سؤال مثل هذا وغيره يدفعني للبحث في خبايا الايام عن سعادة تطوق الكون كله
في لحظة كنا فيها معاً ، أنا وانت
دائماً انظر الى الايام وكأنها امرأة تضع حساباً لكل شيء وتملك دواليب كثيرة
وفي كل دولاب تخبيء شيئاً جميلاً ، فأذا ما أرادت أن تتيح للغير فرصة أن يروا
بعض سعادات قديمة ، أخرجت من تلك الخبايا بعض لحظات جميلة .. واعلنت
هكذا هي الايام .... ذكرى وحزن وسعادة وفرح وأشياء أخرى ... صور متلاحقة
هي حياتنا مخبأة في ذلك الدولاب وما علينا الا أن نستخرج ما نشاء وقت مانشاء
وهكذا أنا ، كلما يهزني الشوق اليك مثل شجرة صغيرة تهزها ريح الخريف ،
هرعت الى أزمنتي السعيدة أبحث فيها عنا ، نحن الاثنين .. وحين أبحر اليها حقاً
أجدني وكــأني أقرأ لأسطورة بابلية أو سومرية ، أو أيــة أسطورة تنهض من كتب التأريخ ..
ذات صباح يعبق بنسيم جميل ، كنت قد قررت أن أزرع خطواتي في الطريق المؤدية
اليك ... سرت في ذلك الشارع المطرز بحدائق أنيقة وورود متناثرة كان كل شيء يبدو
جميلا ، وفجأة وجدتني أمامك أمام عينيك ... رحت أتحدث اليك ولكن دون ان اقول
كلمة ، ورحت تسمعني بهدوء مثل ما أعتدت أن تسمعني في كل مرة ، قلت لك :
-- أشتقت اليك ... وسكت ...
ثم انهمر شوق أخر جديد مثل المطر ... أحببت صمتك الذي كان يغلف بركاناً من
الاسئلة والحنين والشوق .. اشتقت الى عينيك اللتين لم يخفت بريقهما ذات يوم ،
لأنهما عينان لم تعرفا غير الحب ...
قلت لي ، وقلت لك ، بصمت جميل .. كان كل من يرانا يوقن تماماً بأنه
أمام عاشقين من طراز خاص
ماأجمل ذلك الصباح .. في ذلك الصباح كنت أراقب كل واحدة تنظر اليك بعينين
جامحتين .. لم تدب الغيرة الى قلبي ، بل بالعكس كنت أشعر بأن الغيرة تستقر في
نظرات الأخريات ... شعور لايوصف بسعادة طاغية مثل موج البحر ...
مـــرّ زمن طويل .. وجاءت بي الايام الى حيث أنا الآن ، وأبتعدت بي الذكرى الى
ذلك الصباح الندي ، ولفرط سعادتي خلته أسطورة ..وربما هو كذلك حقاً ..لا
أدري ... فـــهـــل تـــدري أنــــت !؟!
أي بحر شاسع يفصل بين ذلك الصباح الجميل وبين شوقي اليك في هذه اللحظة ؟
بل أي بحار شــاســـــــعة
وطن أنت لقلبي الصغير ، فهل تدرك الغربة التي يعيشها قلبي من دون أن تكون معه ؟
اشتقت اليك ... مثل أشتياق النوارس لشاطيء البحر .. بالرغم من انك معي تسكن قلبي
وصورتك في عيني لم تفارقهما أبداً ، ولن تفعل ، وأحمل أسمك قلادة تطوق جيدي ..لكنني
أشتقت اليك