امتدت افكارهم لتشمل خلق علاقة بين الروح وبعض الاشياء
غير الحية ، ومما كانوا يعتقدونه دخول الارواح واستكانتها في
المخلوقات والجماد على حد سواء . وقد كونت الاحجار الكريمة
بكمال جمالها وبنائها البلوري المثير والوانها الزاهية في معتقداتهم
مرتعاً خصباً يجذب اليه الارواح النقية التي كان يعتقد بأنها تتعامل
مع الاجسام العلوية السماوية ذات الضياء الازلي الذي يعيش تحت
نوره الانسان ، وقبل الاف السنين وفرت هذه المعتقدات فرصة
لظهور ماسمي بعلم المعادن التنجيمي - شكل اشكال المعرفة
السحرية يربط بين المجوهرات والنجوم والقوى غير الطبيعية التي
تمتلكها الاحجار الكريمة بفعل هذه العلاقة - ويبدو في الوقت الحاضر
من غير الممكن ان نحاول معرفة سبب الربط بين الجمشت (حجر
ارجواني الشكل ) مثلاً وبين برج الحوت وبين التوباز (حجر كريم
مختلف الاشكال والوان ) وبين برج القوس خاصة ان الربط بين هذه
الاشياء اختلف باختلاف الناس والقرون ... ويعتقد ان علم المعادن
التنجيمي بدأ مع الكلدانيين وان الفهارس الشرقية التي تتناول صنوف
المجوهرات واشكالها لم تصل الى اوربا الا في القرن الثالث عشر
وبالتحديد وصلت الى اسبانيا ضمن مقالة تناولت 325 معدناً ثميناً مع
خواصها كتبها احد العلماء المغاربة ، وقد تناول كيميائيو القرون
الوسطى نص المقال بشكل اعتباطي موزعين الاحجار بين العلاقات
الاثنتي عشرة لدائرة البروج بموجب الاعتقادات ((العلمية )) السائدة
أنذاك .وكما كان الحال مع الكلدانيين اعتقد معظم الناس في تلك الفترة
ان للحجر الكريم تاثير اًنافعا على حامله عند دخول الشمس في البرج
المرتبط مع الحجر فقط ، ولمساعدة حاملي الاحجار على تكيف انفسهم
وفق تعقيدات العلوم الكونية ابتدع المنجمون تقاويم للاحجار المحفوظة
تزايدت اعدادها وانواعها مع الايام ، وادعى كل منهم بانه الاصدق
والافضل والاكثر سحراً وارتباطاً بالكلدانية
وفي بعض البلدان يقرن التحلي بالاحجار الكريمة مع فصول السنة ،ففي
الربيع يتحلى الموسورون بالزمرد ، وفي الصيف بالياقوت ، وفي الخريف
بالصفير ( ياقوت أزرق ) وفي الشتاء بالماس ، ويبدو أن التجانس بين الفصل
والحجر حصل وفق المبدأ الاتي : الزمرد لون الخضرة في الربيع ، والياقوت
يمثل الضياء حرارة الصيف ، والصفير لون سماء الخريف ، اما الماس فهو
لون الجليد الشفاف والبرد في الشتاء . في كثير من الاحيان كان التحلي بنوع
من هذه الاحجار يعني للشخص وللاخرين انتهاء فصل معين والدخول في فصل
جديد من السنة
أما في القرون الوسطى فلم يكن جمال ورونق الماس يعامد على عمليات القطع
والصقل بالدرجة الاولى كما هو حاصل الان ، ولكن وكما ذكر احد المؤرخين
كانت تجري له عمليات الجلي واعداد بوضعه فترة من الزمن في لحم ودم ماعز
سقي شراباً واطعم عشباً خاصاً قبل ذبحه ، وقد أعتقد بأن هذه العملية تضيف نعومة
الى الحجر فيصبح صقله اكثر سهولة ولونه شبيه بلون النشادر وداخله اعمق من
البلور ولكن بلمعان اما احجامه فقد كانت اكبر اكبر من حجم البندقة واعتقد كثير
من الناس ومنهم قياصرة وملوك بان الاحجار الكريمة تشفي كثيرا من الامراض
المغول الذين جاءوا بها بدورهم من الصين ،فالماس كان علاجاً للسير اثناء النوم
والاضطربات الذهنية اما ((شرابه )) فقد كان يوصف للاشخاص الذين يمتلكهم
الغضب بسرعة ، والصفير - اذا ماوضع تحت ضوء صناعي بدا وكانه ماس -
استعمل كمخدر ومنوم ودواء للقلب ولايقاف النزيف ، ونصحت بعض وصفات
اليونان الطبيه القديمه بتناول الشراب باقداح مزينة باحجار الجمشت لأن ذلك
مدعاة لمنع الشارب من الوصول الى حالة سكر شديده ! لكن وصفات لم تذكر
مقدار الشراب الذي يستطيع ان يستوعبه الانسان الاعتيادي ! ولقد استخدمت
الادوية التي تعتمد هذا الحجر الارجواني اساسا في تركيبها لمعالجة حالات الادمان
على الكحول ... أما الزمرد فهو منقذ الناس من لدغات الافاعي ، وفي الفيروز
شفاء لامراض الكبد والكلى ويمنع الياقوت الكوابيس المقيتة والصداع
ان الربط بين الاحجار الكريمة والقوى غير الطبيعية الخارقة في شفاء المرضى
ومطاردة الارواح الشريرة وتقديم العون والمساعدة وقت الشدائد جعل كثير
من هذه الاحجار الثمينة تسحق وتهدر على محراب الخرافة والشعوذة
من اجل استخدام مساحيقها لاغراض مختلفة
وفي وقتنا الحالي مازال الكثير من الاشخاص يؤمنون بقدرة هذه الاحجار
على القيام باعمال متنوعة كادرار الحليب عند الامهات ويقول احد المختصين
بالامراض العصبية .. بعض المرضى اذا ما اخبرتهم بان تحت وسادتهم زمردة
تزيل عنهم التوتر وتبطيء دقات قلوبهم تلاحظ عليهم بعد حين تحسن في حالتهم
الصحية وهذا طبعا يعود الى ايمانهم بفاعلية هذا العلاج الايحائي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق