الأحد، 28 يوليو 2019

مابين الغانية والحداد / قصة


خلال ساعات قليلة  صار اسم الحداد حمدان على كل لسان
في المدينة بعد أن أنقذ أشهر  وأجمل غانية في الاقليم  من
الذبح العلني  على قارعة الطريق
لــقد تم كل شيء في ســرعة خاطفة  أضطرت  العشرات
من الناس  الذين شاهدوا ماجرى  الى فرك أعينهم  والتلفت
الى الجهات الاربع ليتأكدو من أن مــاشاهــدوه لم يــكن من
قــبــيـل كوابيس اليقظة  او وساوس  الشيطان ، اما اولئك
الذين يسيطروا على مشاعرهم  وتشبثوا بوعيهم فقد وصفوا
الحادث العجيب  الخاطف  الذي شاهدوه  كما يلي : - كانت
الغانية غنية (تتغندر )  بين محلات الازياء في السوق المفضي
الــى البــحر عندما سـحبـها رجـل  ملثـم  من شعرها الطويل
وطرحها ارضــاً  باركــاً  على صدرها  بركبته اليمنى مستلاً
من وسـطه سـكيناً من سكـاكين القصابين وسط ذهول الناس
وصــراخ الغانــية  التي راحــت تــرفس  الهــواء  بساقيــها
الفخمتين ، وفــي تلـك اللحظة  أنــشقت الارض عـن حمدان
الحداد  الذي لوى ذراع  الملثم  وأنتزع السكين  من يده بغير
ما صعوبة وظل مقيداً لحركة الجاني  لحين وصول الشرطة
التي أخذت الجانــي والضـحية والمنـقـذ  وبعض شهود الحادث
الى مركز الشرطة ..... ومنذ ذلك اليوم المشهــــود
وراح الناس يراقبون  بلذة تطور العلاقة  بين الغانية  والحداد
منذ الليلة الخرافية  التي مد فيها السماط على شرف  البطل
المنقذ في دار الغانية الفاره ، والتي غنى  فيها المغنون حتى
بحت أصواتهم ورقصت فيها الراقصات الى ان كادت اوساطهن
ان تنقضم  فوسع لمن الرجال على الارائك والطنافس لكي
يلتقطن انفاسهن ، ويقال  بأن ماشرب وماسفح من الخمور
الاجنبية  في تلك الليلة كان يكفي  لكي يبحر فيه اسطول السيارات
الفارهة التي كانت قد أحاطت السوار  بالمعصم .. وابتداء من
اليوم الثاني من ليلة الاحتفال  الشهيرة ابتدأ  الخلاف يدب في
السر اول الامر  بين غنية وحمدان عندما راح الاخير يدس انفه
في شؤون غنية ويسألها بسماجة  وغيرة سرية قاتلة  عن علاقاتها
المتشعبة المتشابكة  وعن الرائحين والغادين في الدار  واولئك
القابعين على الموائد الخضراء  في الغرف المطنفة وعن السر
الذي يحول اولئك  المتغطرسين  المتنمرين الى قطط اليفة  عند
الوقوف على اعتاب دارها . وحاولت غنية ان تثنيه عن ذالك وان
تقنعه بلطف بأنها حرة في أختيار طريقة حياتها  واصدقائها
وازيائها ، الا أن اليقين الذي كان قد  تملك حمدان بأنه ومنذ اللحظة
التي وهبها فيها عمراً جديداً كان قد أمتلكها ، وأن هذا الامتلاك
لابد أن يصير  الى خاتمته الشرعية  بحضور القاضي وتصديق
الاوراق الثبوتية للنكاح الشرعي .  وكلما كانت غنية تحاول أنتشاله
من وهمه المستحيل  كان هذا يوغل في السباحة الى اعماقه ، الى
أن جاء اليوم الذي طفح  الكيل بها  فطردته من الدار  كما تطرد
الكلاب الضآلة  الجرباء ، وكان ذلك بحساب الناس بعد ثلاثة أشهر
من يوم الانقاذ  المشهود وتبدلت  احوال حمدان ، منذ ذلك اليوم
المشؤوم  فــأهمل عمله  وأنطفأت النار في كيره . وراح يجوس
فــي الحانات  والمقاهي  بعيون تقدح شرراً  الا أنها لم تستطيع أن
تخفي ذلك الحزن المجنون  الذي ينهش  فؤاده ، وما عاد يميز بين
نظرات الناس المشفقين او الشامتين  او المتطفلين  أو الصــامتين الا
أنه كان متأهباً في كل مكان  وزمان لكي يقصم رقبة  كل من يتجــرأ
على  الــولــوغ في سيرة غنية ، التي عادت  ( تتغندر ) بين محـــلات
الازياء  بحماية  ثلاثة من الــرجال  الاشداء . في الوقت  الــذي أزداد
فيه تهامس  الناس عن الوان حفلاتــها الــيلــية  الباذخــة
وتردى حــمــدان  من سيء الى أسوء ,, ورثت ثيابه  وراحت الخمرة
بصوابه  وقواه ، وراح يرابط في حديقة مهجورة  تقابل دار غنية
وهو  يراقب السيارات تتوقف  عند الدار  ويمني النفس برؤية لغنية من
خلال باب  او شباك . وتنتعش روحه ويعود الالق الى عينيه  لحظة ان
يراها . رؤية خاطفة وهي تسد شباكاً  عنــد أشتداد الريح  او غزارة
المطر ، فيكتفي بذلك  القدر الوافر من النعيم ويــكرع ماتبقى من زجاجة
الخمر المغشوش ويسند رأسه الى أقرب  عوسجة ليروح في  نوم تملؤه
كوابيس صاخبة  دفاقة بالحب  والعنف ومعارك  الانقاذ  والفراء من اجل
المحبوب ، وفي ليلة عاصفة  غاب فيها القمر ، وكان يتوسد الــعوسجة
ذاتها  رأى فيما  يرى النائم رجلاً ملثماً  ينقض عليه  بسكين من سكاكين
القصابين  ويبرك بركبته  اليمنى على صدره فيوشك ان يمنعه  من التنفس
ثم راحت سكينته تحتز  بكل هدوء رقبة حمدان من الاذن الى الاذن ، ولوح
حمدان بذراعيه الذاويتين  متوهماً بأنه يقاوم  القاتل .. الا أن ذراعه مالبثتا
ان سقطتا  الى جانبيه كحبلين من نسيج مهتريء ، وراحت دماؤه تشخ من
كل مكان في  رقبته فيتشربها  نبات الثيل ، وتغسل أثاره المطر


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق