الثلاثاء، 17 سبتمبر 2019

السينما في مقهى الشابندر 1987



منذ فلمه الرابع( الاسوار)  يقرر المخرج محمد شكري جميل اعادة تركيب الاحداث 
التأريخية ليصنع منها نسيجاً جديداص يوصل من خلاله أراءه في الحياة وفي الاحداث
التي عاشها . ولأنه كان يمتلك وعيا وهو يعيش احداث الاربعينات والخمسينات فقد آثر
ان ينقل لمشاهديه تفاصيل تلك الايام من خلال نقل ممثليه الى الاماكن القديمة  والتراثية 
وهذه المرة يختار منطقة القشلة وسوق السراي وبنايات المحاكم  ومقهى الشابندر 
مجموعة كبيرة من الممثلين المعروفين احتلوا مقاعد المقهى ... يوسف العاني - 
قاسم محمد- طعمة التميمي - محسن العزاوي - قاسم الملاك - راسم الجميلي-هاني هاني
كاظم فارس - ضياء البياتي -صادق علي شاهين -سامي السراج   أضافة للفنانه أفراح 
عباس  والتي كانت تنتظر خارج المقهى في حين كان هناك عشرات من الكومبارس وبضع 
سيارات قديمة تقف بالقرب من بناية محافظة بغداد لتنطلق حاملة المتظاهرين وهم يهتفون 
لانتصار ثورة تموز 1958 

جمهور كبير يتجمع أمام موقع التصوير ليشهد العمليات الفنية والتحضير للمشهد الذي 
يستغرق بضع دقائق .  هيئة الانتاج والادارة الفنية والمساعدون كانوا يبذلون قصارى
جهدهم لانجاز المشهد في وقته المحدد والتحضيرات تبدأ منذ الصباح لينتهي كل شيء 
بعد ساعات الظهيرة  .  مبادرة جديدة من هيئة انتاج الفلم هي الاستعانة بطلبة معهد 
الفنون الجميلة لكي يساهموا في التظاهرة ويشهدوا عن قرب العملية السينمائية  لكن 
" المحزن " في هذا الموضوع ان حوالي 250 طالبا حضروا قبل بداية التصوير  وبعد
وقت قصير تبخر العدد الى ثلاثين طالب فقط . المنتج المنفذ رمضان كاطع طلب مني
ان اتحول الى شاهد على عملية "التبخر" هذه ، في حين ان المشاركة العملية في هذه
التظاهرة الفنية تمنح الطلبة - وخاصة طلبة فرع السينما - فرصة للتطبيق  لايمكن ان 
تتكرر في كل يوم 

المشهد الاول يبدأ  في المقهى حيث يجلس المختار ((يوسف العاني ))  ليتناول (( طبقاً
من الهريس )) الغارق بالسكر والدهن والدارسين  . على الرغم من انه مصاب بداء السكر
يتناول بضع ملاعق  ثم يطلب قدحا من الماء من ساقي المقهى ((قاسم الملاك)) فنسمع 
صوت تظاهرة من بعيد تهتف للوطن وللشعب . المختار يتوقف عن الاكل  ويقع صريعاً
لتستمر التظاهرات في خلفية المشهد . ولكي يتم التصوير  فقد افرغت المنطقة من المارة
وبدأ عمال الديكور يضعون قطعاً كبيرة من الاثاث  وشبابيك قديمة  وضعت في مواجهة 
الكاميرا لأضفاء اجواء الخمسينات على المقهى التي مازالت تحافظ على طابعها القديم
الاعادة مطلوبة دائما  والمساعدون يجرون هنا وهناك لتهيئة التظاهرة من جديد واضافة
عناصر اخرى لها ليكون المشهد مليئا ومؤثراً ... سيارات قديمة جلبت خصيصا للفلم لكي
تتلائم مع نهاية الخمسينات 
في الاستراحة كان الممثلون يتناولون الشاي الذي يقدمه الباعة المتجولون او يذهبون الى
سوق السراي لشراء الحاجيات والقرطاسية لاطفالهم او يبحثون عن كتاب قديم قد يجدونه 
في دقائق الفراغ

في الاعادة الثانية يقنع المخرج محمد شكري جميل ويعطي أمرا بطبع المشهد في المختبر
لمشاهدته فيما بعد والتاكد من صلاحيته ليضاف لرصيد المشاهد  المصورة لاحداث فلم 
الفارس والجبل . وهذه المرة يبدو المخرج على قدر اكبر من السرعة في التنفيذ قياسا 
لافلامه السابقة وخاصة في فلم المسالة الكبرى وهذا يعكس نضوجه الفني وقدرته على 
العمل برصانة دون ان يفقد ايقاعه المتميز ومع ان المخرج محمد شكري جميل يختار 
مواقع التصوير في الاماكن العامة والموجودة  فعلا في العاصمة الا ان كلقة الانتاج لن 
تتقلص بسبب عدم بناء ديكورات خاصة ، فقد أخبرنا المنتج المنفذ رمضان كاطع  انهم
اضطروا لاستئجار المقهى والمحلات القريبة منها ومجموعة من الدكاكين التي تطل عليها
وهذا لوحده مكلف على مستوى ميزانية الفلم , المساعدون والفنيون مازالوا يشكون اهمال
الصحافة لهم وهي مسألة لن نستطيع تجاوزها بتحقيق سريع  لكنني اجد انهم  محقون 
دائما مادام تنفيذ الفلم يقع على عاتقهم  
3- حزيران -1987



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق