الخميس، 5 سبتمبر 2019

أباء النبي لم يسجدوا لصنم


ولد النبي (صلى الله عليه وآله ) في عائلة تدين بالتوحيد وتتمتع بسمو الاخلاق 
 وعلو المنزلة . فأيمان جده عبد المطلب نلمسه من كلامه ودعائه عند هجوم 
أبرهة الحبشي لهدم الكعبة اذ لم يلتجيء الى الأصنام بل توكل على الله لحماية
الكعبة (السيرة النبوية ،الكامل في تاريخ 1260 ) .بل يمكن أن نقول بأن عبد المطلب
كان عارفاً بشأن ( صلى الله عليه وآله ) وهو رضيع ، وماذلك الا لما كان يعلمه من 
مكانته عند الله المنعم الرزاق ( السيرة الحلبية 1182،الملل والنحل للشهرستاني 2248 ) و
الشاهد الاخر هو تحذيره لأم أيمن من الغفلة عنه عندما كان صغيرا (سيرة زيني دحلال
بهامش السيرة الحلبية 164 وراجع تاريخ اليعقوبي 210 ) وكذلك حال عمه أبي طالب
الذي استمر في رعاية النبي (صلى الله عليه وآله ) ودعمه لأجل تبليغ الرسالة والصدع
بها حتى اخر لحظات عمره المبارك متحملاً في ذلك أذى قريش  وقطيعتهم  وحصارهم 
له في الشعب . ونلمس لهذا في ماروي عن ابي طالب (عليه السلام ) عدة مواقف ترتبط 
بحرصه على سلامة حياة النبي   (1)  صلى الله عليه وآله . وأما والد النبي فالروايات 
الدالة على نبذهما للشرك والاوثان ، ويكفي دليلاً قول الرسول -عليه وآله الصلاة والسلام
لم ازل أنقل من أصلاب الطاهرين الى أرحام الطاهرات (2) وفيه ايعاز الى طهارة  ابائه
وأمهاته من كل دنس وشرك ، وذهب بعض أهل السنة ألى ايمان والديه (ص) ,اجداده
وأستدلوا عليه بالكتاب والسنة ، منهم السيوطي قال في كتاب (مسالك الحنفاء :17 ) المسلك
الثاني  انهما اي عبد الله وأمنة لم يثبت عنهما الشرك ، بل كانا على الحنيفية دين جدهما
ابراهيم على بينا وعليه الصلاة والسلام كما كان على ذلك  طائفة من العرب كزيد بت عمرو
بن نفيل  وورقة بن نوفل  وغيرهما . وهذا المسلك ذهبت اليه طائفة منهم فخر الدين الرازي
فقال في كتابه (أسرار التنزيل ) مانصه : ان أزر لم يكن والد ابراهيم بل كان عمه واحتجوا
عليه بوجوه : منها قوله تعالى ((الذي يراك حين تقوم * وتقلبك في الساجدين )) قيل معناه
أنه كان ينقل نوره من ساجد الى ساجد . وبهذا التقدير الآية دالة على ان جميع آباء محمد 
صلى الله عليه  واله وسلم كانوا مسلمين ، وحينئذ يجب القطع بأن والد أبراهيم ماكان من
الكافرين ، أنما ذاك عمه ، أقصى مافي الباب أن يحمل قوله تعالى (وتقلبك في الساجدين ) على
وجوه أخر ، وأذا وردت الروايات بالكل ولا منافاة بينهما وجب حمل الآية على الكل ،
ومتى صح ذلك ثبت أن والد ابراهيم ماكان من عبدة الاوثان  ثم قال ومما يدل   
  على أن أباء محمد (صلى الله عليه وأله ) ماكانوا مشركين  قوله  (عليه السلام ) (لم أزل
أنقل من أصلاب الطاهرين الى ارحام الطاهرات ) وقال تعالى (أنما المشركون نجس ) فوجب
أن لايكون احد من اجداده مشركا . هذا كلام فخر الدين الرازي بحروفه . وناهيك به  امامته
وجلالته ، فأنه امام أهل السنة في زمانه ، والقائم بالرد على الفرق المبتدعه في وقته 
*******************
هوامش
(1)
السيرة النبوية :1979 ، تاريخ أبن عساكر :169،  مجمع البيان : 737،مستدرك الحاكم : 2623
الطبقات الكبرى :1168 ، السيرة الحلبية :1189 ، أصول الكافي : 1448، الغدير: 7345
(2)
(سيرة دحلان بهامش السيرة الحلبيه :158  ، وراجع أوائل المقلات للشيخ المفيد : 12، ،13
عن مجلة الاحرار عدد314-1433هـ


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق