عبوسي - لماذا هجر كرة القدم والاخراج الرياضي ؟
حمودي الحارثي أو عبوسي كما يحلو للجمهور تسميته ، عرفه الكل من خلال الشاشة
الصغيرة فناناً موهوباً متالقا ، نذر حياته من اجل أسعاد الجميع وبالمقابل بادله جمهورنا
في القطر الحب والاعتزاز ، ويكاد ( عبوسي ) ينفرد بين فنانينا بمحبة الجمهور على اختلاف
فئاته وميوله العمرية والثقافية ، فأحبه الكبار بعمق وعشقه الصغار بعفوية وصدق ، كان
اللقاء به في احد أروقة المؤسسة العامة للسينما والمسرح وكانت حصيلتنا لقاء بدء بالطرافة
وانتهى بما تخللته الابتسامة مرة والضحكة مرة اخرى وسرد شيق لذكريات جميلة تعاقبت
على فترات مختلفة من حياته .
كان لحديث الرياضة دور كبير في هذه الذكريات بدءاً من مشاركته في سباقات الساحة
والميدان ومرورأ بمزاولة كرة القدم والاخراج التلفزيوني في نقل نهائيات كأس العالم
العسكرية التي جرت في بغداد عام 1972 . اردت اولا أن أعرف رأيه في العلاقة التي
تربط مهنته بالرياضة ... قال هنالك علاقة كبيرة بيت الرياضة والفن تتجلى هذه العلاقة
باعتماد الممثل اعتمادا مباشر على الرياضة وممارسة بعض العابها . وقد ثبت مؤخرا
ان احد الاعمدة المهمة التي يرتكز عليها نجاح الممثل هي الرياضة لانها تكسبه المرونة الجسمية
في المسرح والمطاوعة الحركية امام الكاميرا سواء في التلفزيون او السينما ، لذلك فعلى الممثل
او كل من يهوى دخول هذا العالم ان يمارس الرياضة ويدخل افقها الواسع الرحب لاكتساب
القدرة الحركية وتهذب النفس والروح تهذيبا رياضيا يبعدهما عن الركود .. ويكمل عبوسي
كانت اول خطوات دخولي عالم الرياضة في بداية الخمسينات حيث زاولت كرة القدم مع زملائي
في مدرسة المنصور الابتدائية بعدها انتقلت الى منطقة الشواكه في بغداد وبحكم ماتتميز
به هذه المنطقة من حركة وجدت في نفسي الرغبة لممارسة العاب الساحة والميدان فشاركت
كعداء في اكثر من سباق ولمسافات مختلفة وافضل ماحققت في هذا المجال النتائج التي حصلت
عليها في سباق الطفر العريض ، واتذكر انني كنت انظم مع اصدقائي سباقات صغيرة نتبارى بها
اشباعا لهواياتنا , وبجانب هذا كنت شغوفا بهوايتي الاولى كرة القدم فاعطيها الجزء الاكبر من
وقتي خصوصا بعد ان تم انتسابي في منتصف الخمسينات الى فريق شباب الكرخ وكنت وقئذ
العب في مركز جناح اليمين وقد كان لممارستي العاب الساحة والميدان فضل كبير في ازدياد
سرعتي حيث ان هذا النركز يحتم على من يحتله اضافة الى السرعة ان يتميز بالمهارة وخفة الحركه
الفــــن عـــألـــــمي والكـــرة هــــوايـــتي
س : - مالذي جعل حياتك تـأخذ منحى مغايرا يتمثل في ولوجك عـالم الفـن ؟
السبب بسيط لانني لم اكن وقتها احلم ان اصبح لاعب كرة قدم في المستقبل بل كانت كل احلامي
موجهة الى افق عالم جميل هو عالم الفن وقد كانت ممارسة الكرة بالنسبة لي ليس اكثر من اشباع
رغبة وممارسة هواية جميلة اما الفن فهو عالمي الاول والاخير وقد صممت على احترافه منذ
نعومة اظفاري لذلك ما ان تهيأت لي الفرصة لدخول معهد الفنون الجميلة حتى قدمت اوراقي اليه
س : - وهل أنتهى عهدك بكرة القدم بعد ذلك ؟
أذا كانت ممارستي لها قد أنتهت فأن حبي لها لم ينته وقد انعكس ذلك على قيامي ولفترة طويلة
باخراج برنامج الرياضة في اسبوع كذلك قمت باخراج اكثر مباريات بطولة كأس العالم العسكرية
التي جرت في بغداد عام 1972 والتي حصل منتخبنا العسكري على بطولتها
اذن لتتحدث لنا عن شعورك في تلك اللحظات ؟
لقد قمت بنقل أصعب مباريات البطولة بلقطات فنية جميلة جاءت نتيجة الخبرة التي أكتسبتها خلال
دراستي الاخراج والانتاج التلفزيوني في باريس لمدة سنتين . كان النقل وقتها يتم مباشرة على
الهواء وبرغم صعوبة النقل في تلك الفترة الا انني كنت اشعر بلذة لاتضاهيها لذة
س : - هل هنالك مباراة اشرفت على نقل وقائعها ولسبب ما لازلت عالقة في ذاكرتك ؟
اعتقد ان جمهورنا الرياضي يتذكر جيدا ايام استضافة العراق لنهائيات هذه البطولة لان مبارياتها
قد حفلت بالاثارة وخاصة مباراة المنتخبين اليوناني والتركي ، لقد سمعنا الكثير عن قوة
خط هجوم فريق تركيا وبالفعل كانت تلك المباراة قوية وجاءت على مستوى التوقعات لكنها
حفلت بالخشونة والحماسة الزائدة والذي اتذكره ان الذي اشعل هذه الحماسة هو اقامة المباراة في
وقت بلغت فيه الخلافات السياسية بين اليونان وتركيا اوجها
كيف تنظر لساليب مخرجينا في نقل مباريات الكرة ؟
ادعوك لمقارنة بسيطة بين افلام كرة القدم الالمانية والانكليزية التي يعرضها التلفزيون وبين مشاهدة
الان في نقل المباريات المحلية وعلى سبيل المثال مباريات الدوري والبطولات التي جرت مؤخرا
في القطر , سترى ان الفرق شاسع وقد يكون هذا مسالة طبيعية وفي رأيي ان الاخراج الرياضي
المحلي لم يخط ولا خطوة واحدة نحو الافضل
الــــريـــاضــة أكــــثــر أرهـــاقا مــن الـــفـــن
من خلال ممارستك الرياضة واحترافك الفن أيهما برأيك يرهق أكثر ؟؟
الرياضة في نظري ترهق اكثر من الفن فتمارين لاعب الكرة مثلا يجب ان تشغل مساحة ارضية
تزيد على المائة متر ، اضافة الى الارهاق الذي يصيب اللاعب اثناء المباريات المتواصلة كمباريات
الدوري لكن لاننسى ان الفن يرهق ايضا من الناحيتين الفكرية والذهنية
لو وضعتك في محل تقييم للمنتخب الوطني العراقي ماذا تقول عنه ؟
المنتخب العراقي من حيث المستوى اكثر من جيد وليس ادل على كلامي هذا من فوزه باكثر من بطولة
خلال الاعوام القريبة الماضية ولا داعي للتذكير بهذه البطولات فهي معروفة لدى الجميع .
وخلال هذه الاعوام الطويلة من اعجبك من لاعبي الكرة العراقية ؟
قديما - جمولي - وناصر جكو - ومحمد ثامر - وسابقا
وهادي احمد وحسين سعيد وعدنان درجال
حـســن الــحــظ دفــعــنــي الـــى عبـــوســـي
ندخل الان الى عالمك الذي فضلته على الرياضة ونسألك عن كيفية وقوع الاختيار عليك لتمثيل
شخصية (عبوسي ) في المسلسل الناجح تحت موس الحلاق ؟
عندما بدأ بتوزيع الادوار في هذا العمل الذي كتبه الفنان الراحل سليم البصري لم يكن دور
حلاوة - الذي اصبح فيما بعد ( عبوسي ) سوى دور ثانوي هامشي ومن حسن الحظ ان هذه
الهامشية كانت سببا في رفضه من قبل فناني التلفزيون فقد كان معظمهم يطالب بالادوار البطولية
والادوار الطويلة لكني بارتخاء تام قبلت الدور واضفت اليه الكثير وسبب هذا الاقتناع هو دراستي
لنظريات التمثيل التي جاء بها المخرج ستانسلافسكي وارائه حول هذه المسالة حيث كان يقول
ليس هنالك دوراا طويلا ودورا قصيرا بل هنالك ممثل كبير وممثل صغير
ومن المؤكد ان هنالك حادثة طريفة قد مرت بك خلال عمرك الفني الطويل هل تذكرها لنا الان ؟
ساذكر لك حادثة رياضية فنية لها وقع لطيف في نفوس اثني عشر فنانا كنت احدهم .... ففي
عام 1969 جرت مباراة كروية جمعت بين فريق الفنانين ومنتخب بعقوبة كان الهدف من المباراة
امتاع الجمهور بعرض هزلي فحسب لذلك نزلنا الى ساحة الملعب دون اي تمرين سابق وقدمنا
مباراة هزلية رائعة لايزال الجمهور يتذكرها واكملت الصحافة الرياضية متعتها حيث تناولتها
باسلوب رياضي لطيف وللاسف لا اتذكر النتيجة لكني اذكر ان الجمهور الكبير الذي حضر المباراة
نزل عقب انتهائها وحملنا على الاكتاف تعبيرا عن حبه واعتزازه بالفن . ومن الفنانين الذين لعبوا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق