لو القينا نظرة فاحصة على عمر الكرة الارضية ،وعمر الانسان كما
نعرفه اليوم ، وعمر الانواع البشرية التي سبقته . وعمر التاريخ الجلي
المعروف بالقياس الى عمر ماقبل التأريخ ، وعمر المستقبل من الزمان
القادم الذي يمتد الى بلايين من السنين ، وعقدنا مقارنات دقيقة بين هذه
الارقام .فسنحصل على حقائق مذهلة ونتائج مثيرة ، قد لاتخطر على
البال ولا في الخيال في المعتاد من الاحوال . واولها وأبرزها واهمها
وأخطرها على الاطلاق هي : أن التاريخ لايزال طفلا صغيرا يتعلم
المشي بخطوات متعثرة ، يقوم مرة ويقع مرات ، ويقف على قدمين
أن الانسان نفسه لايزال طفلا ضعيفا مرميا على عتلة الزمان لم يدخل
بعد ، أو لعله يوشك الان فقط على الدخول ، الى رحابه الواسعة الفسيحة
تعالوا نخرج من عالم النتائج والاخلاقيات والعواطف والاشواق والمفاهيم
وندخل عالم المقدمات والارقام المجردة الباردة ، والحقائق الموضوعية
الصلبة الصارمة
وقد أتفق العلماء المختصصون المؤرخون والاثاريون ،مثلا، أن التاريخ
الانساني في العالم اجمع على الاطلاق قد بدأ في العراق القديم حوالي
عام (2700ق.م ) بعد أن ظهرت وتطورت اللغة السومرية والكتابة المسمارية
وكانت الحضارة السومرية ، حضارة عراقية بكل معنى الكلمة ، أنسانا
وروحا وموقعا ، وقد شهد العراق القديم عصوراً تأريخية متعاقبة
وتوالت عليه عهود عديدة ، هي على التوالي ، الاكديه والكلدية والاشورية
والبابلية . ولكن الحضارة السومرية بقيت هي الحضارة السائدة على الرغم
من زوال السومريين كأمة متميزة ذات سيادة سنة (2000) قبل الميلاد واستمر
الوارثون الاوائل القدماء على تمسكهم بها وحبهم لها وحرصهم عليها . وبين
بداية تلك الفترة في سنة ( 2700ق.م ) ونهايتها في سنة ( 539 ق.م ) وقوع
بابل في ربقة الفرس الاخمينيين وسقوطها في قبضة ملكهم كورش الثاني مايزيد
عن العشرين قرنا من الزمان ، هي بالضبط عمر الحضارة السومرية ،أول
حضارة في التاريخ ، وأقدم مدينة في العالم . واذا أستذكرنا أن هذا الجيل من
من البشر يعيش الان في مداخل القرن الحادي والعشرين بالتقويم الميلادي
وان عمر الحضارة الانسانية لايزيد الا قليلا عن 47 قرنا من الزمان ، فسنعلم
النتيجة وندرك الحقيقة ، وهي ، أن هذه الحضارة الواحدة الحضارة السومرية
دعونا مرة اخرى نستعيد الحقائق الموضوعية والارقام الاساسية في هذه
الصورة . عمر الكون (5) بلايين سنة . عمر الارض يتراوح بين (4-5ر4) بلايين
السنين ،وعمر الانسان مليونا سنة فقط ، أما عمر التأريخ فانه لايزيد
عن (5000) سنة بالحدالاوسع والاعلى
الانسان اذن لايزال طفلا . والعلم لايزال طفلا . والتاريخ لايزال طفلا ونستطيع
الان ، وفي ضوء ماتقدم من ارقام ن أن نفهم عبارة ( أفلاطون ) الذي يقول
أن الفيلسوف ينظر الى الاشياء والاشخاص والاحداث في ضوء الابدية ، وليس
بالقياس المالوف للانسان العادي بالعمر الطبيعي من يوم واسبوع وشهر وعام وحتى
قرن من الزمان
ومن أغرب الغرائب ، وأفجع المفارقات أننا نحن البشر نشن الحروب ، ونشعل
الثورات ، ونزهق الارواح ، ونريق أنهارا من الدماء ، ونخوض بحوراً من الفتن
والمذابح ، وننشر الموت والخراب والدمار والظلم والحزن والالم والعذاب ، ثم
نشعر بعد ذلك بالفخر والاعتزاز والكبرياء بدلا من شعورنا بالخجل والعار والندم
وما نحن البشر في الحقيقة والواقعة سوى حفنة من الاطفال الصغار ، والصبيان
الاغرار ، يلعبون باعواد الثقاب ، ويتلهون بأحجار النرد ، ويعيشون عبثا نزقا
بالمصائر والاقدار والارواح والاموال والموارد ، وأذا كان عذر الاجيال المتقدمة
في العصور الغابرة انها تصرفت على قدر علمها وفهمها وادراكها ، فما عذر الاجيال
المتأخرة التي رافقت وعاصرت وعاشت الثورة الصناعية والثورة التكنلوجية
والثورة العلمية ، وعرفت وأستخدمت الطاقة النووية ، وأفلتت من جاذبية الارض
وانطلقت الى الفضاء ونزلت على سطح القمر ؟؟؟
هل هنالك حيوان يقتل حيوانا من نوعه وجنسه غير الانسان ؟؟
هل الانسان حيوان عاقل فعلا
كما جاء بتعريف المناطقة والفلاسفة ، أم انه حيوان مفترس ، أقسى وأعنف واشرس
من جميع الحيوانات المفترسة الاخرى ، وربما كان أشدها افتراسا على الاطلاق
حتى يبدو الاسد او النمر الى جانبه كما لو كان بلبلا مغردا او حملا وديعا ؟ لان
الاسد او النمر لايقتل الأ اذا جاع ، فأذا شبع أنصرف ، أما الانسان فانه قد حاز
قصب السبق ، ونال أكليل الغار ، واحرز وسام التفوق ، في تعطشه الى اهراق
الدماء ، وفي تلذذه بازهاق الارواح ، وفي انصرافه السادي الصارخ الى الايذاء
والقهر والاضطهاد والاذلال . هل يعرف أحد مفارقة اعظم من ان يوصف الانسان
بأنه سيد الارض ، المسيطر على كنوزها الدينة ومواردها الطبيعية . مع أنه ليس
سيد نفسه ومصيره ، ولا يستطيع ان يسيطر حتى على غرائزه واهوائه وميوله؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق