الأحد، 21 يوليو 2019

سبقناكم في تحضركم



نشـــرت أحد  الصحف الاجنــبية  خبراً أعتَبرتَهُ  مثيراً وغريباً
فــي (عالـــم اليـــوم ) الــذي  يمتاز  بــأغلاق الابواب  واحكام
 اقفالها بــوجه الاخرين  ،  فقدت تحدثت عن قريــة  فــي جنوب 
الهنــد تــبني بيوتــها من دون ابــواب ، وأن السكان  لم يواجهـوا
أي حــادث سطوا فــي قريــتهم منذ أنشائها ، كما أن أحدا منهم لم
يحاول  بناء باب بيته ، وعندما  أراد أ حد الســكان وضع  بعض 
سعف  النخيل امام  مدخل  داره  اسـتنكر السـكان  ذلك  واجبروه 
على رفعه  وترك المدخل مفتوحــاً ، ذكــرتني هذه  القصة  بمرحلة 
الوعي الاولى  من عمري  فقد كنا نسكن  داراً في احد الازقة الضيقة
والمغلقة  قي نهايتها ، وكــانت البيوت  متلاصقه  مع  بعضها حـــد
الاطباق  وكنـــا  نـــحن الصغار نتـــمتــع بحـــريــتـيــن الاولــى 
ان ابواب جميع بيوت  الجيران مفتوحة  وبـــامكاننا دخول أي منها 
من دون احراج  أو تبعات، والثانية أن السطوح الناصـية والمتلاصقه
كانت تتيح  لنا بعد تسلقها  ان نعبر الى سطح الجيران  بكل حرية 
وبدون مساءلة  وكان الامر يبدو طبيعياً للجميع  فمنذ ساعات الصباح 
الاولى  تفتح جميع ابواب البيوت ويخرج  الاباء الى  اعمالهم  والابناء
الى مدارسهم  وبعض الامهات  الى الاسواق ويستمر الحال  هكذا من
حرية الدخول  والخروج الى اية دار بصحبة ابنائها او من دونه ، ولسبب
وجيه  او لمجرد قضاء الوقت  حتى يبدء الظلام بالحلول  ويعود الاباء 
من اعمالهم  او مقاهيهم او  صلواتهم  ويجري المناداة على الابناء  لتناول
طعام العشاء ( الاجباري) ، وقد تغلق  الابواب بعد ذلك  او يترك بعض 
الوقت للزيارات الخفيفة و ( تصفية الاعمال والحسابات ) ثم تغلق الابواب
الخشبية البسيطة  والتي لاتقاوم أية ( دفعة مغرضة ) وبوساطة  اقفال 
خشبية أيضاً لاتصمد امام اي( حرشة بريئة ) . وقد كانت  حالة الامان تلك 
تعم جميع المدينة بحيث ان اشهر  وافضع خبر  يمكن ان نسمعه هو ان 
داراً  مــا  قد تعرضت للسرقة  وكانت تلك  حالة استثنائية  ولا يمكن ان 
تاتي  الا  من  غريب طاريء  على المنطقة ، ولكن عمليات (السرقة ) البسيطة
التي كنا  نمارسها كانت ( حلالا) بعُرف الجميع  ، فأذكر ان احد جيراننا 
يملك  عدة بساتين  وكانت التمور المعبأة بالقراب الجلدية متوفرة  دائما 
قرب الباب وكان من عادتنا  ان ندخل لنأخذ ( صماً) اي كمية تملأ كف اليد
من التمر  ونتناوله  سواء رآنا  أحد من اصحاب البيت ام لم يرنا  ، كـــما
أن أحدى جاراتنا  كانت تهوى  صناعة (الطرشي ) فتضع في جراره
على سطح دارهم  بأنتظار مرور المدة اللازمة لتخمره ، وكنا نعبث بالمحتويات 
ونأكل الخيار  والتفاح  والثوم  وغيرها  من المواد المكبوسة  وقد يشاركنا 
في هذه العملية ابن صاحبة  البيت  ولا اتذكر ان أحداً  قد أعترض على 
هذه التجاوزات  التي تحدث  بالعبور من سطح دار الى سطح دار اخرى  . وانا
أروي هذه الحالة أتذكر أيام الطفولة البريئة  والسعيدة  نسبياً وحسب مقاييس
الزمن  ومتطلباته  آنذاك  وأنا لا أطالب   بالعودة الى تلك  الحالة  فالزمن في
تقدم وطراز البيوت وابوابها  قد تغير ، والعادات قد ( تطورت ) لا ادري نحو
الاحـــسن أم الاسوأ ، ولكن  المهم القول لاصدقائنا  في تلك القرية  الهندية 
والتي هي ( عديمة الابواب ) أنــنـــا سبقناهم الى ظاهرة أكثر حضارية  وأمــاناً
مع وجود الابواب  المفتوحة والحرية والامان  ولكن ,,,,, كـــان زمــان



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق