما يولد، يتألم حتى الموت  ينسى ان يعيش حياته 
الاسف الذي يراود الناس على سوء استعمالهم للوقت الذي مضى ..
قلما يؤدي  بهم الى حسن استخدام الوقت المتبقي من حياتهم 
هناك من يخشى الشيخوخة ليس لسبب سوى لكونه غير واثق من بلوغها
ليس هناك شيء مثل الحياة اكثر مايحب  الناس  الاحتفاظ به 
ولكنه اخر مايهتمون  في المحافظة عليه 
احيانا لايقتضي الامر سوى ، بيت لطيف يرثه المرء ، اويجد نفسه فجأة 
مالكاً لحصان  أصيل او كلب جميل ، او مجموعة سجاد او ساعة جدارية 
لتهدئة الم كبير لديه  ولتخفيف المعاناة من مصاب جلل
من يقول بأنه لم يولد سعيداً ، كان في الاقل بامكانه ان يكون كذلك بالاحساس
بسعادة اصدقائه واقاربه لكن الحسد يحرمه من هذا المصدر الاخير للسعادة 
الحياة قصيرة ، نمضيها كلها في التمني ، يرجيء المرء  راحته وافراحه الى
المستقبل ، أي الى العمر الذي غالبا ماتختفي فيه افضل نعم الصحة والشباب 
يحل هذا الوقت ليفاجئنا ونحن مازلنا نتمنى المزيد ، وأذا بالحمى تصارعنا 
وتطفينا ، وحين نشفى منها نعود لنستغرق في التمني 
اعلم بالتحديد مايمكنك ان تنتظره من الناس عموماً ، ومن كل واحد منهم
بخاصة ، ثم أرتم في عالم المجتمع
ماأغربهم من أباء ، اولئك الذين يمضون عمرهم ، على مايبدو، 
وهم يعدون اسباب العزاء عن وفاتهم 
يأتي الموت مرة واحدة ... غير انه يجعل الناس تحس به 
في كل وقت ، حتى غدا الخوف من الموت اقسى من تحمله
هؤلاء الاولاد  متعجرفون ، كثيرو الاشمئزاز غضوبون حسودون
فضوليون ، مصلحيون ، كسالى مخوافون ، مزاجيون ، كًذبه ، 
منافقون . سريعو الضحك والبكاء ، لتوافه يفرحون  دون اتزان
أو يحزنون بلا حدود ، لايتحملون  اي سوء بل يحبون الاساءة 
هكذا هم هؤلاء الاولاد -  هاهم منذ الآن قد اصبحوا اناساً كبارا

الجمعة، 27 مارس 2020

مباراة مع اللاعب سمير شاكر - أذار 1986



قصة الاعب سمير شاكر مع الكرة فقد بدأت منذ صغره عندما كان بيتهم في 
منطقة الكسرة ببغداد  قرب ساحة الكشافة وكان يشاهد اللاعبين الكبار مثل 
دكلص عزيز وعبد كاظم  وشدراك يوسف وسواهم وكان يتمنى ان يكون مثل 
احدهم يوماً ، خاصة مثل دوكلص ، الذي تأثر به كثيراً واحب لعبه  واعتقد ان
مهارته عالية وسيطرته على الكرة كبيرة .. وفي مدرسة الشيبانية الابتدائية لعب
سنة واحدة ثم انتقل الى اعدادية السويس ولعب ضمن فريقها حتى انظم الى نادي
الجيش ولعب سنة واحدة فيه ثم انتقل الى نادي صلاح الدين وظل يلعب ضمنه 
ثماني سنوات متواصلة  ، أنتقل بعدها الى نادي الرشيد
وسمير شاكر قلبه طيب ورقيق وهو كثير التأمل ويحب كل شيء حوله ولا يكره 
الا مايجب ان يكره وهو كثير المرح ايضاً ويضحك لاي نكته تروى له واحيانا
تحدث له مفارقات وطرائف ، فيظل يضحك كلما تذكرها 
سألته  :  متى ضحكت اخر مرة ؟
أجاب : قبل ايام زرت انا وزوجتي بيت اختي فارسلت اختي (سمكة كطان) الى
الفرن لشيّها ، وعندما ارسلنا في طلب السمكة واكلناها اكتشفنا انها ليست -كطان
وانما سمكة (بنية ) وقد أخطأ صاحب الفرن بتسليمها لنا وسلم سمكتنا لاصحاب 
السمكة البنية وما  زلنا نضحك كلما تذكرنا ذلك 
ومتى بكيت أخــر مرة  ؟
تدخلت أخته (سميّة)  لتقول  : أخي سمير قلبه رقيق جداً واذا شاهد احد يبكي 
في الشارع يقابله ويبكي معه  وقد شاهدته يبكي بحرقة وهو يشاهد فلماً لــعبد الحليم حافظ
سألته :  أذكر لي عشرة أشياء تحبها كثيراً ؟
احب الوطن واحب امي وابي وزوجتي والكرة ونادي الرشيد وخبز البيت 
والسمك المسكوف  والاطفال  والسينما والسفر بالطائرات والطيور  وانــا
أنوي  ان اصنـــع قفص  وأملأه بطيور الحب 
وعشرة اشياء تكرهها جداً ؟
اولا  أكره الافاعي والعقارب  و(عاشراً) اكره  الافاعي والعقارب 
وماذا يضايقك داخل الملعب  ؟
يضايقني التحكيم السيء والخشونة المتعمدة غير القانونية , رغم أني متهم بها  
والجمهور غير المنضبط .. تصور مرة هجم الجمهور علينا في أحدى المدن
فنزلت لتهدئتهم ولكي امنع اي مشكلة قد تحدث  ... فأذا بطابوقة ترتطم 
بصدري ، فغيرت رأيي وهرعت عائداً الى السيارة  فوراً 
اي اسم ستختار لو قيل لك غيّر أسمك  ؟
لن أغّير شيئاً أختاره لي ابي وأمي فانا أحبهما كثيراً
ولو لم تصبح لاعباً ماذا كنت ستكون  ؟
كنت سأختار مهنة الطب ،  لاعالج اللاعبين في المنتخب
ماهو وزنك بالغرامات وأنت بملابسك الرياضية ؟
وزني يكون وقتها 75 الفاً و250 غراماً  فقط لاغيرها
ماهو المثل الشعبي الذي تردده دائماً  ؟
المايعرف تدابيره حنطته تاكل شعيره 
والحكمة التي تؤمن بها  ؟
حب لاخيك ماتحب لنفسك 
ووجهت الى سمير مجموعة اسئلة بعنوان من هو 
اسماعيل خليل  
اجاب  : بطل العراق بالملاكمه
ناظم شاكر
مدافع صلب
حامد فوزي 
الحارس الاول في الستينات 
خالد الرحال
نحات عراقي معروف
سمير شاكر
لاعب كرة قدم بسيط ... ومطرب صاعد
حسين سعيد
واحد من المعجبين بصوتي
عناد عبد
جار عزيز
احمد راضي 
لاعب المستقبل
ليلى العطار
شاعرة ..في لوحاتها الفنية
وماهي هواياتك  ؟

احب السباحة ، وعندما اتجهت اليها اشرفت على الغرق وكان عمري تسع سنوات
وقد انقذني احد اصدقائي وهو ابراهيم مروان .. كنا بعمر واحد ولكنه كان اطول مني 
ولا يعرف السباحة ايضاً
وماذا بعد ؟
المطالعة ايضا ، وفي اوقات فراغي أقرا القصص والروايات العربية والعالمية 
قرأت معظم ماكتبه فيكتور هيجو ونجيب محفوظ واجاثا كريستي  وسواهم
أخركتاب قرأته  ؟
كان ( البيت القاتل ) وهو مجموعة قصص لأجاثا كريستي
والشعر  ...؟
أحب الشعر الشعبي  فقط ... أحب أن أستمع اليه

وتقول السيدة أشواق حسين عن زوجها  سمير  :  هو أبن عمي وقد تزوجنا عام 1984
وكان يلعب  في نادي صلاح الدين .. أنه عصبي خاصة اذا عاد خاسراً من لعبة او عاد
وهو غير راض عن المستوى الذي قدمه خلال اللعب بينما يحب الضوضاء التي يخلقها
الاطفال وان شاء الله سأقدم له هدية ( ولد) يحمل أسمه 
اما السيدة سميّة شاكر  فتقول عن أخيها :  انه طيب وحنون وهو لاعب جيد وقديم  ولكن
لم يحالفه الحظ الا مؤخراً ، ولابد أن اذكر امي  ، فهي التي رعته وشجعته كثيراً وكم كان
بودّي ان تكون معنا الآن  اتحدثك عنه بشكل مفصل ودقيق 
وقالت السيدة أميرة شاكر الاخت الاخرى للاعب  :  اذكر ان امي كانت تناكد  سميراً 
وتقول له  هل ستصبح لاعباً  كبيراً لكي تركض وراء الكرة هكذا .. وما أفرحني كثيراً 
هو انه اصبح لاعباً كبيراً فعلاً .... أتمنى له السعادة

الخميس، 23 يناير 2020

المعادلة السليمة في التمثيل السينمائي


قرأت أكثر من مرة تعليقات  حول التمثيل في افلامنا السينمائية  ، وجنوح 
الكثير من ممثلاتنا وممثلينا  الى  الصيغة المسرحية  بدل استيعاب  الصيغة
السينمائية  التي تعتمد  التعبير  الموجز  والعمق  في  الاداء   المرهف  في
أشد  حالات  الموقف  عنفاً 
وللحق أقول  ان مانراه  في  افلامنا  يقع  وزره  اولاً  وأخيراً  على   المخرج 
نفسه  . وحين أقول   المخرج  لا أجنّب  الممثل المسؤولية  الأساس   فهو 
المعني  بالأمر  وعليه  النتيجة سلباًً  أو  أيجاباًً  ، لكن مخرجينا  السينمائيين
يتباينون  من  حيث  الثقافة  والقدرة  الفنية  والتصور  وامكانية  توجيه الممثل
هناك  من يختار  الممثل  الجاهز  الذي يعتمد عليه  اولاً وأخيراً  في تجسيد 
الشخصية  المطلوبة  ،لأن ذلك الممثل في تقديره جدير بتصورها واستيعابها 
ثم  أدائها  الاداء  المطلوب 
وهناك المخرج الذي يلح في البحث  مع  الممثل  في   تصوّر  الشخصية  وطريقة 
ادائها  الى  الحد  الذي  يصل  مع  الممثل  الى  ادق  التفاصيل  ويتدخل  في  
جزئيات الأشياء  الممثلة 
لا أريد  أن  أشير  الى  حالات  اخرى  مثل  عدم  القدرة  على  التوصيل ..واعني
أن  بعض  مخرجينا  لايعرفون  كيف  يخاطبون  الممثل ليكشفوا  له  وفيه
الصورة  المطلوبة  للشخصية  المطلوبة 
المخرج السينمائي  يرسم  الشخصية  في  ذهنه  وربما  على  الورق  وحين 
يختار  ممثلها  يعيش  معه  حياة  تلك  الشخصية  ويكتشف  اسرارها  وعاملها
ثم  يأتي  لكي  يضع  ممثله  في  كل  ظروفها  ومن  ثم مواقفها  في  الفلم  
مرة  مثّلت  شخصية  رجل  متقاعد ... ٌ قرأت السيناريو  وحينما  اوشكت 
على  تصّور  المشاهد  التي  انا  فيها .. سألت من  انا ؟  قيل لي أنت موظف ، 
متقاعد  ! كررت  السؤال . فلم  يدركوا  قصدي  .. أوضحت أكثر  فقلت .. ما
هي  وظيفتي  قبل  التقاعد ؟
قالوا  لماذا  ؟ قلت لكي  اعرف كيف  أمثل ذاك  الموظف  الذي  تقاعد  . كيف
يتصرف  ؟  كيف يتكلم  ؟ ماهي  تصرفاته  من حصيلة  موقعه  الوظيفي  الذي
كان  فيه  .. وبصراحة  أقول  أن  المخرج  سُر  سروراً  كبيراً لذلك  واتفقنا
على  الوظيفة  لتكون  أمامي  وأنا  أعمل على  تجسيد  الشخصية  متعاوناً مع  المخرج
التمثيل  في  السينما  عملية  مزدوجة  بين المخرج  والممثل  وتلك  هي المعادلة  السليمة

المقولة  :   للفنان  الراحل  يوسف  العاني
1989