الجمعة، 5 يوليو 2019

من ذكريات اللاعب العراقي فلاح حسن يرويها بنفسه



يقول فلاح حسن : منذ وقت مبكراكتشفت 
ان أمي هي الانسانة الاعظم في حياتي 
كنت متعلقاً بها حد الجنون  والغريب أنني
 بقيت ملتصقاً الى صدرها وارضع ثديها
دون فطام  وانا اتخطى السنة السادسة من 
عمري ن وهذه حالة نادرة لاطفال الريف
استاذ سالم ... هذا أسم في حياتي يصعب 
نسيانه  فقد نشأت بيني وبينه  حالة من 
الحب الابوي ، لم اكن أنظر اليه مجرد
 نظرة معلم من معلمي  مدرسة  الشيبانية  بل
كنت  احمل تجاهه مشاعر فياضة من 
الحب والود والاحساس بالاطمئنان  والارتياح 
وكان هذا الرجل النبيل  يبادلني تلك العلاقة الابوية ... كانت  مدرستنا تعلن عن  
سفرتين  او ثلاثة في العام ، وكانت تلك السفرات من نصيب الطلاب القادرين على 
دفع اجور السفر ، ومع ذلك كنت اذهب  معهم  في كل سفرة دون ان ادفع فلساً واحداً
لأن معلمي سالم كان يتدبر الامر ... ولا أدري كيف كان يتدبره ... على حساب المدرسة 
ام على حسابه الخاص ، ولكنه في كل الحالات غمرني بعطفه الابوي وكرمه العظيم 

لاعب في فريق الهلال 

اذكر في مرحلة الابتدائية والمتوسطة ان علاقتي بالسينما كانت جيدة ، أما المعدل العام
لارتيادها فهو  مرتان في كل سنة ، مرة في عيد الفطر ومرة في عيد الاضحى حيث اقوم 
بتوزيع العيدية التي اجمعها الى نصفين ، نصف أكل به ( لفة بيض وعمبه ) مع قنينة بارد
ونصف اشتري به تذكرة  دخول الى سينما مترو  !؟ في الصف السادس الابتدائي انتقلت 
اسرتنا الى مدينة( الصدر) الثورة  حي 12 داخل ، وهنا بدأت مسيرتي الرياضية  اولى 
خطواتها  الفعلية مع الفرق الشعبية  التي أسهمت بتخريج  معظم الرياضيين ، ذلك لان 
الانتساب الى الفريق الشعبي والحصول على حذاء وملابس رياضية واللعب بكرة قدم 
حقيقية تشبه كرة القدم التي يلعب بها جمولي ، لم يكن يكلف اكثر من اشتراك رمزي يدفعه
اللاعب في حين  يتولى رئيس الفريق الذي تمثل صلاحياته  صلاحيات مدرب ناد من 
الدرجة الاولى  ، جميع التكاليف والمصاريف ولهذا فهو يقبل اللاعب ويرفضه ويمنعه من 
اللعب او يطرده دون ان  تكون لاحد قوة  او  سلطة عليه  فهو (( رئيس الفريق ))  هذا 
المصطلح الذي يعرف اهميته اي لاعب انتسب الى  فريق  شعبي   
الحمد لله  كانت علاقتي جيدة جداً مع رئيس الفريق لاسباب كثيرة  منها انني لست مشاكسا
ولا مشاغباً في الملعب ، ومن اللاعبين الملتزمين بالمواعيد والمطيعين  للتعليمات ، ومتعاون
مع زملائي اعضاء الفريق ,, وربما لانني كنت العب بشكل جيد في قناعة رئيس  الفريق 
الفريق الذي انتميت اليه  هو الهلال ، ولكنني لم العب  له سوى شهرين  او ثلاثة شهور 
لالتحق  بفريق اتحاد حبيب منذ العام 1967 ولغاية 1972 ولقد لعبت منذ عام 1968 لنادي
البريد في الوقت ذاته الذي كنت  اواصل اللعب فيه لاتحاد حبيب.. أي كنت العب لفريقين سوية

دخل كبير
نادي البريد ... بداية رياضية ، لم يسمع بها أحد الا وسألني عنها .. والمسألة طبيعية ، فهذا 
النادي حاله حال  اي ناد أخر يضم اللاعبين العاملين  في قطاع معين كنادي الامانة والاسالة 
او الميناء او التجارة ... ,اذن فأنا أستذكر صفحة أخرى من حياتي  المعاشية  بعد أن عزمت
بملْ أرادتي على ترك الدراسة  والعمل في البريد بأجر يومي قدره ( 650) فلساً وهو مبلغ 
كبير  يومها لم تحلم اسرتنا ان يكون ان يكون لها دخل مرتفع يصل الى ثلاثة عشر دهماً في 
اليوم الواحد .... سببان مهمان وراء تركي للمدرسة والدراسة  وأنا في الاعدادية  ومستواي
العلمي جيد ولم يسبق لي ان رسبت أبداً ... أحد الاسباب  المهمة  هو أحساسي بأنه قد أن الاوان
لأعين أبي على تكاليف الحياة ، وأن توفير لقمة العيش للعائلة أصبح أمراً عسيراً على راتب 
والد لوحده ... وهكذا دخلت الحصة الاكبر من اجوري الى ميزانية البيت  مبتعدين بذلك خطوة
لايستهان بها عن أيام الجوع 

متمرد مورافيـــــا

في تلك المرحلة ، الاعدادية ، كنت أوازن  بين اللعب والدراسة موازنة دقيقة ، ولكن ميلاً جديداً 
الى القراءة الخارجية والثقافة العامة ، بدأ يسيطر على عقلي سيطرة كاملة ، وهكذا وجدت نفسي
أستعير  اوليفرتويست  والبؤساء وارض  الله الصغيرة  والجريمة والعقاب ومذكرات من عالم 
الموت وما أكاد  اعيد كتاباً او رواية الى صاحبها حتى أستعير كتاباً أخر .  وقد صادف في تلك 
الفترة أن حصلت على تمرد  البرتومورافيا  الذي فهمت منه ، أن بمقدور الانسان تحقيق النجاح 
أو أن يكون ناجحاً حتى لو لم يتهيأ له أكمال دراسته . أنهيت كتاب المتمرد وانهيت في الحال 
علاقتي مع المدرسة وكان هذا هو السبب الثاني  والاهم الذي دفعني الى ترك الدراسة  رغم انني 
حاولت اخفاء هذه الحقيقة عن الجميع 

,,,,,, قصة حـــب ،،لم تكن صفحة حياتي صفحة بيضاء ، 
فقد لونتها المرأة بأحمر الشفايف في مرحلتي المراهقة والشباب ، ولكن هذا اللون  لايستقر على 
البشرة طويلاُ ، ذلك هو الوصف الدقيق أذا أردت الدقة لعلاقاتي بالمرأة ، أنها موجودة حقاً ولكنها
هامشية عابرة لم يكتب لها المكوث والاستمرار ، ولهذا  لا اجد مايستحق الذكر او يستحق مجرد 
التوقف ، اللهم  سوى مرة واحدة تحولت فيها المرأة من احمر الشفايف الى وشم محفور على اوردة
القلب فلا استطيع الان الا  ان  استذكر ذلك الحب الذي هز كياني  من الاعماق .  بدأت حكايتي  
على النحو الآتي .... في عام 1974  وبعد ان هجرت المدرسة نهائياً ، وبسبب رغبتي 
الشديدة لتعلم اللغة الانجليزية ، او تحت تأثير نوع من الحنين  الى ايام
  الدراسة ، أنتسبت الى  المعهد البريطاني ، وشاءت الصدفة ذات يوم أن التقي بفتاة أعتقد أن
 أسمها ساهرة داود ، بل هذا هو أسمها فعللاُ ولا أظن  
 بمقدوري نسيانه !! لم تكن هذه الفتاة الحلوة طالبة معنا في المعهد، وانما 
  كانت في زيارة لاحدى صديقاتها  في المعهد  ،  والقضية وما فيها أنني 
  تعرفت على  الفتاة كما يتم أي  تعارف اولي بين رجل  ورجل 
  وأمرأة وأمراة  ورجل وأمرأة ، ولكنني في ذلك التعارف  أحسست أن شيئاً يصعب
تفسيره ، هو نوع  من الاعجاب  او الميل  الى هذه المواصفات التي أتسمت
 بها الفتاة .. لعلها باختصار  مواصفات صادفت  هوى في عقلي الباطن  
  لم أكن قد أنتبهت  اليها  من قبل  ... عـــلــــى اي حال كان بأمكان ذلك الاعجاب
 والميل  أن ينتهي تماماً بعد أول  تعارف ، وقد أنتهى فعلاً 
لولا ، أن الفتاة كررت زيارتها  الى المعهد ثانية  وثالثة ورابعة  وعاشرة ... ومع كل  زيارة جديدة
كنا نترك لقلبينا  حرية اوسع للافصاح عن احاسيسهما ، وكنا  في كل لقاء داخل أروقة المعهد 
نقترب خطوة فيما نبتعد بالمقابل  خطوة الى خارج  بناية المعهد لنؤسس امجاد حبنا  تحت اشجار 
الكالبتوس التي تظلل شوارع الوزيرية  !  ذلك كان الحب الحقيقي والكبير في حياتي وانا مازلت
اذكر ساهرة وأيام ساهرة كأنها حدثت بالامس ، مع أن هذه الحكاية مرت عليها 14 سنة  بالكمال 
والتمام ,,,,,,( ((هذا اللقاء كان في15 حزيران  1988 )) ) للعلم

زواج وعقبــــــات

حين قررت التمرد على العزوبية ، كان علي أن أجد أولاً أبنة الحلال التي تقاسمني الحياة  الزوجيه
وكنت عند أتخاذ  هذا القرار الكبير  قد نلت من الشهرة الرياضية ماجعلني واحداً من الاسماء اللامعه
في عالم الكرة .. دون كل النساء أخترت المرأة التي ستكون زوجة المستقبل من أسرة
 رفضت رفضاً  قاطعاً  تزويج أبنتها لفلاح حسن  رغم المجهود الكبير 
الذي بذلته المرأة لاقناعهم بأن فلاح حسن ( خوش  ولد ) وعاقل  وطيب
 ورياضي وله سمعة كبيرة .. هكذا وجدنا أنفسنا أمام عقبة عائلية غاية في الصعوبة
ألا أننا صممنا على الزواج بعد أن طرقنا جميع الابواب دون فائدة ... وتزوجنا
 ووضعنا الاطراف المعنية أمام الامر الواقع  فلم
 يلبثوا أن باركوا زواجنا ثم أعلنوا مع مضي  الايام  عن قناعتهم بأن فلاح حسن زوج
صالح يرعى ويقدر أبنتهم  كل الرعاية والتقدير .. أثمر زواجي عن أربعة أبناء ، 
اكبرهم تيسير ، ومع أنني تزوجت وأصبحت أباً لاربعة أبناء الا أنني لم  
أنس حبي القديم ولم أنس أيام المعهد البريطاني وأشجار الكالبتوس 
وشوارع  الوزيرية ، لقد ظل حبي القديم للفتاة الهادئة الحلوة ساهرة داود زوجتي واماً
لابنائي الاربعة أم تيسير هي الحب الحقيقي  والوحيد  في حياتي !!  أذكر
 ان زوجتي ساهرة كانت من مشجعي نادي الطيران لان فلاح حسن  لعب مع نادي  
الطيران  للفترة من عام 1973 لغاية 1975 ثم أصبحت من مشجعي نادي
 الزوراء بعد انتقالي الى اللعب معه ... وقد تأكد لي أن النادي الوحيد الذي
تشجعه زوجتي على الدوام  هو نادي فلاح حسن ، وكان هذا يسعدني جداً ان اعثر
 على مشجع متعصب مثل هذا التعصب ولكن من الانصاف أن أستذكر أمراً 
 غاية في الاهمية ، فقد كانت ام تيسير مشجعاً يختلف عن اي مشجع أخر ، لانها
كانت بالمرصاد لاي خطأ يقع فيه فلاح حسن داخل الملعب ، كانت
ناقداً رياضياً لي لايعرف المجاملة ، وفي بعض الاحيان تبلغ ملاحظات هذا الناقد من
 الدقة والصواب مايجعلني أعتقد بيني وبين نفسي  أن ساهرة داود كانت  
 تلعب مع فريق نسوي لكرة القدم من وراء ظهري

اللعب ,,,,,,, والبيت

البيت والملعب حالتان  لايمكن الفصل بينهما العب جيداً في الملعب أرجع ألى البيت 
 زوجاً سعيدً العب بشكل لا ارضى به عن نفسي أرجع  الى البيت كواحد  
من اتعس الازواج .. هنالك على الدوام علاقة نفسية وطيدة بين البيت والملعب 
 والملعب والبيت ، ولان زوجتي تهيء لي جميع أسباب الراحة والراحة النفسية 
 في البيت فأنا أدخل الى الملعب بأحسن أوضاعي ، لكنني لا أدخل الى البيت
بأحسن أوضاعي دائماً ، وقد حاولت تجاوز  هذه الحالة .... ولكنني فشلت 
غيـــــرة ...

 عندما كانت الرياضة تسرق فلاح حسن  معظم الوقت عن البيت ، وعندما كانت هواتف 
ورسائل بالمئات تنهال على بيتنا  لم تستطع زوجتي اخفاء غيرتها الشديدة ، ولكنها 
لم تكن من نوع تلك الغيرة المدمرة كما يسمونها ،  
  ، كانت تتضايق  وتحاول الضغط 
على نفسها  بنوع من انواع التضحية لان حياتنا الزوجية كانت حياة عصامية
  ، وقد بدأت تتخلى عن ذلك الضيق  بعد اختياري كلاعب أساس في المنتخب 
  لانها ادركت انني اصبحت امام مسؤولية عامة  وأزرتني  مؤازرة يمكن القول معها   
أنها ساهمت في بناء شخصية فلاح حسن  الكروية ...لم يحصل ان تخاصمنا 
 على الاطلاق ، الكثير من زملائي يستغربون ، ولكن هذه هي حقيقة ، لاننا 
 عودنا انفسنا على التفاهم  . في بداية زواجنا كنا نرتاد
السينما والمسرح ونقوم بسفرات ونزهات وزيارات
  للاقارب ، الا أن الاولاد والمدرسة والدراسة قلصت الى
  حد كبير تلك الاهتمامات ، وأصبح اللعب مع الاولاد في البيت
 والعناية بتربيتهم جزءاً من اكبر أهتماماتنا


رسائل وردود مختلفة 
أستذكر الان ايام زواجنا الاولى  وذلك الظرف المعاشي الصعب الذي كنا نمر
 به ، ونحن لانملك  الا غرفة واحدة نسكنها ولا ندري  
 كيف نتصرف مع أية حاجة جديدة نشتريها .. أين
  نذهب بها ، أين نضعها ولم يكن بمقدورنا  ان نستأجر بيتاً كاملاً على حسابنا 
ولعل واحدة من مشاكلنا المالية في تلك الفترة هي الرد على الرسائل .. لان كتابة مئات  
 الردود كان يكلفني اوراقاً وظروفاً وطوابع وصوراً تثقل كاهلي الا أنني لم
 اتخل عن الرد وصرف مبالغ كبيرة  شهرياً كانت ترهقني مادياً لقناعتي بأن هؤلاء  الناس 
الذين يكتبون لي يعبرون عن مشاعرهم وحبهم وانه يقتضي  ان ابادلهم 
الاحترام والتـقـديــر ... وقــد تولت زوجتي فيما بعد الرد على الرسائل لأن  
 مسؤولياتي وسفراتي أصبحت كثيرة. تحضرني في  
 هذه اللحظة الصورة  المتخيلة لام تيسير وأنا استمع  الى صوتها  المتشنج  وهي تبكي
على الهاتف عندما أتصلت بها من دمشق  بعد فوزنا ببطولة العالم العسكرية عام 1977 
 التي أقيمت هناك

اللعب  فـي الشــــــارع 

ملاحظاتي عن ولديّ تيسير وأيهاب  تؤكد انهما يمكن أن  يكونا لاعبين
 جيدين  في المستقبل  ، وأنا أحرص على أخذهما معي الى النادي والاعبهما في حديقة البيت 
بالاضافة الى أنني أصطحبهما معي الى الشارع لالعب معهما .. طبعاً من غير المعقول
 أن العب لوحدي في الشارع  لولا زملائي القدامى
يشاركونني مع اولادهم اللعب في الشارع 
 ونتسبب احياناً في أيذاء البيوت ، لكن أحداً لا يعترض  لان 
أصحاب البيوت أنفسهم ، هم الذين يلعبون في الشارع واحيانا تقف زوجاتهم 
مشجعات ... وهنا لابد من الاعتراف بأننا جميعاً نلعب في الشارع ,امام عيون زوجاتنا 
 أفضل بكثير من طريقة لعبنا  في أي ملعب دولي 
 ، لاننا  من غير المعقول أن نخسر أمام نسائنا  حتى لو دفعنا ذلك للعب الخشن 
شكراُ للكابتن فلاح حسن 







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق