الثلاثاء، 27 أغسطس 2019

الحوار هواية الجميع

الحوار هواية الجميع
اللغة والاهتمامات المشتركة اساس الحوار

هل يرتبط الحوار بالعمر والثقافة



في احصائية عن الهوايات قامت بها مجموعة من علماء الاجتماع
على سكان احد المدن ، جاء (الحوار) كثاني هواية يفضلها الشباب
من بين 36 هواية مختلفة ، بعد الرياضة بالطبع 

واما بالنسبة للسكان الاكبر سنا فتبين انهم وان كانوا اقل حماسة لاثارة 
النقاشات يقضون وقتا اطول في الحديث من سواهم  وهذا امر طبيعي 
. اذ كثيرا ما تتسع دائرة معارف الانسان (في منتصف العمر ) حتى تبلغ اوجها
بين 30- 40 عاماً .فتراه مشدوداً الى عدد كبير من الناس بحكم عمله 
واتصالاته المختلفة . والزواج بحد ذاته يضيف للمرء اعداداً لاحصر لها من
الاقارب الجدد والمعارف والاصدقاء .. كما ان انجاب طفل او اكثر من شأنه
توسيع دائرة معارف الزوجين حتى تشمل المعلمين ،وأهالي ، زملاء واصدقاء 
ابنائهم ... ألخ . وهكذا نجد ان دائرة معارف الانسان تصل الى ذروتها حتى 
سن الاربعين لتبدأ بعدها بالانحسار البطيء التدريجي . كما اثبت المسح 
الذي اجري على المدينة ... أن النساء بطبيعتهن هن الاكثر رغبة بالحديث
والالتقاء بالناس ، خصوصاً في السنين المبكرة من حياتهن ، ولكن الآية 
سرعان ماتنعكس بتقدمهن في السن اذ يملن تدريجيا للابتعاد عن الناس
والمجتمع والتركيز على العائلة بعكس الرجال الذين يصبحون مع التقدم 
بالعمر اكثر ميلاً للكلام والاتصال بالناس  . وهنك حقيقة لايمكن اغفالها ، 
مفادها ان الانسان يصبح اكثر رغبة لاثارة النقاشات والالتقاء بالناس كلما 
ازداد ثقافة واطلاعاً . وهذه الحقيقة تنطبق على النساء والرجال سواء بسواء
كما اثبتت الاحصاءات ايضا ان رغبة الانسان بالحوار ومناقشة الاحداث 
اليومية الجارية ( في بلده والعالم بشكل عام ) تزداد او تقل تبعاً لخلفيته 
وللبيئة التي نشأ فيها ، اذ نراها واضحة عند ابناء العوائل المتعلمة المثقفه 
في حين تصبح ضعيفة لدى ابناء العوائل العمالية والفلاحية  الذين تنحصر 
احاديثهم بأعـــــمالهم اليــــــــومية  المـــعتادة 
&&&  حوار لكن مع من  &&&
من بين الاشخاص الذين تفضل الحوار معهم يأتي الاصدقاء في المرتبة
الاولى بالنسبة لكل شخص وخصوصاً في بداية حياته  ففي مراحل حياتنا
المبكرة تزداد  مكانة الاصدقاء بالنسبة لنا كما يزداد ميلنا للحديث معهم 
الا ان هذا الميل ينحسر تدريجياً مع تقدم الانسان بالعمر وانشغاله
بمستقبله وبكسب الرزق ، وهذا لاينفي وجود صداقات عميقة تمتد لعشرين
او حتى ثلاثين عاماً ، لانها صداقات حقيقية لا اثر للمصالح الشخصية فيها
يأتي في المرتبة الثانية الازواج  الذين يحلو لهم مناقشة مختلف الموضوعات
مع زوجاتهم ، مثل مشاكل العمل وشؤون الاولاد والمنزل ، وفي المرتبة 
الثالثة يأتي زملاء الدراسة او العمل ، وقد لوحظ بين الاشخاص الذين تعدوا
سن الثلاثين تضاؤل اهمية عمر او جنس الزميل الذي يتم الحوار معه وان
كانت اهميته تزداد تبعاً لمكانته الثقافية ولمستواه العلمي . في المرتبة الرابعة
ياتي الابناء  !فالاهل غالبا مايفضلون الحديث مع اصدقائهم - في اوقات
فراغهم - على قضاء الوقت في الحوار والنقاش مع الابناء  وهذا الامر ينطبق
بشكل خاص على الآباء ، الذين يرون ان الحوار مع الابناء الصغار هو من 
صميم واجبات الام ، اما الكبار منهم فبامكانهم التحاور مع اصدقائهم او
زملائهم بالمدرسة . وهكذا يكبر الابناء دون وجود لغة مشتركة بينهم وبين 
الاباء ، أذ ينشغل كل منهم بشؤونه واصدقائه واهتماماته الخاصة فتتسع 
الهوة بين الاثنين . أن التواصل بين الاباء والابناء يزداد مع ازدياد وعي الاهل
وادراكهم في وقت مبكر حاجة ابنائهم للحوار والنقاش الديمقراطي المفتوح
ومما يستحق الذكر ان الحوار يقل بين افراد العائلة التي يتمتع قطباها 
الرئيسيان - الاب والام - بدرجة مرموقة من العلم والمعرفة اذ يقوم بين 
الاهل والابناء في مثل هذه الحالة. جدار سميك من الغموض وعدم التواصل
للفرق الكبير بينهما في الخبرة والعلم والتجربة . وهناك تعليل أخر لهذه 
الحالة ، مرده ان الانسان العالم يفضل تلقي المزيد من العلوم والمعارف على
نقلها لسواه . وهذا مايدركه الابناء بسهولة (في مثل هذه الحالة ) عنــــــد
التحاور مع الاباء ، أذ سرعان ماينقطع الحوار قبل ان يتمكن اي منهما من
ايصال مايريده للطرف الثاني . ومما يلفت النظر ان المطلقين  والارامل من 
الجنسين يميلون بشكل عفوي للتحاور والتواصل مع الابناء بصبر وحب 
سواء ( كانوا أبنائهم او ابناء سواهم ) لانهم يمثلون البديل للشريك الذي لم
يكتب لهم الاستمرار معه ، كما ان مثل هؤلاء الاشخاص يعدون اكثر ميلا  
للحوار مع الزملاء في العمل والاصدقاء من سواهم ، كما لوحظ ان الحوار 
والتواصل يقل بين الجيران في الاحياء السكنية مالم تكن قد ربطت بينهم صداقة مسبقه
&&& بماذا يتحاور الناس ؟ &&&
يميل اغلب الاشخاص المثقفين ( من كلا الجنسين ) لمناقشة الموضوعات 
التي تدخل في مجال الفن والادب ، وهذه الظاهرة ايجابية تنسجم مع 
احتياجات الانسان العصري واهتماماته .. أما الشباب الاصغر سناً ،  فكثير 
ما تتركز احاديثم حول الشخصيات التي تثير اهتمامهم اضافة لهواياتهم 
المختلفة . عملاً بالمثل القائل  أن مايحبه القلب يفيض به اللسان..أما 
الازواج فتنحصر احاديثم بمشاكل الحياة الروتينية كالاولاد والطعام وشؤون
المنزل ، ويهملون الحديث مع بعضهم في شؤون السياسة والادب ..فالرجال 
يفضلون مناقشة مثل هذه الموضوعات اضافة لامور العمل والرياضة ،  مع
اصدقائهم وزملائهم بالعمل ، فمثل هذه الموضوعات تهم الرجال بشكل 
خاص وغالبا ماتدور ضمن نطاق المجتمع الرجالي وحسب 
أما الزوجات فيفضلن الحديث مع بعضهن حول الاولاد والمنزل والمطبخ 
والموضة .. أن الاختلاف الواضح بالاهتمامات يقلل من احتمال اشتراك 
الزوجين في حوارات مشتركة ( الا اذا كان الزوج مهتمابالموظة والزوجة تهوى 
كرة القدم ) وهناك حقيقة لابد من ذكرها وهي ان السيدة كلما زادت
اطلاعاتها كلما رغبت اكثر بالحوار مع زوجها في شتى الموضوعات ، فهي 
تريد ان تعرف رأيه في هذه المعرفة وان تناقشه في هذا الكتاب او تلك 
المسرحية ... أمــا بعد الاربعين فكثيراً مايحلو للرجال والنساء  الحديث عن 
متاعب الشيخوخة والمرض  ! تعددت الاسباب والحوار واحد ، ولكن يبقى 
الحوار المجدي المنطقي الهاديء افضل الحوارات وانفعها 
الا تتفقون معي في ذلك


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق