الأحد، 7 يوليو 2019

الملف العاطفي المثير للملحن بليغ حمدي


بليغ حمدي هو اصغر اربعة اولاد  للعالم والفنان  والاديب 
عبد الحميد مرسي  ,اكبرهم هو  مرسي عبد الحميد  الذي
كان مديرالمركز الاستعلامات ذات يوم ، ثم عين في السلك
الدبلوماسي ن وبعده صفية التي تسلمت زمام الامور في بيت
شقيقها بليغ وفي مكتبه . وبعدها  أسماء وأسماء ... 
بليغ كان مشروع فنان منذ أن بدأ يدب على قدميه ، كان يصل
الى الشوكة والسكين على المائدة ، فيمسك كل منهما  بيد  ،
ويوقع بهما ضربات منتظمة كانت تلفت نظر  والده ، الذي
كان يدندن  على العود ايضاً فيقول : أنه يضرب ضرباً متناسقاً
واغلب الظن أنه سيكون ذات يوم موسيقياً ماهراً ,,, وكان
أيضاً يسمع أمه تدندن وهي في المطبخ ، بعض الاغنيات 
القديمة ، فيمسك  لها ((الوحدة )) وبعد أن كبر قليلا  كان
والده يقول له : أسمعني ، فيدندن بليغ شيئاً ما ، فينظر الاب
الى الأم قائلاً : الم أقل لك أنه مشروع فنان ؟  
وهكذا - يقول بليغ - كان الفن عندي موهبة شقت طريقها في
وقت مبكر وبراحة تامة من المنزل  الى المدرسة ، ففي البيت
كان أبي وأمي يحبان الموسيقى ، ولا يستنكران  الفن وكانا
يملآن البيت علينا  حبا  حتى لأتذكر أن والدتي  كانت تمنعنا
من الذهاب الى المدرسة أذا أمطرت السماء ، وهي نادرأً  ماتمطر
في القاهرة .. وجعلني هذا أحس  بخوفها علينا ، وشدة حبها لنا
ولأنني كنت  أحبها اكثر  مما تحبني ، أو هكذا يخيل  اليّ  فقد
كنت كلما رأيت في السماء  غيمة سوداء  أسرعت أليها  ، من   
أي مكان  اكون فيه  ، وأقول لها (( الحقي ياماما .. الدنيا  حتمطر
وأخذها بيدي  ألى داخل الغرفة ، وأحتمي بها  ، وتحتمي بي 
بدأ بليغ يتعلم العزف على العود  ، وهو في الصفوف الابتدائية
وكان العود في ذلك الوقت أطول منه ، وكان يعزف عليه او 
الاصح يخرج انغاما  منه بدوزان  أو بدون  دوزان .. ولهذا فقد
كان قائد الصفوف في دروس الاناشيد ، بل كان أحياناً يلحن 
لزملائه  دروس المحفوظات  ، فيحفظونها سريعاَ . وكان منذ
ذلك الوقت  لايسمع عن حفلة في الحي الذي يقع فيه منزلهم 
في - شبرا - وفي أحياء قريبة ، الا ويذهب مع عوده ليغني في 
الحفلة متطوعاً ، ويردد أغاني ليلى مراد  وخصوصاً علـــى  مـــأ
يذكر -  أغنيتها التي أشتهرت في ذلك الوقت (مين يشتري الورد 
مني ) . وحين أنتقل بليغ الى الاعدادية ، شغله الفن اكثر ، اما في
الثانوية ، فقد كان يطرد من المدرسة الى  اخرى ، والسبب في كل 
الحالات : غيابه الدائم . ولم يعد يكتفي في ذلك الوقت بترديد الاغنيات
بل صار يلحنها  ويكتب مطلعها . الا أنه على رغم أنشغاله الكبير 
بهوايته  نجح في نيل الشهادة الثانوية العامة ، وحين اراد ان  يتفرغ
للموسيقى ، أصرَ اهله  على أن ينتسب الى كلية الحقوق ، ففعل ذلك 
نزولا عند رغبة الآسرة ، وأنتسب في الوقت نفسه الى المعهد العالي 
للموسيقى تلبية لرغبته . في المعهد العالي درس (( الصولفيج )) على يد
مدرس البيانو ( جوليو ) وبات يقرأ ويكتب النوطة  الموسيقية ، ودرس 
علم الاصوات على يد أستاذ أخر . ثم درس  ((الهارموني )) على يد 
كمال أسماعيل  أستاذ الهارموني المصري ، حتى أنتهى  الى دراسة 
الكونتربونيت - اي -  اللحن  العكسي للحن الاساسي  -  وهي مرحلة  
متقدمه في علم  الهارموني . ثم بدأ يلحن ، وكان يخاف ان يقول ان  ما
يعلنه  له ، فينسبه  الى ملحن  أخر ، وضل يتعلم  وهو يلحن ، ثم درس
الموشحات الاندلسية ، وحفظ الكثير من ((الادوار)) القديمة  ومن الفلكلور 
وبعد ذلك بدأ يعلن عن هوايته بطريقتين 

الاولى :  كانت مع شلة ((الشلة الفاقدة )) - هكذا كانت تسمى - وكانت 
مكونة من بعض تلاميذ المدرسة (( التوفيقية الثانوية ))  وتضم  لطفي 
عبد الحميد ((فتله )) يوسف عوف  المؤلف المسرحي والاذاعي المعروف
ومحمد عوض ((كوميدي )) وصلاح عزام ((موسيقي ))  وسمير خفاجي
صاحب فرقة الفنانين المتحدين - وكانت تسمى (( الشلة الفاقدة )) لأن كل 
افرادها ((خضرموا )) في الدراسة ، ولحقوا الفن  وقد تكّون من هذه الشلة
فرقة ((ساعة لقلبك )) الاذاعية، والتي كان بليغ يقدم بعض  الحانه من خلالها
الطريقة الثانية  :  كانت بواسطة  (( ركن الهواة )) في الاذاعة المصرية 
تقدم اليها بليغ ، ونجح ، وغنى أكثر من أغنية ، منها أغنية ( آه ياليل 
العاشقين )  لحنها  له عبد العظيم محمد ، وأغنية ( زي اليومين دول )لملحن
اسمه محمد عمر . وذات يوم سمعه  مدير الموسيقى في الاذاعة ، فدعاه 
الى ان يغني في الاذاعة بشكل دائم
وهـــكذا بدء بليغ حياته الفنية مطرباً ، ولكن  من  دون نجاح يذكر . حتى 
حدث ان غنى ذات  يوم  لحنا له ((ليه فاتني ليه )) وأعجبت  به المطربة  
فايده كامل ، التي كانت هي أيضاً مطربة جامعية  في ذلك الوقت ، فطلبت 
منه ان تغنيه ، ونجح معها فلحن لها مرة أخرى ، ولفت هذا نظر المطربة 

هدى سلطان ، فلحن لها  أول أغنية رددها الناس كثيراً (عزالك علموك ...
عالهجر وعودوك ) ثم غنت له  المجموعة ، وغنى له المطرب كمال حسني 
أثارت هذه الالحان موجة تساؤلات عن شخصية الملحن الجديد ، بل قيل ان
هذه الالحان استرعت أنتباه الموسيقار محمد عبد الوهاب ، فسأل محمد حسن 
الشجاعي ، رئيس القسم الموسيقي  في الاذاعة ، عن ملحنها ، واخذ عنه معلومات
كاملة وقال : أنه نمط جديد في التلحين ، وانه مشروع موسيقار صغير ، وكان 
بليغ في ذلك الوقت يضع الالحان بوفرة ، ويبدو وكأنه يملك العشرات منها بل
والمئات بحيث انه حين أغرق السوق المصرية سافر الى لبنان ، ثم سوريا حيث
غنى له معظم الفنانين اللبنانين والسوريين ، وسجل في جولة استغرقت شهرين 
مايزيد على اربعين لحناً منها لحن للمطربة فايزة احمد ، التي لم تكن قد وصلت 
الى مصر حتى ذلك الوقت  ، وهو (( متحبنيش بالشكل ده )) . وعندما عاد بليغ
من الرحلة المظفرة فنياً ، بدأت الحانه تصبح الاولى طلبا ، وكان لايزال طالبا ً
في كلية الحقوق وان كان يدرس كل سنة بسنتين ، وربما بأكثر ، ولكنه كان يخطو
في عالم الفن سنة بشهر ، وربما أقل ، ولذلك فقد اعلن تركه للدراسة ، وهو في 
الصف الثالث من الحقوق ، خصوصاً  بعد أن تعاقدت معه شركة - كايروفون- على
عشرة الحان وتبعتها شركة ( مصرفون ) التي كان يملكها المطرب محمد فوزي في
ذلك الوقت :  عبد الحليم حافظ وليلى مراد  وصباح وفايده كامل وكمال حسني  
وهدى سلطان . والواقع ان تعامل بليغ و عبد الحليم بدأ عام 1958 حين اعطاه
أغـــنــية :( تخونــوه وعمره  مخانكم ) فنجحت الاغنية  فتبعتها أغنية ( خسارة
 .. فراقك ياجاره  ) ولم يكن نجاحها بأقل ثم تتابعت  منه الالحان . . وفي ذلك الوقت 
لحن اغنية نجاة الصغيرة ( مش هاين أودعك )  وهذه كانت الاغنية الوحيدة  التي
اعترف بليغ انها ظلت في دماغه شهرا كاملا ، مع أنه كان يلوك الالحان كما يلوك 
اي انسان العلكة ... أنذاك كان بليغ حمدي يلحن وهو يمشي ، او وهو يأكل ، قبل
النوم وبعد النوم ، وفي الاحلام أحياناً . وكان نادرا مايحلم ، لأنه كان لاينام الا قليلا 
ولا يستطيع  ان ينام قبل ان يصرف أخر قرش  في جيبه .. وفي كثير من الاحيان
كان يواصل السهر أكثر من ليلتين ، وعرف منذ ذلك الوقت بالبوهيمية ، وبان بيته
كان كناية عن فندق ، وكان كثيرا ماينام خارج هذا الفندق . ربما في شقة مفروشة 
او فندق حقيقي ، لانه كان يخشى أن يزعج  والدته .. عام 1958  انطلقت شهرة
بليغ حمدي كـــأول ملحن يهتم في الحانه بالجمل القصيرة ، المختصرة  والمفيدة 
وقيل عنه في تلك الايام :  لو كان للبرقيات لغة موسيقية ، لكانت هي الحان بليغ 
حمدي . حتى اصبح بليغ بعد هذا العام احد نجوم التلحين ويقال انه في اواخر ذلك
العام تم التعارف بين بليغ ، وكوكب الشرق الراحلة أم كلثوم ، وأن كانت لم تغني له
في ذلك العام بل بعد ذلك . وقيل أن المطرب الراحل محمد فوزي هو الذي طلب من
بليغ ان يعد اغنية لأم كلثوم ، لانه تعاقد معها على تسجيل عشرة أغنيات لشركة مصرفون
وطلب منه ان يفعل ذلك سراً . وأذا ببليغ يقول له أنه لحن لأم كلثوم فعلا ولكنه لحن
المطلع فقط ، وهو لن يكمله قبل ان توافق  أم كلثوم ، وجمعه محمد فوزي بأم كلثوم
وأسمعها الاغنية كلاماً ، ثم دندن لها على العود 
:  حب آيه الي انت جاي تقول عليه
أنت عارف قبله معنى الحب أيه
لما تتكلم عليه ... حب أيه .. اللي أنت جاي تقول عليه 
وهزت ام كلثوم رأسها ، وقالت له :  أكمل اللحن ... واكمل بليغ اللحن وغنته 
أم كلثوم ، وكان الاول ، وتبعته الحان  توج بها بليغ حمدي تفوقه وانتصاراته 
على أن محمد فوزي لم يكن فقط الذي جمع بين بليغ  وأم كلثوم ، بل كان وراء
أول قصة حب  في حياة بليغ وكادت أن تنتهي بزواج بليغ وسامية جمال ، الراقصة
الاكثر شهرة في ذلك الوقت فقد تم التعارف بين بليغ وسامية عن طريق  محمد 
فوزي ، حين كان بليغ يذهب اليه في مكتبه في أستوديو مصر ، لكي يســـمعــه
الالحان الجديدة ، او يسجلها ن أو يقبض ثمن الحانه ، وكانت سامية تصور فيلماً 
ينتجه محمد فوزي عنوانه (( كل دقة في قلبي )) والتقيا  في مكتب محمد فوزي 
فأشاد بليغ بفن سامية ، وقالت سامية ، أنها سمعت كثيراً عن بليغ . وبات بليغ 
يتردد بعمل أو بدون عمل على الاستوديو ، حتى دعته سامية ذات سهرة  في
بيتها  ضمت العديد من أهل الفن ، وغنى بليغ في السهرة  بعض الحانه القديمة 
والجديدة وبدأت قصة الحب 
ثم جاءت ايام وجد فيها بليغ أن سامية تتهرب منه . وكانت تفعل ذلك  بعد ان لوح 
لها بعضهم بفارق السن بينها  وبين بليغ . وسمع بليغ بهذا فطلب يد سامية ، بواسطة
احدى صديقاتها ، وردت سامية بأنها لاتفكر بالزواج . ولكن بليغ عاود الطلب في 
أحدى السهرات ، فوافقت سامية ، فأشترى( بليغ محبسين ) في اليوم التالي ، واعلنت 
الخطوبة في المجلات والصحف . واراد بليغ ان يتم الزواج بسرعة ، وبدون رسميات
واستمهلته سامية حتى تنهي تصوير فيلم ( الرجل الثاني ) وحين انتهت من التصوير
وقررا ان يتزوجا ، فوجئت سامية بصعوبات قانونية ، لعدم وجود أوراق طلاقها 
من زوجها الاميركي (( شيبرد كنغ )) فطلبت الاوراق بسرعة . ولكن الاوراق لم
تصل ... والزواج لم يتم ... والغريب أنه بعد ذلك بوقت قصير غرق بليغ في حب 
أخر ، وزواج أخر ..ولكن قبل ان يتم  هذا الزواج ، تعرف بليغ  الى المطربة 
وردة الجزائرية ، التي زارت القاهرة في ذلك الوقت ، 

وبحثت  عن بليغ شأن  اي
مطربة تبحث عنه لكي تشتهر  عن طريق الحانه . وقيل أن (استلطافاً) ما  حدث
بينها وبين بليغ ، ولكن شقيق وردة (( حميدو)) كان لهذا الاستلطاف بالمرصاد
فأجهض قصة الحب ، حين هدّد بليغ ، قبل ان يعود بوردة الى الجزائر ، حيث 
تزوجت هناك أحد  الدبلوماسيين الجزائريين .
عاش بليغ بعد هاتين التجربتين فترة قلق وفراغ فتوقف عن التلحين حتى قيل انه
نضب , ولكن سرعان ما اكتشف  الناس ان بليغ هرب من الاغنية الفردية ليدخل
تجربة اخرى ، هي تجربة المسرح الغنائي ، وقد حدث ذلك مصادفة  على اثر
اختلاف الملحن محمود  الشريف الذي كان يضع لحن اوبريت ( مهر العروسة) مع
عبد الرحمن الخميسي ، مؤلف الاوبريت ، وعهد الى بليغ حمدي بتلحينه . عن 
هذه التجربة يقول بليغ : ( أكتشفت خلال الفترة التي كنت الحن فيها اوبريت من 
العروسة اكثر من حقيقة فنية ، كان اهمها ، معرفتي لمعنى الدراما  المسرحية 
والموسيقية ، والمسافة الواسعة بين قالب الاغنية ، وقالب الاوبريت ، وكسبت 
خبرة كبيرة  في هذا المجال ) . وقد  آثر بليغ وهو منشغل بوضع الحان الاوبريت
ان ينفرد بنفسه ، فأنتقل الى الاقامة على شاطيء المعمورة في الاسكندرية ، حيث
وجد جوا مريحاً مشجعا على الانتاج . لكنه تعرف هناك الى فتاة جميلة تدعى  
أمــال حسـن مخيمر مشهورة بأسم ((أمينة )) فبادلته الحباً بحب . لكنها ماكادت
تعود الى القاهرة  بعد أنتهاء الصيف حتى كاد يجن . وفوجيء به عبد الرحمن 
الخميسي ذات يوم  وقد عاد من الاسكندرية الى القاهرة  في العاشرة ليلا ليقول
له انه يريد  ان يتزوج في تلك الليلة بالذات . وقد حاول الخميسي  ان يثنيه عن 
قراره  أو أن يتريث  في تنفيذه  على الاقل  لكن بليغ ظل مصراً بينما الخميسي 
يحاوره  ويداوره حتى الثالثة صباحاً ، عندها طلب منه الخميسي  أن يعرف  رأي
العروسة اولا ، فأتصل بليغ  بها هاتفياً وقال لها  أنه يريد ان يتزوجها ، وفي الحال
فلم تكذب خبراً ، ووصلت مع خالتها _ التي كانت ضد الزواج المستعجل _  الى 
بيت الخميسي  الذي كان قد أحضر مأذون الزمالك وكتب الكتاب  فعلا على مهر 
معجل 25 قرشا ومثلها مهرا مؤجلا  واعطى بليغ عروسه المهر أمام الشهود
وذهبت بعد كتب الكتاب لتنام  في منزلها ، وذهب هو الى  منزله . وفي اليوم 
التالي  أستأجر بليغ شقة مفروشة له ولعروسه . وحدث ماتوقعته الخالة . فقد تم
الطلاق بين بليغ وأمينة بعد شهر واحد من الزواج ، كان بليغ خلالها يمارس بوهيميته
كما يشاء ، ولم تستطع هي أن تتحمل البوهيمية ، بل لم تعد تعرف طعم النوم .ومع
ذلك عادا فتزوجا ثانية  بعد اسبوعين واستمر هذا الزواج عاما كاملا ، بين كر وفر .
وقد عبر بليغ عن تلك المرحلة من حياته بقوله للخميسي (( لقد أكتشفت أنني لا 
أستطيع  أن أكون زوجاً ،، لقد كنت أختنق كل يوم )) وعندما سأله الخميسي : ((  لماذا
تزوجت  أذن ؟ )) أجابه : ( لانني كنت اعتقد أن الزواج شيء مختلف تماما ، ثم ثبت
لي العكس من ذلك ، ثبت لي مجرد شعوري بأن هنالك كائنا حيا  ينتظرني في البيت 
يقطع علي ّ كل أستغراقاتي الفنية ، ويجذبني من كل أفكاري ، ويقيدني ، وثبت لي أن 
قليلا جدا  من الناس يمكنهم ان يفهموا   ، أهمية العالم الخاص بالفنان 
وعاد بليغ بعد ان طلق أمينة للمرة الثانية  الى عمله بهمة لاتعرف الكلل أو الملل
في هذه الفترة لحن اكثر من اغنية جديدة ، كان منها ((سيرت الحب )) و(( الف ليلة وليلة ))و
كاد عبد الحليم حافظ يحتكر أغلب الحانه . وشكل بليغ وشادية  في ذلك الوقت ثنائياً
لحنيا طروبا قدم العديد من الاغنيات الناجحة جداً ، ولا يعرف أحد ما  اذا كان  بليغ 
وشادية قد نسجا ايضا قصة حب لم تكتمل ، وأن كانت احدى الصديقات التي تسللت
ذات يوم الى ((شاليه)) شادية في منطقة الهرم ، أقسمت أنها رأت شادية وبليغ يبكيان
وهو يعطيها لحن أغنية ((قطر الفراق )) وان العود كان يبكي تحت انامل بليغ وصوت
شادية كان ينوح ، وهــما  يقولان .... ناويين خلاص على السفر 
ماتقولوا  رايحين فين ؟
رايحين تغيبوا سنة 
ولا تغيبوا اثنين ؟
من يوم ما جانا  الخبر
واحنا حزانا 
رحنا اتحيلنا  علشان .. يبقوا معانا
قالوا ياريت قادرين 
ولا بايدينا ... كنا قعدنا سنين 
كان مين يمنينا ... فاضل دقيقة زمن 
وبعدها ماشين 
ياريت ياقطر الفراق ,,, يأخروك ساعتين
وفي الوقت الذي عللت فيه الصديقة مابينهما على انه قصة حب
تروي بالدمع ، قال أخرون : ربما كانت شادية تتذكر قصة حبها 
الفاشلة مع فريد الاطرش ، وربما كان بليغ يذكر قصص حبه الفاشلة 
مع سامية جمال ، وأمينة ، ووردة ، ونجوى فؤاد .  فقد ذكر أيضا  أن
بليغ طلب الزواج من نجوى فؤاد ، حين كانت تعمل  في بيروت والتقيا
هناك وقيل انه احبها حلا كبيرا رفضت طلبه قائلة أنها لاتفكر في الزواج
وحتى لو فكرت فيه فهي لا تتزوج بعد قصة حب تدوم اقل من شهر ، وانها
لاتحب طريقة بليغ في الحب السريع ، والزواج السريع ،والطلاق الاسرع
وفي تلك الفترة ، أكتشف بليغ صوتا جديدا اسماه (فيروز مصر ) وكان 
صوت عفاف راضي ، فأعطاها الكثير ، وقدمها تقديما رائعا وهذه  المرة 
ايضا ترددت شائعات حول زواج محتمل بين بليغ وعفاف و لكن هذه  
الشائعات انطفأت تماما عندما عادت  وردة الجزائرية الى القاهرة 
ومعها مشروع  طلاق من زوجها الديبلوماسي . ونسجت بعد طلاق 
وردة حكاية حب جديدة ، أو تجددت حكاية حبهما ، وأنتهت هذه المرة
بزواجهما ، وكانت  اول اغنية عبرت عن حب بليغ لوردة  وحب وردة
لبليغ أغنية -  بلاش تسافر .. وقد عقد قران بليغ على وردة في بيت الاسرة 
وكان في الزمالك بناء على رغبة بليغ الذي أصر على ان يتم عقد الزواج
امام والدته التي لم تكن تغادر الفراش  في ذلك الوقت ، وجاء مندوب الشهر
العقاري الى المنزل ، وأجرى مراسم الزواج . وفي اليوم التالي اقيم حفل 
احياه عبد الحليم حافظ ونجوى فؤاد وغنت وردة في الحفل اغنيتها - وعملت 
أيه فينا السنين !  . وبعد الزواج الذي تم في الشهر الاخير من عام 1972
قررت وردة ان تقيم نهائياً في القاهرة . ومن يومها أخذ نجمها يتألق ، وبدأت
تحيي الحفلات المتلاحقه  التي اقتصرت فيها على تقديم اغنيات من تلحين 
بليغ مثلا ((بلاش تسافر)) و((أشتروني )) وما((عرفوش))و((أولاد الحلال )) و
غيرها لم يقض بليغ مع وردة شهر  عسل واحد ، بل شهور عسل متصلة ، 
وأصبح يلحن لوردة فقط ، وكثيراً ماكانت وردة تقول ( بليغ زوج ممتاز )ويؤكد
الاصدقاء الذين كانوا يترددون الى شقتهما ان بليغ ووردة كان يعيشان  ايامهما
حبا وموسيقى ، وأن البيت كان عبارة عن استوديو تنطلق منه الالحان العذبة 
وفي ذلك الوقت لحن بليغ لوردة اوبريت (( تمر حنه )) وقد توقف عرض 
هذه الاوبريت على الرغم من نجاحه لخلاف وقع بين وردة وبليغ من ناحية
وجلال الشرقاوي المخرج والمنتج من ناحية ثانية , وفي تلك الايام  لحن بليغ 
احدى اروع الاغاني التي غنتها وردة وهي الاغنية التي وضع كلماتها عبد 
الوهاب محمد بطلب من بليغ ومنها مقطع ( أنا مهما تقول .. اهواك أنا  )  وخلال
سنوات الحب الاولى في حياة وردة وبليغ الزوجيه ، حملت وردة ، ولكن الحمل 
لم يكتمل ، وأجهضت بعملية  جراحية ، بعد ان مات الجنين في بطنها ، وأصبح
وجوده خطرا  على حياتها . وبعد ذلك مباشرة.. بدأ العد العكسي ولكن لماذ وكيف؟
هذا مالم يستطيع أحد ان يفسره تفسيرا مقبولا او معقولا ، لابليغ ولا وردة  ولاحتى
اي صديق من أصدقائهما .. على أن بعض الناس قالوا : أن بليغ حمدي عاد بعد 
فترة استقرار  الى بوهيميتيه وتشرده وتسكعه ، وأستعاد سيرته الاولى حين كان 
نهاره ليلا وليله نهاراً  . اصبح يغيب عن البيت اياما وليالي . وكان كلما تأخر في 
السهر فضل ان يقضي بقية ليلته في مكتبه بدل ان يذهب  الى البيت ، تماما كما 
كان يفعل  حين لايريد ان يزعج والدته ، فهو لايريد  ان يزعج  ايضا  زوجته
وقال اخرون  : ان وردة هي التي بدأت تتمرد ، خصوصاً على الحان بليغ وذلك
بعد ان كثر الكلام على صوتها بالحان زوجها ، وأنها صارت تغني على نسق 
واحد ، وانها بذلك تثبت انها لاتستطيع ان تغني الا لبليغ ، لأنه يداري بألحانه
عيوبا في صوتها ، ولقد كان كل هذا كلاماً فارغاً . فلم يكن في صوت وردة عيوب
خصوصاً في ذلك الوقت , ثم بدأت القطيعة تتسع ، والكلام يكثر .  ثم جاءت القشة
التي قصمت ظهر البعير . وكان أسم القشة سميرة المغربية .. 

الاولى أو سميرة سعيد
آنذاك سافر بليغ حمدي الى (ابو ظبي ) ليسجل الحان اغان كثيرة لعدد من المطرين
والمطربات يشتركون في برنامج اسمه ( جديد  في جديد ) هناك التقى  المغنية القادمة
من المغرب : سميرة سعيد ، التي كانت تسجل اغاني وتحيي حفلات قبل ان تقرر 
الاشتراك في البرنامج .. وقيل في رواية أخرى : بل كان بليغ يعرف سميرة سعيد 
المغربية قبل ذلك وقد التقاها في المغرب ، ووعدها بأن يلحن لها . ولذلك ماكادت تراه
في ( أبو ظبي ) وهو معها في الفندق نفسه ، حتى أتصلت به ، ويقال أنه هو الذي اتصل
بها أول مرة ،والامران جائزان ، فطلبت منه الوفاء بوعده ، واتفقا على ان يضع  لها 
اكثر من لحن ، وبدء العمل وباتا يقضيان معظم الوقت معاً . وسرعان ما اطلقت عنهما 
شائعة حب ، وقيل ان بليغ حمدي يرغب  في أن يستبدل وردة الجزائرية بسميرة المغربية 
وقيل ذلك في البداية بالمعنى الفني ، اي أنه توقف عن وضع الحان لوردة ، وأنه 
سينصرف الى التلحين لسميرة . ثم قيل بل يريد ايضا ان تصبح سميرة زوجته بدل 
وردة . الشائعة وصلت القاهرة  فيما كانت وردة تستعد للسفر الى ابو ظبي للاشتراك
في البرنامج نفسه.. . فسافرت  وقد سمعت الحكاية وفهمتها  جملة وتفصيلا . ولعل 
أولاد الحلال - رشوا على الحكاية فلفلا ً وبهاراً من عندهم وقدموها  على طبق  الوقيعة
بين وردة وبليغ . ولدى وصول وردة الى ابو ظبي . تأكد لديها كل ماقيل وما لم يقل  وما
سيقال ، حين لم تجد بليغ في انتظارها في المطار . عندها بادرت الى اختيار فندق اخر 
غير الذي ينزل فيه . ولم يحصل بينهما لقاء الا في الاستوديو حيث التقيا  كفنانين عاديين
يعامل احدهما الاخر على اساس العلاقة الفنية ، بلا كلام عاطفي او عتاب , 
وما ان عادت وردة الى القاهرة حتى طلبت الطلاق . غير ان بليغ أصم أذنيه عن هذا 
الطلب . وسافر  من ابو ظبي الى لندن . وقيل سافر الى المغرب مع سميرة . وقيل خطبها
من اهلها فلم يوافقوا ، فأكمل طريقه الى لندن . حيث بدأ يقضي أيامه في بوهيمية مطلقه
من غير ان يتمكن من قول كلمة واحدة ، لأنه هو ايضا كان يسمع في كل يوم حكاية 
جديدة عن وردة ، المهم ان فترة الجفاء هذه ، على ماظهر فيها من حب يكنه بليغ لوردة 
انتهت بالطلاق . ولم يأت بليغ الى القاهرة بل كلف محاميه محمود لطفي ان يمضي 
الطلاق بالوكالة عنه . وحين عرف بليغ ان الطلاق قد تم ، أغمي عليه ، وهو في لندن
فحمل الى منزله ، وظل في حالة ضياع مدة طويلة  نحو ستة أشهر . عاد بليغ  الى 
القاهرة بعد ذلك . وبدأ يرمم نفسه ، ولم يعدم من شائعة جديدة  اطلقت مفادها  أن قصة
حب جديدة بدأت بينه وبين الفنانة السورية  ميادة الحناوي  وعزز الشائعة انه صار 
يعطيها ماكان يعطيه لوردة . وكان من الاغنيات التي كتبها ولحنها بنفسه  وقدمها الى
ميادة حناوي اغنية ( الحب اللي كان ) وهي تروي قصته مع  وردة .. تماماً
لكن هذه الشائعة لم تدم طويلا . ذلك أن بليغ كان يعطي في الوقت نفسه ألحانه لسميرة
سعيد (( المغربية الاولى )) في حياته الفنية . ثم لزميلتها المغربية أيضا عزيزة جلال
ومع ذلك ، وعلى الرغم من وجود سميرة وعزيزة في القاهرة ، وعدم وجود ميادة فيها
لانها كانت في ذلك الوقت ممنوعة من دخول القاهرة ، فأن التعاون بينها وبين بليغ 
استمر وأعطى أفضل النتائج . وبعد أربع سنوات من الطلاق والقطيعة الفنية مابين وردة
وبليغ ، حدث مشروع لقاء فني ، ولكنه لم يتم . ويقال أن هذا   حدث لأن وردة غنت 
بعد فراقها بليغ . الكثير من الاغنيات ذات اللحن المتشابه ، وارادت ان تعود الى الحان 
بليغ ، ولكن هذه الرغبة الفنية فسرت تفسيراً آخر ، فقيل انها تريد ايضا ان تعود الى
حياته العائلية ، وأستطاع بعضهم ان يضع (الاسافين ) في طريق هذه العودة المحتملة 
خصوصاً ممن كان لهم مصالح عند وردة ، اوعند بليغ ، وحدث هذا بالفعل  فقد  قدم 
بليغ الاغنية التي كان ينوي اعطاءها لوردة ، الى ميادة الحناوي أيضأً . 

وفي الوقت الذي شفي فيه بليغ من كل الآمه ، وأحزانه ، وعاود التلحين ، اعترضت حياته 
قصة قصيرة ، قصة زواج اخر ، دام ليلة واحدة ، بل يمكن القول انه دام سهرة واحدة
وذلك حين كان يسهر مع بعض اهل الفن في منزل المطربة  سميرة سعيد ، بعد ان 
اقامت في القاهرة ، وكانت المطربة صباح من جملة المدعوات ، وأنبثقت فكرة  زواج
بليغ من صباح فجأة ، وكتب احد الصحفيين بيده وثيقة الزواج ، وشهد عليها اكثر من 
اثنين من الحاضرين ، وأعتبرت وثيقة صحيحة من الوجهة الشرعية ، ولكن بعد  انتهاء 
السهرة ذهب بليغ في طريق ، وصباح في طريق اخر ، وثارت ضجة حول هذا الزواج 
واعلن الاثنان انهما كانا يمزحان 
ثم كانت حكاية سميرة الاخرى ، المغربية الثانية ، سميرة أوجتي مليان  .. التي نشر 
عن مقتلها اكثر من الكفاية  واعتبرت الحكاية  في النهاية : أنتحاراً 
جاءت حكاية سميرة ، التي كان من الممكن ان تحدث في اي وقت وفي اي سهرة من
تلك السهرات التي لا يعمرها بليغ حمدي فقط ، بل كثيرون غيره ، وبالصيغة نفسها 
والشكل  ، ونوعية الضيوف 
ويـــــا أهل الفن  من كان منكم بلا سهرات ،يقيمها ،او يحضرها ، فليرجم بليغ حمدي بحجر



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق