الخميس، 15 أغسطس 2019

هل يصنع الاباء الجيدون ابناء جيدين ؟


زوجان ربيا ابنهما تربية لائقة لكنه خرج منحرفاً ... لماذا ؟
ماتقرره الطبيعة هل تلغيه التربية   ؟
مالذي يؤثر في شخصية الطفل  ؟ هل هي الطبيعة أم التربية ؟
وأذا كانت التربية فلماذا ينشأ أحد الابناء بشخصية عدوانية متصلبة
بينما ينشأ الاخر بشخصية لطيفة مرنة ، في الوقت الذي يتلقى فيه
الاثنان نفس التربية والاهتمام من نفس الام والاب ؟  
كــــتــــبــت  أحــد السيدات الى عالم نفساني  تقول : - حين كنت 
في عمر السابعة كنت الطفلة  الوحيدة لابوين  عاملين  يقضيان جل
يومهما  خارج المنزل  ليعودا بعد ذلك منهكين ولا يملكان  الوقت أو
الطاقة الكافيين للأعتناء  بي  ورغم ذلك  لم أصبح عدوانية  ولم أنحرف
بل كنت  متفوقة  في دراستي  ولا اتذكر انني  قد اوقعت نفسي او اهلي
يوماً في مشكلة  ما  وفي سن الثانية والعشرين  تزوجت  لارزق
بطفلي الوحيد الذي حاولت ان اعطيه  كل ما املك من حب واهتمام 
ورعاية  ووقت ... فكرسنا  انا  وزوجي حياتنا  له  ولم نبخل  عليه 
باي شيء ... ولكن في النهاية  لم تثمر  جهودنا  عن اية نتائج طيبة 
فقد نشأ  ابننا  منحرفا  بدون اية  اخلاقيات  او ضمير . فحول حياتنا
الى كابوس  مزعج 

بـــالتـــأكـــيــد  أن تجربة هذه الام ليست قياساً ولكنها في نفس الوقت
ليست تجربة فريدة من نوعها .  فهذه الحالات  وحالات مشابهة اخرى
تنسف  العديد من الاعتقادات التي يتمسك  بها الكثير  من الادباء. فنحن
نعتقد  احياناً  بأننا  القوة الكافية  التي تمكننا من تشكيل شخصية  صغيرنا
كما نتمنى ولكن الحقيقة  غير ذلك  . فرغم تاثير الاباء  الكبير  على تطور
شخصية صغارهم  الاانه ليس التاثير الوحيد  الموجود . فهناك  تأثير الاقران
والمدرسة  ووسائل الاعلام  وحتى المناخ  الاجتماعي  للفترة التي ولد فيها
الصغير . فقد يقود الاب ابنه  ويشجعه  ولكنه في النهاية  لا يستطيع  ان 
يحدد شخصيته  . ولكن رغم ذلك  فان طبيعة  الطفل لم تثبت  بأساس 
كونكريتي فالعديد من الصغار يتغيرون  وهم في طريقهم الى مرحلة  البلوغ
ففي نفس الوقت الذي يعاني فيه بعض الاباء المهملين من عدوانية اطفالهم
وشخصيتهم الصعبة . يعاني بعض الاباء الجيدين . أيضاً من نفس المشكلة
مع صغارهم ..... أذن مـــأهــــو   الــــســـبـــب  ؟
ان التوغل في البحث في علم الجينات  يوضح لنا السبب ويزودنا ببعض الاجوبة
*** التأثـــير الجيني  ***
من بين العوامل المهمة التي يتم التأكيد عليها  في فهم تطور شخصية الصغير هي
الوراثة الجينية ... فالدكتور (( روبرت بلومان )) من جامعة بنسلفانيا  ومدير 
برنامج تطور السلوك الوراثي ، يشير الى ان حوالي اربعين بالمئة  من الاختلافات
في شخصية الطفل تعود الى الوراثة الجينية  وهناك  ثلاثة ابعاد  عامة  تكون 
شخصية الطفل  والتي تثبت الدليل الاساسي على اهمية  التاثيرات الجينية 
 الاول   :-   العاطفي -  اي كيف يتجاوب الصغير مع الفرح  او الغضب .. والثاني 
هو - النشاط -  او كمية حركة الجسم العامة والطاقة والبعد  الثالث -  القدرة - أو
الى  اي مدى  يرغب الصغير في البقاء  مع  الاخرين  . أما باقي السلوكيات 
الاخرى  فقد تكون  علاقتها بالجينات اكثر او اقل فمثلا الخجل تساهم فيه الجينات
بنسبة50 -60 % بينما  الابتسام وخاصة في السنتين الاولى من حياة الطفل فليس
له علاقة بالجينات  اطلاقاً .. وهــــنـــا  يبقى  السؤال  كيف يتمكن  العلماء من

تميز التصرفات التي تتاثر بالجينات عن غيرها  من التصرفات ؟  يقــوم الدكتور
بولمن - وعلماء اخرون بمقارنة تكرار السلوك عند افراد منتمين وراثياً ومقارنته
بسلوك زوج أخــر من الصغار  ليس بينهم رابطة  او مرتبطين بدرجة مختلفة
فمثلاً : التشابه من الناحية الاجتماعية  للتوائم المتماثلة (  الذي تكون فيه جيــناتهم 
متشابهة ) او يقارن سلوك اطفال متبنين في أحدى العوائل  مع الاطفال الحقيقين
لتلك العائلة  لمعرفة أذا ماكانت بعض الصفات في شخصيات  الصغار موروثة 
أم تدخلت التربية في صقلها 
*** تـــأثـــر البــيـــئــة  ***
غالباً مايعتقد الاباء  بان العديد من صفات  صغيرهم نتيجة ممارستهم التربوية ,,فلو
كان الابوان اجتماعيين وطفلهم كذلك فأنهما سيفرضان بانهما قد شجعا في صغيرهما
هذا النوع من السلوك  لكن في الحقيقة ان السبب الرئيس لهذا السلوك  هو اشراك 
الابوين والصغير في نفس الجينات المسؤولة  عن النزعة الاجتماعية  وفي الوقت الذي
يكون فيه للجينات  الدور الرئيس في نشأة الصغير  واختلافه عن ابويه واخوته او 
تشابهه معهم ، يكون للبيئة التي يوفرها  الابوان  للصغير تاثير ضئيل على المزايا 
العامة لشخصيته . وهذا مايفسر  لنا لماذا يرزق الابوان  الاجتماعيان  بطفل  منطو 
على نفسه  او بالعكس  . فالصفة الرئيسية قي الشخصية  لايمكن  ان تتغير  كما تقول 
البروفسورة سكار - ولكنك تستطيع  ان تعلم الطفل  كيف  يغير سلوكه  بطريقة معينة
فقد يكون  من الافضل  لك ان تعلم الصغير  تصرفات معينة  لا  ان تمحو شخصيته
تماماً  فتحوله مثلاً من طفل خجول  الى  فراشة أجتماعية . وتضيف الدكتورة(سكار) بان
المجتمع يريد ان يخلق نماذج متشابهة من الشخصيات  ولا يحترم  الاختلافات  في 
الشخصيات فمثلاً . ينظر المجتمع الى الخجل على انه عادة سيئة ويستطيع الطفل ان 
يتخلص منه  بمرور  الزمن  بمساعدة الابوين  والاخرين 

*** متاعب يمكن السيطرة  عليها ***
أن الطريقة التي يتجاوب بها  الاباء مع صغارهم  الذين يولدون  بشخصيات صعبة
يمكن أن تؤثر على الطريقة  التي يتطورون بها ، فعلاقة -الاب- الابن  مهمة جداً
في هذا الجانب يقول المهتمون بهذا الشأن ان الصغار (الصعبين ) يمكن ان يشكلوا
في المستقبل مشكلة الطفل (العدواني ) والسبب في ذلك نظرة الاباء اليهم . فــأحدى 
الدراسات الحديثة تشير الى ان حوالي 40% من الاباء  يستمرون في معاملة صغارهم
على انهم اولئك الاطفال  الصعبون حتى بعد ان يبلغوا سن الخامسة او السادسة من 
العمر . وكذلك تبين الدراسة بأن أطفالاً بعمر سنتين يقاومون محاولات امهاتهم  في
السيطرة عليهم  الامر الذي يجعل الام  تعلن استسلامها  امامهم  وهذا مايشجع سلوكهم
الصعب - وبهذه الطريقة تعتقد الام بانها  لا تتمكن نهائياً من السيطرة  على مزاج 
صغيرها  الصعب ، وهكذا يتعلم هو  ان يحصل على مايريد عندما يكون  رافضاً 
غاضباً عدوانياً ، وبعض الاطفال تتغير شخصياتهم بمرور الزمن  أما نحو الافضل 
أو نحــو الاســوأ ، ويعتقد الدكتور بلومن  بان اساس هذه التغيرات هي " الجينات" و
لكن بعضها لاتظهر الا في وقت لاحق من الطفولة وينطبق نفس الشيء على بعض 
الاضطرابات في الشخصية مثل الاصابة بالشيزوفرينيا  والانحراف  والاجرام والاسهام
الجيني في هذه المشاكل الخطيرة  لايزال مثار جدل  بين العديد من العلماء . وقد  
اشارت احدى الدراسات بأن  الصغير الذي يعاني احد والديه من احدى هذه  المتاعب 
يكون احتمال نسبة اصابته  بها حوالي 25% في الوقت  الذي تصل نسبة  اصابة 
الطفل  الصغير السليم الوالدين الى 2-5 بالمئة 

***   لـــم  يفت  الاوان  أبدأ    ***
وسواء كان  السلوك موروثاً او بيئياً فليس هناك مايؤكد بان هذا السلوك سيبقى صفة
ملازمة لشخصية الطفل عند بلوغه . أن تأثير الوراثة الجينية ليس سلبياً دائماً  ففي
الوقت الذي يعاني فيه الصغار الذين  ولدوا في بيئة صحية من متاعب في شخصياتهم
نرى اخرين من بيئة غير صحية قد تمكنوا من المضي  في حياتهم بشكل  رائع . وهنا
يتدخل دور الاباء فادراكهم بان بعض الصفات التي تحملها شخصية طفلهم ناتجة عن
التاثير الجيني قد يساعدهم كثيراً في تربية الصغير  وهذه المعرفة ايضا تساعد الاباء
على تخفيف شعورهم  بالذنب لاعتقادهم بأنهم لم يربوا صغيرهم  بشكل صحيح وخاصة
عندما تظهر متاعب السلوك بشكل مفاجيء في مرحلة البلوغ او ما بعد الطفولة حيث 
يشغل الاباء انفسهم  بالتفكير السلبي بانفسهم وصغيرهم ولكن الحقيقة  انهم ليسوا 
مسؤولين تماماً عما يحدث  وفي نفس الوقت  لا احد يستطيع  ان يلغي دور  الاباء في 
تصحيح شخصية الطفل فلشخصية الابوين تاثير  كبير على تكوين شخصية الطفل ولكنه
ليس التاثير الوحيد ، ان دور الابوين لا يمكن ان يكون  كدور النحات  الذي  يضع 
لمساته  الاخيرة على العمل الفني فهو يشمل  الحب والرعاية والتربية  والتوجيه.فالاب
لابد ان يكون حساساً لمتطلبات صغيره وقابليته  واحتياجاته  النفسية وحين يتمكن الاباء 
من توفير هذه الامور  للصغير فانما  هم بذلك يمكنون  صغيرهم من ان يصبح  افضل 
مايستطيع ان يكون  او  تكون 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق