ويسألوني ..لم طلبتي الطلاق منه
امرأة تجاوزت الثلاثين . رشيقة طويلة .. خمرية اللون . سوداء الشعر
ذات اهداب طويلة وتحمل قسماتها ملامح الجمال المغلوب على أمره
تقول الزوجة كان ومازال سجني وسجاني ..القى بي داخل اغوار
حياته ودنيتي كما ينسى السجان سجيناً في دهاليز السجن ,,أنقض
على حياتي أنقضاضاً ..فقد كنتُ مخطوبة وعقد قراني على شخص
أخر ، لكنه قابلني في العمل كانت الظروف تجعلني التصق به معظم
اوقات النهار ومنذ اللحظة الاولى أحسست بأنه زوجي وأعلنت العصيان
على أهلي . ورفضت اتمام الزواج الاول لكي أعيش مع هذا الانسان
الذي جعلني أعيش في حالة دهشة من اعجابي به ، وحبي له
مدة طويلة ..الى أن تحقق الحلم وأصبح حقيقة . وجمعنا بيت واحد
وبدأت الحقيقة تخلع عنه الاردية المزيفة وتسقط أقنعته قناعا بعد أخر
هذا الرجل الذي كان يشتعلُ عاطفةً ويتقد حرارة تحول الى كتلة من
الثلج لا أثر فيها للحرارة ..رويداُ رويداً أنطفأت جذوة عواطفه كأنما أسقط
عليها الزواج شلالات من المياه وذهبنا نمارس حياة ميكانيكية باردة . لا
تحس لها بتوقف ولا باستمرار لرتابتها ترانا العيون فتكاد تحسدنا وكلانا
يشعر تماما انه لاصلة تربطه بالاخر سوى صلة المسكن وانجاب الاطفال
الاطفال الذين أصبحوا ثلاثة ,,ولم تكن المسألة كما قد يتبادر الى أذهانكم
مسألة استقرار عائلي أو هـدوء زوجي وأنما وراء هذا الركود اسباب
لاصلة لها بالبيت . وراءه سهرات طويلة ..كان لايعود منها الا مع الفجر
ويرسم على وجهه تجهم كأنه شيع كل أهله الى مقرهم الاخير ولا
يجيب به عن سؤال واحد من اسئلتي العديدة ومع هذه السهرات
بدأ رصيده المالي يتهاوى الذي يحتفظ به في البنك ..أحاول أن أعرف
من بعيد او قريب سر هذه السهرات ولكن عبثا احاول الوصول الى
سره ...لانه لايتحدث في اي امر من الامور الى حد انني شعرت كأنه
يعاقبني على ذنوب لم ارتكبها ..وكان أسوأ ماوصل اليه في ايامه
الاخيرة هو امتناعه عن الاتصال بي وكأننا غريبان قضت ظروفهما
ان يعيشا تحت سقف واحد ، وانفرد بنفسه في غرفة مدعيا أنه
أصيب بمرض السكر ، وأن الاطباء حذروه من الاستمتاع بالحياة
الزوجية ولكن لا اظن ان هذا التحذير يمتد الى اكثر من سنتين ،فكان
عطفي عليه غير ان المريض لم ينقطع عن ممارسة سهراته فضلا
عن انه لم يكن يتعاطى اي دواء من ادوية السكر ولم يحدث ان غيّر
او بدل في الاطعمة التي يتناولها فكيف يكون مريضا كما يدعي ..ولم
يعطني فرصة لمناقشته ..فهو دائما غائب عن المنزل او في حجرته
ويرتسم على ملامحه الذهول .. لايرد أبداً على اسئلتي حتى فقدت
اعصابي ..عيناه تتحولان الى قطعتي زجاج وملامحه جامدة كتمثال
من خشب ولاشيء غير ذلك وينسحب في هدوء ليخرج او ينام في
غرفته ثم يغلقها .. لانه يخشى ان اطارده وتتفجر احزاني وتنهمر
دموعي ...واشعر بسياطه تهوى داخلي واهمّ ولكن كمن يتخبط في
ظلام سحيق ...تثقل قدميه قيود من حديد ...ثلاثة أطفال ..وهو لايحس
ولايشعر بهم بل في كثير من الاحيان ارى في عينيه الاحساس باللذة
لعذابي ويتركني للحيرة تلقيني بين ذراعين من الشكوك ... أحقا هو
كما يدعي مريضاَ بالسكر ؟ وهل أشير اليه بتعذيبي ، والى متى ؟
أن عشرات الاسئلة كانت تحطم راسي كل ليلة وتسبقني فوق
الوسادة ولا تبقى في انتظاري . بل تتعلق برأسي لتعيش داخله
طول اليوم ..أنني سوف أفقد شيئا هاماً لو أن حياتي أستمرت معه
سوف أفقد عقلي .. ومن أجل ذلك جئت أطلب الطلاق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق